تبادل للشتائم بين الرئيس الأميركي ووزير خارجيته السابق
لم تشهد الإدارة الأميركية، على مدار تاريخها، تدهورا في التواصل بين رئيس البلاد وأحد وزرائه (السابقين)، مثل ما تشهده منذ الأشهر الأولى لتولي دونالد ترامب الرئاسة، حتى أن الأمر وصل إلى تبادل الشتائم بينه وبين وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون.
ووصف الأخير ترامب بـ”غير المنضبط” فردّ عليه الرئيس بأنه “غبي”، وعبّر في سلسة تغريدات عن غضبه من انتقادات وجهها إليه الرجل الذي كان قد عيّنه من قبل وزيرا للخارجية إدارته.
وعيّن تيلرسون في منصب وزير الخارجية في فبراير 2017، وفي مارس 2018، وفور عودته إلى الولايات المتحدة من رحلة دبلوماسية إلى أفريقيا، أعلن ترامب عن إقالة تيلرسون في تغريدة على تويتر بعد سلسلة خلافات علنية بينهما بشأن السياسات المتعلقة بكوريا الشمالية وروسيا وإيران. وإلى جانب هذه الخلافات، كانت علاقتهما متدهورة بسبب تقارير ذكرت أن تيلرسون وصف ترامب في أحاديث خاصة بأنه “أحمق”.
وما أثار غضب الرئيس الأميركي هو مقابلة أجرتها شبكة “سي.بي.أس” مع وزير الخارجية السابق الذي كان متحفّظا جدا منذ إقالته فجأة في مارس الماضي.
وكسّر تيلرسون صمته حول الأحداث التي أدت إلى إقالته، وقال في المقابلة، التي أجريت على هامش عشاء خيري بمسقط رأسه تكساس يوم 6 ديسمبر 2018، “وجدت صعوبة أنا الآتي من مجموعة إكسون موبيل المنضبطة جدا والصارمة جدا في عملها، في العمل مع رجل غير منضبط ولا يحب القراءة ولا يقرأ التقارير ولا يحب البحث في التفاصيل لكنه يفضل أن يقول هذا ما أفكر فيه”.
تيلرسون سئل عن سبب توتر علاقته بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، فقال إن ذلك ربما يرجع إلى أنه كان يخبره بأن هناك أشياء معينة لا يمكنه فعلها لأنها غير قانونية أو من شأنها انتهاك معاهدات أميركية. ووصفه بأنه غير منضبط ولا يقرأ تقاريره الإعلامية
ووصف تيلرسون الرئيس ترامب بأنه “غير منضبط، لا يحب القراءة، لا يقرأ تقاريره الإعلامية، ولا يحب الدخول في تفاصيل الكثير من القضايا”. وأضاف “كنت اضطر لأن أقول له ‘سيدي الرئيس أتفهم ما تريد أن تفعله، لكن لا يمكنكم فعله بهذه الطريقة، هذا يخالف قانونا وهذا ينتهك معاهدة’. كان هذا يثير استياءه إلى حد كبير”.
وتابع تيلرسون في حديثه مع الصحافي المخضرم بوب شيفر “أعتقد أن جزءا من ذلك يعود في الحقيقة إلى اختلاف أساليبنا بشكل صارخ”.
وأضاف “شعرت بإحباط كبير. أعتقد أنه سئم مني لكوني الرجل الذي يقول له كل يوم لا تستطيع فعل هذا، ودعنا نتكلم حول ما الذي نستطيع فعله”.
وصرح تيلرسون، الذي لم يلتق أبدا بترامب قبل أن يعينه وزيرا للخارجية، بأنه يعتقد أن روسيا حاولت بالفعل التدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016 من “أجل إضعاف الثقة”.
وقال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “يحسب للأمور بعناية”، ويلعب “لعبة شطرنج ثلاثية الأبعاد”، بما يعني أنه يستخدم إستراتيجيات سياسية متقدمة في التعامل مع القضايا.
وفي إشارة إلى تغريدات ترامب على تويتر، قال تيلرسون “سأكون صادقا معكم.. لقد كان أمرا مربكا بالنسبة لي أن يبدو أن الشعب الأميركي يريد معرفة مقدار ضئيل للغاية عن القضايا بحيث تكفيه 128 حرفا”.
وليست هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها تيلرسون عن ترامب، حيث سبق أن ندد في أول حديث له بعد أزم استقالته، بما وصفها بأنها “أزمة متنامية في الأخلاق والنزاهة” في الحياة السياسية الأميركية.
وقال تيلرسون، خلال خطاب بحفل تخرج في معهد فرجينيا العسكري في مايو الماضي، “إذا حاول قادتنا إخفاء الحقيقة أو عندما نصبح نحن كأفراد أكثر تقبلا لحقائق بديلة لم تعد تستند إلى الحقائق، فعندئذ سنكون نحن كمواطنين أميركيين في طريقنا للتخلي عن حريتنا“.
ولم يذكر تيلرسون، ترامب بالاسم خلال خطابه أمام طلاب بمعهد العسكري في ليكسنجتون بولاية فرجينيا، وكان متحفظا مقارنة بحديثه الأخير. وقال “إذا لم نواجه نحن كأميركيين أزمة الأخلاق والنزاهة في مجتمعنا وبين قادتنا في القطاعين العام والخاص – وللأسف في بعض الأحيان حتى في القطاع غير الربحي، فإن الديمقراطية الأميركية التي نعرفها تدخل سنوات انحطاطها”.
رد ترامب
ردّ ترامب مغرّدا أن “مايك بومبيو (مدير وكالة الاستخبارات المركزية الذي حل محل تيلرسون) يقوم بعمل رائع وأنا فخور جدا به”. وأضاف أن “سلفه ريكس تيلرسون لم يكن يتمتع بالقدرات العقلية اللازمة. كان غبّيا مثل صخرة وكان يفترض أن أتخلص منه بسرعة أكبر”، مؤكدا أنها “الآن بات اللعب بطريقة مختلفة كليا، وروح معنوية عظيمة في الخارجية وللدولة”.