المغرب يطلق أشغال بناء برج يطمح ليكون الأعلى في أفريقيا
الاثنين 05 نونبر 2018
انطلقت في المغرب أشغال بناء برج يبلغ ارتفاعه 250 مترا ويتكوّن من 55 طابقا ويطمح ليكون أعلى برج في أفريقيا.
قالت وكالة الأنباء المغربية إنّ الملك محمد السادس ترأّس الخميس الماضي حفل إطلاق أشغال بناء البرج الذي سيحمل اسمه والذي تتولّى تشييده مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية بكلفة يتوقّع أن تناهز 4 ملايين درهم (حوالي 370 مليون يورو).
ويقع المشروع على الضفّة اليمنى لنهر أبي رقراق الذي يفصل العاصمة الرباط عن مدينة سلا. ومن المتوقع أن تنتهي أشغاله، في نهاية السنوات الثلاث القادمة وسيشتمل على مجموعة من المكاتب، وجزءا سكنيا، وفندقا، فيما ستحتضن الطوابق الأربعة الأخيرة مرصدا، بتكلفة تصل إلى 3 مليارات درهم (305 ملايين دولار).
وقال المدير العام لمجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية عثمان بنجلون إنّ مجموعة من الدراسات الأولية أجريت منذ انطلاق المشروع شملت أبعادا جيولوجية وتقنية ومعمارية وبيئية. وأشار بنجولن إلى أن هذه الفترة شكلت فرصة لتعزيز تحالف المقاولات المكلفة بإنجاز هذه الورشات، وذلك من خلال دعوة أحد الرواد العالميين في مجال البناء، كالمقاولة البلجيكية “بيزيكس”، للالتحاق بالرائد الصيني” سي.آر.سي.سي.آي” والمقاولة المغربية “تي.جي.سي.سي”.
والتحقت هذه المجموعة البلجيكية فعلا بنظيرتها الصينية “سي.آر.سي.سي.آي” وبشركة المقاولات المغربية “تي.جي.سي.سي” للمشاركة في إنجاز هذا المشروع، الذي وُضع حجره الأساس في 2016.
ويأتي هذا المشروع في إطار استمرارية سياسة الورشات الكبرى للبنية التحتية التي دشنها الملك محمد السادس، وتشمل عدة قطاعات من سياحة ونقل وصناعة وغيرها، وتهدف إلى تأهيل القدرة التنافسية للمملكة تجاريا واقتصاديا واستقطاب مستثمرين بالداخل والخارج.
وسيدمج “برج محمد السادس” في تصميمه، أفضل ممارسات البناء المحترم للبيئة، وكذلك تكنولوجيات من الجيل الجديد (ألواح لترشيح الأشعة الشمسية، وألواح كهروضوئية، وتهوية طبيعية)، مما يتيح نجاعة طاقية أفضل، تماشيا مع التزامات المغرب في مجال التنمية المستدامة.
مشروع البرج الذي دشنه الملك محمد السادس يبلغ ارتفاعه 250 مترا ويتكوّن من 55 طابقا وسيكون أعلى برج في أفريقيا
ويعد مشروع برج محمد السادس تتمة لمشاريع كبرى أخرى تؤسس بدورها لبنية تحتية مهمة بالمملكة وتطمح للإقلاع الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، مثل مشروع ميناء طنجة المتوسط شمال المغرب وهو ثالث أكبر ميناء في أفريقيا، ومن بين الـ50 الأكثر نشاطا في العالم، ويمتاز بالعديد من المواصفات العالمية وبموقعه الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط، الذي يجعل منه بوابة أوروبا نحو القارة الأفريقية، وأيضا مركز التسوق “مروكو مول” الذي يعد أكبر مركز تسوق في أفريقيا وضمن أكبر 30 مركز تسوق في العالم. ويقع في العاصمة الاقتصادية للمغرب.
ويقول مهتمون بالسياسات المجالية إن المغرب الذي يزخر بإمكانيات مهمة للتنمية يستطيع توفير بنية تحتية متينة للتعامل مع الحاجيات اللوجستية لمختلف الاستراتيجيات القطاعية التي انطلقت على مستوى وطني مثل مخطط المغرب الأخضر للفلاحة، والميثاق الوطني للصناعة، ومخطط الصيد البحري والمخطط الطاقي.
وربط الملك محمد السادس منذ تسلمه الحكم عام 1999 التنمية بالمشاريع الكبرى كخطة طموحة لتقليص الفوارق المجالية ومحاربة مكامن الضعف في السياسة الاجتماعية، ولمعالجة أسباب البطالة والفقر والهشاشة والأمية لتطويق كافة مظاهر التخلف، وراهن العاهل المغربي على المنوال الاقتصادي التنموي للاستجابة لمطالب المواطن.
ويقول مراقبون إن رؤية العاهل المغربي التنموية تستجيب إلى مشاغل المجتمع وتحتاج إلى تطبيق مبدأ المسؤولية مع المحاسبة لتجاوز التحديات.
ودشن المغرب العديد من المشاريع الكبرى للنهوض بالواقع التنموي والاقتصادي بالبلاد كإنشاء مناطق التجارة الحرة ومصانع السيارات بطنجة والدار البيضاء والقنيطرة، وتزامنت هذه المشاريع مع تأسيس حلقات متتالية في البنية التحتية المتطورة ضمنها شبكة الطرقات السريعة، وإطلاق خط القطار السريع الذي سيتم تدشينه في شهر نوفمبر الجاري.
ولم تقتصر المشاريع ذات الحمولة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية فقط بالحيز الجغرافي المغربي بل امتد إلى المجال الأفريقي، ومن بين المشاريع الضخمة المزمع إنجازها والتي تثري العلاقات المغربية الأفريقية، مشروع أنبوب الغاز الأفريقي العملاق الذي يربط المغرب بنيجيريا.
وسينطلق هذا المشروع وفقا للدراسات التقنية الأولية من نيجيريا مارّا على طول الساحل الأطلسي، من ساحل العاج، ثم يتجه شمالا عبر بقية دول أفريقيا الغربية والسنغال وموريتانيا، وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط في المغرب، ثم يربط بالأنبوب المغاربي نحو جبل طارق وإسبانيا على مسافة نحو 6 آلاف كيلومتر.
وأكد خبراء اقتصاد أن تحقيق النجاح في المشاريع الاستراتيجية الكبرى يعتمد على استراتيجيات مدروسة على المدى المتوسط والبعيد. وأن المسار الذي اختاره المغرب لتحقيق أهدافه الطموحة يتطلب إلى جانب سياسة محوكمة وبنية تحية قوية استغلال القدرات القائمة على المستوى المادي والبشري واستخدام الفرص ومعالجة مواطن الضعف المحددة وإبعاد المخاطر وترشيد الموارد.
ويلفت مراقبون إلى أن المشاريع الكبرى تهدف أيضا إلى تحصين البلاد من الصدمات الاقتصادية والسياسية الناتجة عن التحولات الجيواستراتيجية التي يعرفها العالم.