الشركات المغربية تدخل معركة الاختراقات الإلكترونية
دخلت الشركات المغربية في معركة طويلة المدى لمواجهة للاختراقات الإلكترونية، التي تعترض أنشطتها التجارية عبر الإنترنت، متسلحة ببرنامج حكومي يمتد حتى 2020 يدعم توجهاتها المستقبلية المتعلقة بالأساس بزيادة الإنفاق على توظيف كوادر متخصصة في أمن المعلومات.
تسعى الشركات المغربية وخاصة الصغيرة والمتوسطة إلى وضع قواعد صارمة تساعدها على مواجهة الثغرات الرقمية التي تواجه أنشطتها التجارية عبر الإنترنت.
ويتسلح قطاع الأعمال بخطة “المغرب الرقمي 2020” لربط أكثر من 20 بالمئة من الشركات الصغيرة والمتوسطة بالتكنولوجيا لتكون نواة صلبة تحمي تجارتها من الاختراقات الإلكترونية.
وتستهدف الحكومة في استراتيجيتها شركات المدفوعات الإلكترونية كذلك، وذلك لتفادي الخسائر المحتملة نتيجة القرصنة أو الجرائم الإلكترونية.
وأشارت دراسة حديثة لشركة كاسبرسكي الروسية أجرتها بالتعاون مع شركة أفيريتي أن نحو 91 بالمئة من مسؤولي الشركات المغربية يعتقدون بأهمية أدوات أمن تكنولوجيا المعلومات لحماية البيانات المهنية.
وأظهرت نتائج الاستطلاع الذي قامت به الشركتان أن حوالي 20 بالمئة من المستجوبين قالوا إنهم لا يحتاجون لتلك الأدوات وإنهم لم يستخدموها.
وكشفت الدراسة أنه تم تسجيل نحو 5 ملايين تنبيه في المغرب تتعلق بالبرامج الإلكترونية الخبيثة تم تنزيلها من الشبكة العنكبوتية في الفترة الممتدة ما بين يناير ومارس 2018.
ورجح باسكال ناودين، مدير مبيعات بي.2.بي في كاسبرسكي بشمال أفريقيا، أن يؤدي سلوك العاملين في التجارة الإلكترونية لتفاقم مخاطر وانتشار الفيروسات والبرامج الضارة الأخرى التي تهدد الشركات المحلية.
وتتوقع كاسبرسكي أن يضاعف المخترقون من تهديداتهم الرقمية العام المقبل، وقد تصل إلى شن هجمات مدمرة على الشركات المغربية.
ولهذا السبب شدد ناودين، على ضرورة التحسيس بالدور الرئيسي للأمن المعلوماتي، وهذا يمر بإجراء دورات تدريبية لمعالجة نقص المعرفة والكوادر المؤهلة في سوق العمل. وقال إن “هذا لن يحصل إلا بزيادة الاستثمارات في الأمن السيبراني لمواجهة تعقيد البنية التحتية المعلوماتية”.
وفعليا، يشكل الأمن السيبراني تحديا رئيسيا للحكومات والشركات والمنظمات، وقد زادت الشركات المغربية ميزانيتها على صعيد أمن تكنولوجيا المعلومات بنسبة 11 بالمئة قبل عامين، مقابل 4 بالمئة كمعدل في العالم.
ويعتقد أصحاب الشركات أن الوعي المجتمعي بخطورة الهجمات الإلكترونية لا يكفي لمواجهة التحدي المتمثل في حماية البيانات، ليبقى التدريب ضروريا، لا سيما وأن السوق المغربية تعاني من نقص كبير في الكوادر المؤهلة في هذا المجال.
ويعتقد خبراء تكنولوجيا التواصل والأمن المعلوماتي أن الشركات المغربية في هذا القطاع تواجه نقصا كبيرا في اليد العاملة وليس من المتوقع حدوث تحسن على المدى القصير.
ويقول يوسف بنطالب، مدير المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات والابتكار، إن الجريمة الإلكترونية تستغل ثغرات الأنظمة المعلوماتية وإهمال المخاطر التي ينطوي عليها استخدام الإنترنت، ما يعرّض الأنظمة والبيانات الحساسة للشركات وحتى الأفراد لمخاطر كبيرة.
ومن أجل تحسين فرص التوظيف، لا بد من دعم الشباب بالمهارات التجارية والتكنولوجية التي يبحث عنها أصحاب العمل اليوم، ولذلك من الضروري وضع برامج تدريبية أكثر توافقا مع فرص سوق العمل الحالية والمستقبلية.
وتقول إليغا فافان، المديرة العامة لكاسبيرسكي لاب أوروبا إن الجهات المشغّلة عليها أن تطوّر المهارات اللازمة للنجاح في الأمن المعلوماتي باستمرار لمواجهة الهجمات الرقمية المتزايدة.
وتواجه الشركات والمؤسسات المغربية ثلاثة تهديدات رئيسة هي الأكثر شيوعا على مستوى العالم، وهي الفيروسات والبرمجيات الخبيثة والسطو على البيانات، وهذه الهجمات يمكن أن تؤثر على أعمالها التجارية.
وتتصدر هجمات الفيروسات نقاط ضعف أمن الكيانات التجارية المغربية، فبحسب كاسبرسكي، تتضرر نحو 63 بالمئة منها بتلك الطريقة، في حين تصيب البرمجيات الخبيثة 21.4 بالمئة منها، وأخيرا تتعرّض حوالي 17 بالمئة من الشركات لفقدان بياناتها.
وتراهن الرباط على الاستثمار في قدرات الوصول للخدمات والابتكار والمهارات بالشراكة مع عمالقة التكنولوجيا بهدف تحقيق خطة “المغرب الرقمي 2020”.
وكان أمروتي عبدالله المدير الإقليمي لمبادرة “أفريكا فور”، التي أطلقتها مايكروسوفت قد أكد أن الشركة الأميركية “ستبقى شريكا ملتزما تماما بدعم هذه الجهود”.
ويؤكد عبدالله أن الشباب المغربي يشكّل مفاتيح التحول الرقمي لتطوير الشركات المحلية التي تبحث عن التحديث، أو من خلال تغيير الصناعات التقليدية من خلال نماذج الأعمال الجديدة التي يقدمونها.
وتعاونت مايكروسوفت العام الماضي، مع حاضنة الأعمال “تكنوبارك” لتزويد عدد من الشركات الناشئة في المغرب بخدمات الدعم التقني والبرمجيات السحابية مجانا.
ومن خلال برنامج تطوع الموظفين “ماي سكيلز فور أفريكا” تلقت 80 من المؤسسات الاجتماعية الدعم لبناء وإطلاق استراتيجيات اجتماعية لتنمية أعمالها بصورة فعّالة.