مزبلة مديونة ( ميريكان) : قنبلة موقوتة تهدد حياة آلاف السكان .
في الصباح أو بعد الغروب، إن هبت نسمات غربية لطيفة محملة ببرودة مياه البحر على سكان مدينة الدارالبيضاء ، فإنها تستثني القاطنين بجهة بوسكورة و مديونة ، هؤلاء لا يصلهم إلا رياح مشبعة بالروائح الكريهة وأسراب البعوض والذباب، فالشمس هناك تشرق على أحد أكبر مكبّات النفايات في الدارالبيضاء .
يجاور مكب النفايات، الذي تحول إلى ما يشبه سلسلة تلال عملاقة، برك لتجميع مياه الصرف الصحي غير المعالجة، وهي تغرق المنطقة المحيطة بالحشرات والقوارض.
ويتسبب تسرب هذه المياه الملوثة إلى باطن الأرض بتلويث حوض المياه الجوفية، المصدر الرئيس لمياه الشرب وري المزروعات بالمنطقة .
هناك ما يزيد عن 120 ألف طن من النفايات الصلبة بمزبلة مديونة ، وهذه الكمية تزداد يومياً”.
لعل أكثر ما يزيد خطر التلوث في المنطقة هو أن المدينة تُعتبر سلة خضروات الدارالبيضاء ، فأراضيها الزراعية خصبة وتشتهر بزراعة خضروات عديدة. و غابة بوسكورة تشكل المتنفس الوحيد للسكان و الغابة الوحيدة التي تزود المدينة بالاوكسجين
فلازال البيضاويون ينتظرون إخراج المطرح العمومي الجديد إلى الوجود، وإصدار قرار نهائي بإعدام «زبالة مديونة» التي تحولت إلى قنبلة موقوتة، بسبب ملايين الأطنان من النفايات التي تلقى فيها، رغم وصولها إلى حالة الامتلاء الكلي، وفق المعايير الوطنية والدولية، منذ ست سنوات. فما الذي يجري بالضبط في هذا الملف؟ ومن يعرقل مشروع إنشاء مطرح جديد بمنطقة المجاطية؟ وما هي الأخطاء بالضبط التي ارتكبها مجلس المدينة في تدبير ملف معقد وتستغلها الشركة المستفيدة من عقد التفويض للضغط عليه؟
وحسب مصادر، فإن استمرار استعمال البنيات التحتية للمطرح العمومي ، أحدث أضرارا بالفرشات المائية، وزحفت وديان من «عصير» الأزبال غير المعالجة على الأراضي المجاورة، بل تشكلت في الآونة الأخيرة بحيرات جديدة من المياه العطنة والحاملة كل الأمراض والأوبئة المحتملة، وبدأت في الزحف على الجهة المقابلة للطريق الرئيس المؤدي إلى برشيد وســــــطات.
واعتبرت فعاليات جمعوية تعنى بالمجال البيئي أن المياه العادمة المتسربة من المطرح العمومي هي قنبلة موقوتة، وقابلة للانفجار في أية لحظة بفعل توفرها على مواد ثقيلة وعضوية، قادرة على تهديد سلامة الإنسان والحيوان والزرع، والمياه الجوفية التي تضررت كثيرا بسبب تسرب هذه المياه إلى عمق الآبار٬ وقضائها بشكل نهائي على جودة المياه الباطنية، وإحراقها للعديد من الكائنات الحية، والعديد من الأراضي الفلاحية المجاورة كأراضي «ملوك» المقابلة للمطرح العمومي من جهة الطريق الرئيسية.
ولم تفهم العديد من المصادر مهتمة بتدبير الشأن المحلي عدم اختيار مفرغ جديد بمساحة شاسعة وفي مكان مناسب بعيدا عن السكان ، والاكتفاء بمشروع مفرغ جديد بجوار المطرح الحالي لا تتجاوز مساحته 35 هكتار ، والذي تم فرضه من طرف مجلس المدينة ، ورغم دلك فالشركة المكلفة بتدبير المطرح العمومي لم تستثمر فيه بعد، تحت ذريعة قلة السيولة المالية ، رغم أن أرباحها فاقت كل التوقعات على امتداد سنوات خلت كما هو مبين في تقارير المجلس الأعلى للحسابات، ولم تستبعد نفس المصادر في أن يكون عدم توصل الشركة المذكورة بمستحقاتها، هو السبب في عدم الشروع في تهيئ المطرح العمومي الجديد ،واقتناء آلياته الضرورية مؤجلين دلك إلى حين التوصل بباقي المستحقات .