السعودية تعترف بـ«تجزيء» جثة خاشقجي وتحاول تبرئة بن سلمان بتنسيق أمريكي وتركيا ترفض إنهاء القضية
عبر تقديم رواية «متناقضة» سعت السعودية، أمس الخميس، لتبرئة ولي العهد محمد بن سلمان، من قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي، بتواطؤ واضح من الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات على شخصيات سعودية بينها أعضاء في الفريق الذي نفذ عملية القتل، واعتبرت التحقيق السعودي «خطوة أولى جيدة في الطريق الصحيح» في تطور اعتبره مراقبون تنسيقا مع الرياض.
فبعد يوم واحد من تهديد تركيا بتحويل ملف قتل خاشقجي إلى المحاكم الدولية، اعترفت النيابة العامة السعودية بـ«تقطيع» جثة خاشقجي عقب مقتله داخل القنصلية في إسطنبول، في اعترافات جديدة حاولت تبرئة ولي العهد محمد بن سلمان، ما دفع تركيا للتأكيد على أن «القضية لن تغلق بهذا الشكل»، وذلك بالتزامن مع استعدادات واسعة في إسطنبول وعدد من العالم العالمية لإقامة صلاة الغائب على روح خاشقجي، وإعلان أبنائه تلقي العزاء من الجمعة إلى الأحد في مدينة جدة السعودية.
واشنطن تفرض عقوبات على 17 متهما وكندا تدرس اتخاذ اجراء مماثل وفرنسا تطالب بـ«الشفافية» وبريطانيا تريد محاسبة المسؤول… وأبناؤه يعلنون استقبال العزاء اليوم
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على 17 سعودياً، من ضمنهم سعود القحطاني ومحمد العتيبي وماهر المطرب، وذلك بموجب قانوني ماغنيتسكي، فيما طالبت فرنسا المدعي العام السعودي بالتزام الشفافية في التحقيقات
وفي مؤتمر صحافي عقد في الرياض، أعلن المتحدث باسم النيابة العامة السعودية شلعان الشلعان أن من أسماه بـ«رئيس فريق التفاوض» هو من أمر بقتل خاشقجي، وذلك في محاولة لنفي أي صلة لبن سلمان في إصدار أوامر قتل خاشقجي، وذلك بعدما حاول إبعاد تهم القتل وإصدار الأمر المباشر بالقتل عن المستشار السابق في الديوان الملكي (سعود القحطاني) والنائب السابق لرئيس جهاز المخابرات (أحمد عسيري).
وبرز هنا تناقض كبير في الرواية السعودية ، فإذا كان رئيس فريق التفاوض هو من قرر القتل لماذا أحضر معه الفريق على ما كشفت اتسريبات أدوات تنفيذ العملية بينها المنشار، ما يدلل أن قرار القتل اتخذ من قبل في اللمملكة.
وكشفت النيابة السعودية عن توقيف 3 متهمين جدد بخلاف الـ 18 السابق الإعلان عن توقيفهم، وأنه تم توجيه التهم إلى 11 منهم وإقامة الدعوى الجزائية بحقهم، وإحالة القضية للمحكمة. ولفت المتحدث إلى طلب نيابة بلاده بـ«قتل من أمر وباشر جريمة القتل منهم وعددهم 5 أشخاص وإيقاع العقوبات الشرعية المستحقة على البقية»، دون إعلان أسمائهم ووظائفهم.
وحاولت النيابة رمي الكرة في الملعب التركي من خلال مطالبة أنقرة بتزويدها بـ«الأدلة والقرائن التي لديهم ومنها أصول كافة التسجيلات الصوتية التي بحوزتها المتعلقة بهذه القضية، وأن يتم توقيع آلية تعاون خاصة بهذه القضية مع الجانب التركي الشقيق لتزويدهم بما تتوصل له التحقيقات من نتائج».
وقالت النيابة إن «أسلوب الجريمة وهو عراك وشجار وتقييد وحقن المواطن المجني عليه بإبرة مخدرة بجرعة كبيرة أدت إلى وفاته»، قبل أن تعود لطرح قضية «المتعاون المحلي الذي اخفى الجثة»، بعد إعلان ونفي هذه الرواية أكثر من مرة في السابق، وأعلنت النيابة أنها ستسلم للجانب التركي «صورة تشبيهية» للمتعاون.
وطالبت فرنسا أمس بالمزيد من الشفافية في التحقيقات. وقالت الحكومة البريطانية إنها ترغب بأن ترى محاسبة المسؤولين عن عملية القتل المروعة للصحافي السعودي، ورحبت كندا بالعقوبات الأمريكية على سعوديين وتدرس إجراءات مماثلة، فيما قال وزير الخارجية التركي مولود جاوويش أوغلو في أول رد تركي على الرواية السعودية، إنها «غير مرضية»، مطالباً بـ«الكشف عن الذين أمروا بقتل خاشقجي والمحرضين الحقيقيين وعدم إغلاق القضية بهذه الطريقة»، لافتاً إلى أن نظيره السعودي عادل الجبير هاتفه، أمس الخميس، وجدد التأكيد على ضعف الرواية السعودية، وأن قتل خاشقجي وتقطيع جثمانه تم بمخطط مسبق. كما طالب بمحاكمة المتهمين في تركيا وبموجب القوانين التركية، وذلك وفقاً لمعاهدة فيينا، وتساءل مجدداً: «أين جثة خاشقجي؟».
لكن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير رفض، الخميس، الطلب التركي بإجراء تحقيق دولي في القضية، وقال: «هذا أمر مرفوض، السعودية لها جهاز تحقيق»، مضيفا «القضية الآن أصبحت قضية قانونية ويتم التعامل معها من قبل القضاء في السعودية»، متهماً الإعلام التركي والقطري بـ«شن حملة شرسة ضد المملكة».
وبينما يستعد نشطاء ومؤسسات عربية وإسلامية عالمية إلى إقامة صلاة الغائب على روح خاشقجي في إسطنبول وعواصم عالمية، عقب صلاة الظهر اليوم الجمعة، أعلن صلاح خاشقجي، نجل الصحافي السعودي استقبال العزاء في والده، في مدينة جدة في السعودية من اليوم الجمعة وحتى الأحد، في خطوة رآها مراقبون تمت بطلب رسمي لإنهاء القضية.