إصلاحات المغرب تقفز بالاستثمارات الأجنبية لمستويات قياسية

يجمع محللون على أن الاستقرار السياسي والاجتماعي في المغرب شكل حجر الزاوية في القفزات المتتالية، التي حققتها الاستثمارات الخارجية منذ بداية 2018 وأعطى دفعة جديدة لتعزيز مناخ الأعمال بالبلاد الطامحة إلى بلوغ أعلى درجات استدامة الأعمال.

عكست البيانات الحديثة الصادرة عن مكتب الصرف المغربي بشأن ارتفاع الاستثمارات الخارجية منذ بداية العام الجاري مدى صواب رؤية الحكومة في دعم استقرار مناخ الأعمال في البلاد.

وبلغ تدفق الاستثمارات الأجنبية في الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، وفق البيانات الرسمية، نحو 30.5 مليار درهم (3.2 مليار دولار)، بارتفاع بلغ 41.9 بالمئة بمقارنة سنوية.

وعزا المكتب، في مذكرة حول المؤشرات الشهرية للمبادلات الخارجية لشهر أكتوبر هذا الارتفاع إلى زيادة الإيرادات بنحو 11.8 مليار درهم (1.16 مليار دولار) بنسبة أكبر من النفقات، التي بلغت 9.43 مليار درهم (952 مليون دولار).

وحسب أرقام المكتب، فقد حققت تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال السنوات الخمس الأخيرة، نسبة نمو سنوية بمعدل 9.7 بالمئة.

وشكلت سندات المشاركة، التي تعطي للمستثمر الحقّ في الفوائد الدورية، فضلا عن جزء من أرباح المنشأة المصدرة وذلك في حالات محدّدة، 74.3 بالمئة من مجموع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مقابل 61.8 بالمئة بمقارنة سنوية.

3.2 مليار دولار الاستثمارات الأجنبية في أول 10 أشهر من 2018 بارتفاع بلغ 41.9 بالمئة بمقارنة سنوية

ويرى خبراء أن الاستقرار الاقتصادي والمالي بالبلاد شكل بيئة مواتية للاستثمارات الأجنبية، حيث أنه يتيح للمستثمرين تطوير أعمالهم وبالتالي زيادة الأرباح وتكوين رأسمال دون مخاطرة.

وأشاروا إلى أن الانفتاح الاقتصادي على السوق العالمية يساهم في جذب الاستثمارات الخارجية، والذي يعبر عنه بنسبة الصادرات والواردات إلى الناتج المحلي الإجمالي من جهة، وزيادة المرونة في واردات السلع الاستهلاكية اللازمة للإنتاج والفرص المتاحة لتصدير السلع المنتجة من جهة أخرى.

وأكد نورالدين العوفي، أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس بالرباط لـ”العرب” أن الاستقرار السياسي والاجتماعي من أهم العوامل لجذب الاستثمارات الأجنبية للمغرب.

واعتبر الخبير الاقتصادي أن الحركية المتنامية والمتسارعة للاستثمارات أجبرت الرباط على توفير بيئة مُحفزة للأموال والأعمال، لإيجاد أرضية من الانسجام بين رجال الأعمال الأجانب من جهة وبين كافة الهياكل الإدارية في الدولة.

ويفيد التقرير الاقتصادي والمالي المرفق بمشروع ميزانية 2019 بأن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بلغت 2.7 مليار دولار العام الماضي، أي بارتفاع نسبته 23 بالمئة بمقارنة سنوية.

وأوضح التقرير أن الارتفاع جاء رغم التراجع الملحوظ للاستثمارات الأجنبية على الصعيد العالمي وانخفاض الاستثمارات المباشرة الأجنبية في أفريقيا بنسبة 21.5 بالمئة العام الماضي مقارنة بعام 2016.

وتظل فرنسا البلد المستثمر الأول بنسبة 27 بالمئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية التي استقبلها المغرب العام الماضي، فيما تأتي الولايات المتحدة في المركز الثاني بنحو 17 بالمئة.

وتأتي الاستثمارات الإماراتية والبريطانية على التوالي في الترتيب بنسبة تقدر بحوالي 10 بالمئة ونحو 6 بالمئة، وهناك مساع على أرض الواقع لزيادة استثماراتهما في المغرب.

نورالدين العوفي: تنامي الاستثمارات أجبرت الرباط على توفير بيئة مُحفزة للأموال والأعمال
نورالدين العوفي: تنامي الاستثمارات أجبرت الرباط على توفير بيئة مُحفزة للأموال والأعمال

ويؤكد العوفي أن المغرب دشن في الفترة الأخيرة استراتيجية تجارية واستثمارية جديدة تعتمد على تنويع أسواقه وتوسيع جغرافية استثماراته، وبالإضافة إلى تطوير علاقاته التجارية مع دول أفريقيا.

ويعتبر قطاعا الصناعة والعقارات أكثر القطاعات جاذبية للاستثمارات، ولذلك تركز السلطات على توفير كل الظروف لتعزيز دورهما في الاقتصاد المحلي.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن قطاع الصناعة تصدر استثمارات العام الماضي بنحو 13.5 مليار دولار، أي 40.7 بالمئة من مجموع الاستثمارات الخارجية، فيما حل قطاع العقارات ثانيا بتدفقات بلغت 7.4 مليار دولار، أي 22.2 بالمئة من إجمالي الاستثمارات.

ويقول اقتصاديون إن هناك آفاقا واعدة لاستقطاب هذا النوع من الاستثمارات خلال السنوات المقبلة للبلاد ولا سيما تعزيز استثمارات قطاعي الطاقة والصناعة.

وتعمل اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال التي تم إنشاؤها في ديسمبر 2009، على تحسين مناخ الأعمال عبر مراجعة ميثاق الاستثمار وتبسيط التشريعات المتعلقة به مع مواصلة الإصلاحات في القضاء والإدارة.

وبالإضافة إلى ذلك، تعكف اللجنة على تعزيز الجهود في هذا المضمار من خلال متابعة الاستثمارات المتعلقة بالبنية التحتية على مستوى الطرقات والموانئ والمطارات وخاصة ميناء طنجة المتوسط الذي يعد بوابة البلاد في حوض البحر المتوسط.

وسعت الرباط في السنوات الأخيرة من خلال الاستراتيجية التي وضعها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى استثمار علاقاتها مع الدول الأفريقية في إطار من الشراكة المتوازنة والمتكافئة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: