المجتمع الدولي يفرض على الجزائر الدخول كطرف في قضية الصحراء
انتبه المجتمع الدولي أخيرا لدور الجزائر كطرف في النزاع بشأن قضية الصحراء، والذي يبدو ظاهريا بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية.
ودعا القرار الصادر عن مجلس الأمن مساء الأربعاء، الجزائر وموريتانيا إلى الانخراط الفعلي كمعنيين مباشرين في إيجاد تسوية نهائية للنزاع، وهو ما يثير ارتياح المغرب الذي لطالما اعتبر الطرف الجزائري متدخلا مباشرا في نشأة النزاع وتطوراته.
وفي أول تعليق رسمي على القرار قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة “إن مجلس الأمن الدولي كرس، من خلال قراره الأخير، تطورا نوعيا” مشددا على أن “الجزائر مطالبة اليوم بتحمل مسؤوليتها السياسية والتاريخية والقانونية في هذا الخلاف، ومدعوة إلى الانخراط بجدية في جميع مراحل المسلسل السياسي”.
ولفت ناصر بوريطة إلى أن الدعوة الموجهة والصيغة التي تحدث بها قرار مجلس الأمن لا تعطيان للجزائر أية فرصة للإفلات من المسؤولية، كما لاحظ أن قرار مجلس الأمن يجدد تأكيده على أن الهدف من المسلسل السياسي هو الوصول إلى حل واقعي، على أساس التوافق.
وشدد مجلس الأمن في القرار رقم 2440 على أن مشاركة البلدان المجاورة في العملية السياسية يجب أن تتم في إطار روح التسوية والواقعية طوال مدة العملية كشرط أساسي من أجل ضمان التوصل إلى الحل السياسي. وتثبت هذه الصياغة أن الأمم المتحدة تتجه نحو تقدير جدية المساهمة الجزائرية كمعيار لمراقبة مدى تقدم العملية السياسية.
وأكد السفير، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال على أنه “للمرة الأولى، يتم تكريس دور الجزائر كطرف رئيسي في العملية السياسية. وستشارك في اجتماع جنيف بنفس الصفة أسوة بالمغرب وموريتانيا”.
وأوضح هلال أن “هذا الطلب الصريح الموجه إلى الجزائر لا يتعلق فقط بالمائدة المستديرة بجنيف، بل يشمل العملية السياسية برمتها، وحتى الانتهاء منها، على النحو المبين في الفقرة الثالثة من القرار”.
واعتبر نوفل البوعمري، الباحث في شؤون الصحراء، أن هذا الموقف يعد تقدما كبيرا يعكس فهما أمميا لدور الجزائر في الملف ويستجيب لأحد المطالب المغربية الرئيسية.
واعتبر أن القرار 2440 في مجمل عناصره هو لصالح الدفع بالعملية السياسية وفقا لرؤية المغرب الاستراتيجية التي تستند إلى خيار الحكم الذاتي كحل سياسي واقعي وذي مصداقية، مشيرا إلى “أنه يتزامن مع قرب تخليد الشعب المغربي لذكرى المسيرة الخضراء المظفرة”.
وبدوره يرى المحلل السياسي رضا الفلاح أن مجلس الأمن يقوم بإعادة تعريف مشكلة الصحراء من منظور المسؤولية التاريخية التي تتحملها الجزائر في قيام هذا النزاع المفتعل. وأشار إلى أن القوى الكبرى بدأت تعي أن إخراج هذا الملف من الجمود الحالي لن يتم إلا عبر تحميل الجزائر مسؤوليتها كاملة طوال مراحل مسلسل التسوية السياسية كشرط من شروط التوصل إلى حل سياسي عادل.
وأكد نوفل بوعمري أن القرار 2440 أعاد التأكيد على ضرورة احترام اتفاق وقف إطلاق النار وتوجه مباشرة للبوليساريو عندما أكد على احترام كل المنطقة العازلة سواء جزؤها الشرقي أو الكركرات، كما طالب البوليساريو بعدم نقل منشآتها إلى المنطقة العازلة، مما يعني نهاية رسمية لأسطورة “المناطق المحررة”.