مدريد تتهم بروكسل بالخيانة وتهدد بعرقلة اتفاق بريكست
اتهمت إسبانيا الاتحاد الأوروبي بالخيانة بسبب المسألة الحدودية في جبل طارق، وهددت بإفساد المرحلة الأخيرة من محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل انعقاد قمة التوقيع مطلع الأسبوع المقبل، فيما أعربت برلين عن دعمها للاتفاق وتفاؤلها بانسحاب منظم لبريطانيا، ما يمثل جرعة دعم لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي تواجه انتقادات داخلية حادة.
وذكر وزير الدولة الإسباني لشؤون الاتحاد الأوروبي لويس ماركو أجويريانو، أنه تم تغيير نص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “تحت جنح الليل وبطريقة غادرة” دون علم إسبانيا.
وهدد رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الذي يكافح محليا ويواجه انتخابات إقليمية في ديسمبر، “باستخدام النقض (الفيتو) ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي” إذا لم تحصل البلاد على حق السيطرة على جبل طارق، وهي منطقة متنازع عليها، حيث يعتبر مراقبون أن جبل طارق يوحد الإسبان أكثر مما يوحد البريطانيين ومن المنطقي أن يصر سانشيز على رأيه.
وتقع منطقة جبل طارق على الساحل الجنوبي لإسبانيا، وكانت تعد منطقة بريطانية خارجية منذ عام 1713، حيث تزعم إسبانيا أكثر من مرة أحقيتها في منطقة جبل طارق.
ومن المقرر أن تصادق بقية دول الاتحاد الأوروبي الـ17 على اتفاق الخروج الذي توصلت إليه بروكسل ولندن الأسبوع الماضي خلال قمة خاصة الأحد، كما من المتوقع أن تسفر القمة عن إعلان سياسي يحدد العلاقة المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
وتقول إسبانيا إن مشروع الاتفاق الحالي لا يوضح ما إذا كانت المفاوضات المستقبلية بشأن العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي سوف تتم بصورة منفصلة عن المفاوضات حول وضع جبل طارق.
وتضغط إسبانيا من أجل تغيير الصياغة الواردة في اتفاق الانسحاب، مع توضيح دورها في أي مفاوضات مقبلة بشأن جبل طارق، ومع ذلك، لا تريد الدول الأعضاء الأخرى إعادة فتح الملف المكون من 585 صفحة.
ولا يحق لبلد واحد أن يمارس حق النقض ضد هذه العملية في أي مرحلة، ولكن ما زالت هناك مخاطر من حدوث اضطرابات قليلة بعد الأحد.ومع ذلك، فإن إسبانيا ليست الدولة الوحيدة التي تشعر بالانزعاج من الطريقة التي تم بها التعامل مع هذه العملية، فيما فوجئت الدول الأعضاء بمدى سرعة تحرك الأمور الخميس، حيث تعجلت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، لإنجاز الأمور.
وأعلن رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك ورئيس المفوضية جان كلود يونكر أنه “قد تم التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ على المستوى السياسي”، كما جاء في نص تداوله مفاوضو اللجنة، حيث اعتقد سفراء أن الوثيقة لا تزال مسودة مفتوحة حينما التقوا في اجتماعات خلف الأبواب المغلقة في بروكسل.
قبيل قمة الاتحاد الأوروبي الطارئة بشأن خروج بريطانيا من عضوية التكتل، راهن وزير المالية الألماني أولاف شولتس على خروج بريطانيا على نحو منظم من التكتل الأوروبي.
وقال شولتس في تصريحات لصحيفة “باساور نويه بريسه” الألمانية الجمعة إن ألمانيا مستعدة أيضا لخروج غير منظم لبريطانيا من الاتحاد، مضيفا “نحن مستعدون بدقة تامة لكلا السيناريوهين، الخروج المنظم وغير المنظم. كلاهما يضعنا أمام تحديات، لكننا نستطيع التغلب عليها وسنتغلب عليها”.
ورغم أن نص الاتفاق الذي أمضت عليه بريطانيا والاتحاد الأوروبي يحدد أسس شراكة واعدة وموسعة في مجالات التجارة والسياسة الخارجية والدفاع والأمن، إلا أن البريطانيين والأوروبيين على حد السواء يتأهبون لمتابعة تداعيات الانسحاب، أولا من خلال مراقبة الفترة الانتقالية التي يمكن أن تمدّد إلى نهاية 2022 أو لما سيترتب من صعوبات في وجه بريطانيا عقب نهاية الفترة الانتقالية في ظل ما أثير من مشاكل ستعانيها بريطانيا بسبب اتفاق بريكست.
وعلاوة على صعوبات الفترة الانتقالية بما أن بريطانيا ستجد نفسها مجبرة على تطبيق لوائح وإجراءات الاتحاد الأوروبي دون أن يكون لها حق التصويت كعضو فيه، فإن مراقبين يؤكدون أيضا أن اقتصاد المملكة المتحدة سيمنى بخسائر متعددة الأوجه بحيث يصعب حتما تحقيق نمو سريع في أعقاب فقدان مزايا الشركاء الأوروبيين، هذا إلى جانب خسائر تتعلق بنفوذها السياسي والعسكري لأن مجرد مغادرة الاتحاد الأوروبي تعني فقدان مقومات التأثير القوي في رسم السياسات الدولية.
ويمثل التهديد الإسباني عقبة جديدة في طريق رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي تواجه معارضة داخلية قوية من داخل ائتلافها الحاكم لاتفاق بريكست، حيث يهدد الحزب الوحدوي الديمقراطي الأيرلندي الشمالي، الذي يدعم حكومة الأقلية، بالتصويت ضدّ الاتفاق داخل البرلمان البريطاني.
و أكدت ماي الثلاثاء، أن اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي “رائع” بالنسبة لأيرلندا الشمالية، على الرغم من معارضة الحزب الديمقراطي الوحدوي للاتفاق. وكتبت ماي في صحيفة بلفاست تلغراف، الصحيفة الأبرز في أيرلندا الشمالية “مشروع الاتفاق الذي تم نشره الأسبوع الماضي يحمي الوظائف والكيانات الاقتصادية ويبقينا في أمان، ويحمي اتحادنا مع احترام نتائج الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي أجرى في 2016”.
وتأتي مقالة ماي عقب رفض نواب الحزب الديمقراطي الوحدوي العشرة دعم حكومة المحافظين ذات الأقلية في عدد من إجراءات التصويت غير الحاسمة في البرلمان الاثنين.
ويتهم الحزب الديمقراطي الوحدوي، الذي يدعم حكومة المحافظين في عمليات التصويت الرئيسية، ماي بانتهاك “إحدى الاتفاقيات الأساسية” بين الحزبين.
وقال المتحدث باسم الحزب سامي ويلسون إن ماي خلفت وعدها بشأن التفاوض حول الاتفاق بالنسبة للمملكة المتحدة بأكملها، وتجنب أي معاملة مختلفة لأيرلندا الشمالية.