“في بلادي ظلموني”.. صيحة جمهور مغربي تدوي في العالم الرقمي
“في بلادي ظلموني” أغنية بمضمون سياسي اجتماعي، صدحت بها بصوت واحد حناجر الآلاف من جماهير ‘الرجاء البيضاوي’ المغربي لكرة القدم، فهزّت مدرجات ملعب الدار البيضاء حتى وصل صداها العالم العربي.
وتظهر مقاطع الفيديو المصورة جماهير الرجاء البيضاوي تردد بشكل جماعي خلال إحدى مباريات الفريق أغنية بعنوان “في بلادي ظلموني”، التي تعبر من خلالها عن معاناتها ومعاناة شرائح اجتماعية من المغاربة، وتطالب بتحسين أوضاعها، وتأمين حياة أفضل لها.
وتداولت الأغنية العشرات من الصفحات والشخصيات الشهيرة، وتخطى عدد مشاهداتها بضع الملايين، مع الآلاف من التعليقات التي تناقش مضامين الفيديو.
وأيقظت الأغنية، حماس مشجعي الفرق الأخرى في عدد من الدول العربية، حيث شاركوها على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي. وأكد المئات من المعلقين أن الأغنية تحمل رسالة “الوجع الواحد في بغداد والشام مرورا بالقاهرة حتى الرباط”، مؤكدين تقاسم نفس الهموم في بلدانهم، ومعتبرين أن أهازيج “المصير المشترك” لخصت حال شباب الوطن العربي كله وليس المغرب فقط.
وصنف الفيديو خلال اليومين الماضيين ضمن الأكثر انتشارا عربيا، حيث هتف 50 ألف مشجع رجاوي في لحظة واحدة بـ”لسان حال كل الشعوب المظلومة، بوصفها أصوات نبض شعوب المنطقة”.
وتبدأ كلمات الأغنية بالقول “أوه أوه أوه، لمن نشكي حالي، الشكوى للرب العالي، أوه أوه أوه، هو اللي داري (هو الذي يعرف)”.
كما تقول “فهاد (في هذه) البلاد عايشين في غمامة، طالبين السلامة، انصرنا يا مولانا”. وتضيف “صرفوا علينا حشيش كتامة (صرفوا علينا القنب الهندي الذي يوجد بمدينة كتامة المعروفة بزراعة الحشيش) خلاونا كي اليتامى نتحاسبو في القيامة (تركونا مثل اليتامى وسنتحاسب يوم القيامة)”. وتستطرد “مواهب ضيعتوها (ضيعتم المواهب)… كيف بغيتو تشوفوها (كيف تريدون أن تروها).. فلوس البلاد كع كليتوها (أكلتم أموال البلاد)، للبراني عطيتوها (أعطيتموها للأجانب)”. وتختتم الأغنية كلماتها بـ”أوه أوه أوه.. توب علينا يا ربي”.
وغصت مواقع التواصل الاجتماعي بالآلاف من تعليقات الإشادة بكلمات الأغنية، حيث كتب معلّق يدعى عمر عمرو “آه يا أمتي كل شعوبك مقهورة”.
وقال حساب يدعى أحمد محمد سرحان إن “كلمات ‘في بلادي ظلموني’ تحكي حالنا كلنا كعرب وتحسسك بقشعريرة غريبة بأنك مظلوم ونفسك أن ترى مصيرك ومستقبلك اللذين تتمناهما ولا تجدهما”.
وبمشاعر حزينة علق باسل محسن في حسابه “سمعتها كثيرا وأكاد أبكي.. الألم واحد حتى لو اختلفت اللهجة.. أن تكون حرا هدف لا يفهمه العبيد”.
وتأتي هذه الأغنية في وقت تشهد فيه مناطق بالمغرب، وبينها منطقة الريف (شمال)، احتجاجات على نحو متقطع تطالب بالتنمية وفرص عمل، فيما نظمت فئات أخرى من موظفي القطاع العام مظاهرات للمطالبة بتحسين ظروف العمل ورفع الرواتب.
وتقول الحكومة المغربية إنها تبذل جهودا متواصلة لتنمية المناطق التي تشهد احتجاجات، وأنها خصصت بالفعل موارد إضافية لها ستسهم في توفير فرص عمل لقاطنيها.
ويعتبر جمهور فريق الرجاء البيضاوي، عنصر قوة للفريق الأخضر، ويطلق على فريقه “الرجاء العالمي”.
وفي وقت سابق، صنفت قناة “عالم الألتراس” في يوتيوب، (من بين أشهر قنوات الجماهير الرياضية) جمهور نادي الرجاء البيضاوي في المرتبة الثالثة في قائمة أفضل الألتراس في العالم.
ويعتبر جمهور الرجاء من أهم الألتراس بالبلاد، خصوصا أنه ترك بصماته عقب بعض المباريات السابقة من خلال تنظيف المدرجات، والدفاع عن قضايا الوطن والأمة في عدد من المبادرات والتي كان آخرها “في بلادي ظلموني”.
وكانت جماهير نادي الرجاء الرياضي خطفت الأضواء الأسبوع الماضي، خلال المباراة التي فاز فيها فريقها بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد على حساب المغرب التطواني بالجولة الـ12 من منافسات الدوري المغربي لكرة القدم، بعدما عبرت عن غضبها جراء تفشي ظاهرة البطالة.
وكتب مشجعو الرجاء بسخرية كبيرة على لافتة تم تعليقها بالمدرجات “معدل البطالة في انخفاض”.
وتمثّل المناسبات الرياضية فرصة للجماهير لكي تُخرج مكبوتاتها وتُظهر حساسياتها، فتستغل حالة التحشيد في المدرجات للتعبير الصريح عن أفكار لا تعبّر عنها عادة أو لا تجرؤ على ذلك.
وعندما يختار المشجّع فريقه، لا يقوم بذلك انطلاقا من معايير فنية فقط. يختار فريقا يسمح له بالتعبير، من خلال تشجيعه، عن آرائه السياسية أو الاجتماعية. ولا يحدث ذلك فقط في البلدان التي تغيب عنها المنافسة السياسية والتي لا تعرف شعوبها صناديق الاقتراع.
ومثلت تونس البوابة الأولى لهذه الظاهرة، وتُعدّ مجموعة “أفريكان وينّرز” المشجعة للنادي الأفريقي، التي ظهرت عام 1995، أول مجموعة في تونس والعالم العربي، لكنها كانت رابطة للمشجعين، ولم تكن تتبنى فكر الألتراس.
وتكون أول ألتراس رسمي في تونس، من محبي الترجي الرياضي، في 2002. وبعد تونس انتشرت ثقافة الألتراس في الجزائر والمغرب ومصر وبعدها انتشرت عربيا.