بن كيران يبحث عن معركة سياسية مع أخنوش تعيده إلى الأضواء
يصر الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية المغربي عبدالإله بن كيران على اختلاق معركة سياسية مع شريك حزبه في الحكم التجمع الوطني للأحرار وزعيمه عزيز أخنوش. ويكتنف الغموض هدف بن كيران من وراء هذا الهجوم إلا أن مراقبين يرون أنها محاولة للعودة إلى الأضواء بعد ما تمت إقالته من رئاسة الحكومة واستبعاده من الأمانة العامة للحزب.
وحذر عبدالإله بن كيران، من بعض الأفراد (لم يسميهم) الذين يعملون على تفكيك بلاده. جاء ذلك خلال كلمة له في وقت متأخر ليلة الخميس، في لقاء حزبي بالرباط، تم بثها عبر تقنية المباشر بمنصة التواصل الاجتماعي فيسبوك. وقال بن كيران “هناك بعض المساخيط (يطلق على الأفراد الذين لا يبرون آباءهم ) يعملون على تفكيك الدولة، لا قدر الله”.
وحذر أن “هناك معارضين نيتهم سيئة وسلبية ومن الممكن أنهم يعملون مع جهات أجنبية وطال الزمن أو قصر سيفضحون”. وأوضح أن “الله لن يمكنهم من هذا البلد، ما دام الشعب متمسك بالمرجعية الإسلامية ووحدة الوطن وبالملكية”. ولفت إلى أن “العاهل المغربي الملك محمد السادس كان له دور كبير في إنقاذ بلاده من الهلاك، إبان الربيع العربي، بسبب الإجراءات التي أعلن عنها آنذاك، مثل إصلاح الدستور وتنظيم انتخابات مبكرة”.
ودعا بن كيران، وزير الفلاحة المغربي، عزيز أخنوش، إلى ترك السياسة والتفرغ لأعماله ومشاريعه. وبدأت أزمة داخل أحزاب الأغلبية الحكومية، عقب ما راج حول “الغياب الجماعي” لوزراء حزب “التجمع الوطني للأحرار” (يمين) برئاسة أخنوش، عن اجتماع مجلس الحكومة في 8 فبراير الماضي، والذي اعتبر “مقاطعة”.
ترحيب عربي وأممي بمبادرة المغرب لإنهاء الخلافات مع الجزائر
القاهرة – رحبت الجامعة العربية، الخميس، بدعوة المغرب إلى تأسيس لجنة مشتركة مع الجزائر؛ لبحث الملفات “الخلافية” العالقة، داعية لحتمية التعاطي بإيجابية معها.
وقال أحمد أبوالغيط، الأمين العام للجامعة، في بيان إنه يرحب بما جاء في خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس، بالدعوة لاستحداث آلية سياسية مشتركة للحوار المباشر بين بلاده والجزائر، بهدف تجاوز أي خلافات. وأكد أبوالغيط، على “حتمية التعاطي بإيجابية مع الأطروحات الرامية لتقريب الرؤى بين البلدين”.
والأربعاء قال ستيفان دوغريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن “أنطونيو غوتيريش يساند الحوار بين المغرب والجزائر، ويرحب بالآلية التي أعلنها العاهل المغربي”.
ودعا الملك محمد السادس، مساء الثلاثاء الجزائر إلى تأسيس لجنة مشتركة، لـ”دراسة جميع القضايا المطروحة بكل صراحة وموضوعية (…) ودون شروط أو استثناءات”. وشدد على أن الرباط “مستعدة للحوار المباشر والصريح مع الجزائر الشقيقة، لتجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين”.
ويمثل النزاع حول إقليم الصحراء أحد الملفات الخلافية بين الجارتين. وتصر الرباط على أحقيتها في الإقليم، وتقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، بينما تطالب “البوليساريو” باستفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر.
وجاءت هذه “المقاطعة” بعد تصريحات بن كيران، رئيس الحكومة السابق التي أدلى بها في الثالث من فبراير الماضي.
وانتقد بن كيران في تلك التصريحات أخنوش، قائلا “أحذرك أن زواج المال والسلطة خطر على الدولة”، في إشارة إلى أن الأخير يعتبر أيضا من رجال الأعمال البارزين بالبلاد.
لكن عزيز أخنوش خرج بعد فترة لينفي ما تردد من أنباء بشأن الأزمة الحكومية، وأن يكون وزراؤه (بالحزب) قد تعمدوا مؤخرا، إلى مقاطعة المجلس الحكومي، الذي يترأسه رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أمين عام حزب العدالة والتنمية الإخواني.
“وقال لو حصلت مقاطعة كنا أعلنا ذلك لأننا لا نخشى من مواقفنا، بل هي تأويلات فقط”. وأضاف “كانت لنا سفريات وانشغالات، ولم تكن مقاطعة”. وأشار إلى أن حزبه “يُساهم في الحكومة، ويثق في العثماني، ويتعاون معه حتى تمضي الحكومة لنهاية ولايتها”. ويضم الائتلاف الحكومي أحزاب العدالة والتنمية (124 مقعدا من أصل 395)، والتجمع الوطني (37 مقعدا)، والحركة الشعبية (27 مقعدا)، والاتحاد الاشتراكي (20 مقعدا)، والاتحاد الدستوري (19 مقعدا)، والتقدم والاشتراكية (12 مقعدا).
ويمثل حزب “التجمع الوطني للأحرار”، الشريك الأقوى في الائتلاف بـ7 وزراء من أصل 38 وزيرا. ويقول مراقبون إن هجوم بن كيران المتكرر على أخنوش يهدد استمرار التحالف الحكومي القائم، ويعمق الخلافات المشتعلة بين الحزبين.وخرجت هذه الخلافات إلى العلن الفترة الماضية، عندما ألمح التجمع الوطني للأحرار إلى دور للعدالة والتنمية في الحملة الشعبية التي شهدها الصيف الماضي.
وتحدث عزيز أخنوش في سبتمبر الماضي عن ضربات قال إن حزبه تلقاها، “نحن صامدون لأننا مؤمنون بمشروعنا، وكيفما كانت الضربات سوف تزيدنا قوة في إيماننا بأن النجاح ممكن”. وأكد عزيز أخنوش أن “المعركة التي تهمنا هي تحقيق العيش الكريم وأعداؤنا الحقيقيون الفقر والهشاشة والبطالة وهذه هي التحديات التي تجعلنا لا نتراجع لا اليوم ولا غدا ولا السنوات المقبلة لأن على عاتقنا مسؤولية الأمل الذي زرعناه في قلوب المواطنين بخلق مليوني فرصة شغل”.
ورغم أن قيادات حزب الأحرار اكتفت بالتلميح ولم تتهم أي جهة بالوقوف وراء هذا الهجوم، إلا أن حزب العدالة والتنمية رد على هذه التصريحات بكثير من الاستهجان.
وتهكم خالد البوقرعي، القيادي في حزب العدالة والتنمية على تصريحات حزب الأحرار شريكهم في الائتلاف الحكومي قائلا “هذه التصريحات دليل على وفائهم للتحالف مع حزب العدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة ويشاركون فيها بعدد من الوزراء”.
ويرى متابعون للشأن السياسي أن هذه الخلافات هي بمثابة معركة انتخابية مبكرة بين الحزبين، خاصة وأن التجمع الوطني للأحرار بات يقدم نفسه كمنافس أول لحزب العدالة والتنمية، متجاهلا حزب الأصالة والمعاصرة أكبر أحزاب المعارضة والذي فاز بالمرتبة الثانية خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وفشلت عدة محاولات لبن كيران من أجل العودة إلى الأضواء، كان آخرها فشله في الوصول إلى رئاسة حركة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوي لحزب العدالة
والتنمية. واعتبر مراقبون حينئذ أن فشل بن كيران في الوصول لرئاسة الحركة يشير إلى أنه بات محصورا في مربعات سياسية لا يستطيع تجاوزها، لافتين إلى أن فرصته في الاستمرار في المشهد تزداد ضيقا منذ إعفائه من رئاسة الحكومة ورفضه كأمين عام لولاية ثالثة لحزب العدالة والتنمية.