بدون إجازة لا يمكن ان تكون صحفيا مهنيا
هناك صحفيون و مراسلون و مصورون يزاولون مهنتهم في المجال الصحفي و الإعلامي مند سنين، و أغلبيتهم من طبيعة الحال لا يتوفر على شهادة الإجازة، فهل معنى هدا أنهم أصبحوا مضطرين إلى التسجيل في الجامعات أو الكليات لنيل الإجازة حتى تمنحهم الوزارة البطاقة المهنية؟ وماهو مصير الآلاف من هؤلاء الصحفيين ممن لا يحملون الاجازة أو البطاقة المهنية؟
من هو الصحفي المهني؟
أعتقد أن الصحفي المهني هو من ينقل الحقيقة إلى العالم، لأن الصحافة تركز أساسا على نقل الحقيقة، و هناك شروط و مبادىء تستلزم على الصحفي أن يتحلى بها.
هذا ما أوضحه “بيل كوفاتش و توم روزنستيل” في كتابهما “عناصر الصحافة”، و ما أثار انتباهي بعد قراءة الكتاب و استعابه هو أنني لم أجد أي فقرة من صفحات الكتاب تقول أن حامل البطاقة المهنية هو الصحفي المهني.
أشهر الجامعات الغربية و العربية التي تدرس الصحافة و الإعلام لم تعر أي أهمية للبطاقة المهنية، و حينما تحصل على شهادة جامعية أو إجازة أو دكتوراة، فمعنى هذا أن لجنة الكلية أو الجامعة تشهد لك على نجاحك و تفوقك في الدراسة.
و الخطوة التي أقدمت عليها الوزارة في موضوع بطاقة الصحافة المهنية تبدو من الناحية القانونية مرحب بها.
فلا يمكن فتح أو إنشاء صحيفة أو جريدة إلكترونية بدون ترخيص، و من بين الشروط هو حصول مدير النشر على إجازة، بمعنى أن الجريدة أو الصحيفة تتوفر على ترخيص قانوني، يمكنها من مزاولة مهامها بطريقة لا تخرج عن إطار القانون.
أما بالنسبة لأصحاب الجرائد الإلكترونية و مدراء النشر الذين لا يتوفرون على البطاقة المهنية و الذين جعلوا من الصحافة مهنة من لا مهنة له ، أصبحوا مضطرين لملاءمة وضعيتهم مع القانون الجديد.
هذا ما رُفض بشدة من قبل بعض المواقع الإلكترونية التي لم تستطع ملاءمة وضعيتها.
و من وجهة نظري، أن أغلبية هذه الجرائد الإلكترونية كانت تنقل الأخبار و الأحداث و الفيديوهات للمشاهدين و القراء و تحلق في سماء الفوضى بدون حسيب و رقيب.
وقد سبق و أن قام بعض العاملين في الصحف الالكترونية بوقفة احتجاجية، بعدما استعصى عليهم المر لحل مشاكلهم المهنية أمام مقر وزارة الثقافة والاتصال بالرباط، بدعوة من التنسيقية الوطنية للدفاع عن الصحافة والإعلام، ندد خلالها المحتجون بما أسموه «حيفا وإجحافا واستهتارا بالمكتسبات الحقوقية والإعلامية» فيما اعتبرتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية ومجموعة من الصحافيين المهنيين فرصة لتنقية الميدان من الفوضى والمتطفلين ونهاية لعهد «السيبة» الذي أساء إلى صاحبة الجلالة.
وبتاريخ 15 أغسطس 2016، نشرت الحكومة المغربية في الجريدة الرسمية قانون رقم 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، والذي جاء بمجموعة من المستجدات المتعلقة بالممارسة الصحفية، خاصة المرتبطة بالنشر الإلكتروني، ولكن يبقى “البند” الأكثر إثارة للتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي هو المادة 15 من الباب الثاني، والموسومة بـ”في إدارة النشر”، والتي تحدد شروط وضوابط المصادقة على منح صفة “مدير نشر” المؤسسة والمقاولة الصحفية، وهو الأمر نفسه الذي طال محددات “الصحفي المهني”.
يقول نص القانون الجديد:
“يجب أن تتوفر في مدير النشر الشروط التالية:
– أن يكون حاصلا على شهادة من مستوى الإجازة على الأقل، أو شهادة متخصصة في مجال الصحافة مسلمة من طرف مؤسسات التعليم العالي العام أو الخاص أو دبلوم معترف بمعادلته”.
– “أن يتوفر على صفة صحفي مهني وفقا للمقتضيات الواردة في التشريع المتعلق بالصحفي المهني”.
لكن المادة المذكورة تستدرك على الشرطين السابقين بما يلي:
– “عندما لا يتوفر مالك المؤسسة على صفة صحفي مهني وفقا للمقتضيات الواردة في التشريع المتعلق بالصحفي المهني، وجب عليه تعيين مدير للنشر، شريطة أن يكون هذا الأخير شخصا ذاتيا ويتوفر على نفس الشروط الواردة في البنود 1 و3 و 4 و5 أعلاه”.
وإثر هذا المعطى الأول من نوعه في المغرب، فقد دعت وزارة الثقافة والاتصال جميع المنابر الصحفية إلى تسوية أو ملاءمة وضعيتها القانونية مع التشريع المذكور أعلاه، وهو الطلب الذي خلف تباينا واضحا بين مؤيدين ومعارضين داخل الجسد الإعلامي عامة، إضافة إلى رأي ثالث يدعو إلى تحصين المهنة دون الإجهاز على المكتسبات الحقوقية في مجال حرية الرأي والتعبير.
لكن يبقى رصد الآراء المعبر عنها من طرف الصحفيين والصحفيات في مختلف أشكال التعبير، سواء كتابات الرأي أو التدوين أو وثائق الهيئات النقابية وغيرها، هو خير معبر عن موقف زملاء مهنة المتاعب من الإجراءات الجديدة.
جدير بالذكر، أن بطاقة الصحافة لسنة 2019 حسب تصريحات وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج، سيمنحها المجلس الوطني، و السؤال المطروح، هل بنفس الشروط أو ستكون هناك تعديلات ؟ إلا أن الجواب ستكشف عن تفاصيله الأيام القليلة القادمة