خطة مغربية للديمقراطية وحقوق الإنسان ترفع سقف حرية الصحافة
وضع الصحافيون ومختلف الفاعلين في المجال الإعلامي والحقوقي المغربي خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، على طاولة الحوار مستعرضين انعكاساتها على قطاع الصحافة والإعلام، وخلصوا إلى أنها تحقق مكاسب للحريات، لكن الحاجة لازالت ملحّة للقيام بالمزيد من الإصلاحات.
دافع مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، عما جاءت به خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، معتبرا أن هذه الخطة جاءت لتعزيز مفهوم التنظيم الذاتي لمهنة الإعلام، مشدّدا على أن الحكومة عزّزت المسار المرتبط بالحريات العامة وحق الحصول على المعلومة من خلال إقرار القوانين المتعلقة بها.
وجاء دفاع الخلفي خلال ندوة في المنتدى المغربي للصحافيين الشباب الذي نظم مساء الأربعاء بالرباط حول “موقع الإعلام في الخطة الوطنية للعمل في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان”. وشارك فيها وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، مصطفى الرميد، إضافة إلى ممثل من وزارة الثقافة والاتصال وحقوقيين وإعلاميين.
واعتمدت الحكومة المغربية في ديسمبر من العام الماضي، بشكل رسمي خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، ليصبح المغرب ضمن مصاف الدول التي وضعت تخطيطا استراتيجيا في مجال حقوق الإنسان، ويعد المغرب الدولة رقم 39 في العالم التي اعتمدت خطة عمل وطنية في مجال حقوق الإنسان، منذ انطلاق الفكرة في مؤتمر فيينا سنة 1993.
وتم اعتماد خطة العمل من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، بعد مسار تشاوري واسع، شارك فيه البرلمان والقطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات المهنية وجمعيات المجتمع المدني والجامعة.
وأفردت الخطة محورا فرعيا للإعلام، ضمن المحور الرئيسي الرابع الذي يتضمن عشرة تدابير إجرائية، ويهدف إلى رصد وتحصين المكتسبات في مجال ممارسة حريات التعبير والإعلام والصحافة وتكريس الحق في المعلومة.
ورسمت الخطة ثلاثة أهداف خاصة لهذه الإجراءات، هي تكريس الحماية القانونية للحق في التعبير والرأي وضمان الحق في المعلومة، والنهوض بثقافة حرية التعبير والإعلام، وتحصين حريات التعبير والصحافـة وتحديد القيود في نطاق الدستور وأحكامه.
ونبّه سامي المودني، رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، إلى وجود عدة نواقص متعلقة بمجال الإعلام في الخطة الوطنية للعمل في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، معتبرا أنه كان من الواجب تضمينها آلية لحماية الصحافيين، وضمان عدم متابعتهم بالقانون الجنائي في ما يتعلق بقضايا النشر.
وشدّد المودني على أن المهنيين في قطاع الإعلام مطالبون بالدفاع من أجل التطبيق الصحيح والسليم للخطة الوطنية، مؤكدا ضرورة فتح نقاش حول النقاط الخلافية التي لم تحسم فيها الخطة.
ومن جهته، اعتبر مصطفى الرميد أن مسؤولية النهوض بقطاع الصحافة والنشر صارت ملقاة بالأساس على المهنيين في هذا المجال، بعد استكمال النصوص القانونية المتعلقة بتنظيمه وكذلك انتخاب المجلس الوطني للصحافة.
الدعم الموجه لمختلف وسائل الإعلام ارتفع من 42 مليون درهم مغربي عام 2012 إلى 65 مليون درهم في 2018
وأكد على أن دور المهنيين في إصلاح القطاع يكون من خلال المجلس الوطني للصحافة الذي دعاه إلى ضرورة الإسراع في وضع ميثاق أخلاقي مهني لا سيما في ما يتعلق بالصحف الإلكترونية، مبرزا أن الدعم الموجه لمختلف وسائل الإعلام ارتفع من 42 مليون درهم عام 2012 إلى 65 مليون درهم (الدولار=9.5 درهم مغربي) في 2018.
وفي مداخلة، أكدت جميلة السيوري، رئيسة جمعية عدالة، أن من الأدوار الأساسية والمحورية للإعلام كعنصر مؤثر، المساهمة في التنمية والتوعية والترويج لثقافة حقوق الإنسان والديمقراطية، فكيف يمكن للصحافي أن يشتغل على هذه الأمور وغيرها وهو مقيّد، بالتالي لا بد للخطة أن تواكب ارتفاع سقف حرية التعبير ونشر الخبر وآلا تبقى حبيسة المنظور التقليدي.
وعلى هامش الندوة اعتبر الخلفي، أن على الفاعلين المدنيين القيام بتعزيز المناعة الذاتية لممارسة حرية التعبير، على أن تمارس هذه الحرية ضمن منطق المسؤولية.
وأضاف أن هناك تحديات ذات طابع وجودي مطروحة في مجال الصحافة أهمها توفر موارد بشرية مؤهلة، فضلا عن تعزيز ثقافة التحقق من الخبر، التي أصبحت مطلوبة للصحافيين كما هي للمواطنين الذين باتوا فاعلين في المجال بسبب انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن بين أهم التدابير التي جاءت في محور الإعلام ضمن خطة العمل من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، التعجيل بإصدار القانون المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات انسجاما مع الدسـتور والاتفاقيات الدولية. والإســراع في وضــع ميثــاق أخلاقيات مهنة الصحافة والإعلام بما في ذلك الصحافة الإلكترونية. وتعزيز الأخلاقيات المهنية في الممارسة الإعلامية. والنهوض بمعاهد التكوين في مجال الإعلام. إضافة إلى تعزيـز برامـج التوعيـة بشـأن مكتسبات وتحديات ممارسة حرية التعبيـر والإعلام والصحافـة والحق في الحصول على المعلومة.
وأكد مهنيون أنه يجب على مختلف الفاعلين المدنيين أن تتضافر جهودهم من أجل الدفاع أمام القطاعات الوزارية المعنية للعمل على تطبيق هذه التدابير، وبالخصوص الجمعيات المهنية والنقابات في قطاع الإعلام والهيئات الحقوقية المهتمة بحريات التعبير.وتساءلت السيوري عن التدابير التشريعية الأخرى التي تساهم في تقليص التحديات التي يعاني منها الصحافي اليوم ومنها حرية التعبير، مضيفة “يجب تحديد المدى والسقف الزمني لتحقيق وتنفيذ تدابير تلك الخطة”.
ولم تنص الخطة على عدم متابعة الصحافيين بموجب القانون الجنائي في قضايا النشر، عوض قانون الصحافة، رغم أنه مطلب تنادي به الجمعيات الحقوقية والنقابات العاملة في قطاع الإعلام والجسم الصحافي.
وحسب منظمي الندوة، فإن العلاقة بين الإعلام وخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، لا تقتصر فقط على الدفاع من أجل تفعيل التدابير المشار إليها في محور حريات التعبير والإعلام والحق في الوصول إلى المعلومة، وإنما أيضا على دور الصحافة في المواكبة وتتبع إجراءات وتفعيل التدابير الواردة في كل محاور الخطة.