واشنطن تضغط على المونيرسو لتسريع حل قضية الصحراء .
تسعى الولايات المتحدة إلى التوصل إلى حل قريب لقضية الصحراء المغربية، التي تشهد جمودا منذ سنوات، وهو الأمر الذي ترى أنه لن يتحقق إلا من خلال الضغط على بعثه المينورسو عبر تقليص مدة عملها وتغيير مهمتها نحو لعب دور أكبر لإنهاء الأزمة.
تؤكد الخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة الأميركية بصياغة مشروع قانون ينصّ على التمديد بستة أشهر فقط لبعثة المينورسو، ما راج من أنباء الأشهر الماضية بشأن سعي واشنطن إلى إحراز تقدّم سريع في العملية السياسية التي تشهد ركودا منذ سنوات.
وتصاعد الجدل بشأن الموضوع مطلع الأسبوع ما دفع إلى تأجيل التصويت على اللائحة القاضية بتمديد عهدة المينورسو والذي كان مرتقبا الاثنين، إلى الأربعاء.
وتوقّع دبلوماسيون أن يمدّد مجلس الأمن الدولي الأربعاء تفويض مهمة الأمم المتحدة في الصحراء، لكن مجدّدا لستة أشهر فقط بضغط من واشنطن وبعكس ما تريد فرنسا والمغرب اللذان أرادا العودة إلى تفويض بسنة.
وستكون المرة الثانية التي تجدد فيها ولاية المهمة لستة أشهر بعد مرة أولى في أبريل 2018. وتعتبر الولايات المتحدة، التي تولّت صياغة القرار، أن تفويضا قصير الأمد سيدفع أطراف النزاع إلى التوصل إلى حلّ عبر المفاوضات.
وانتهت ولاية المهمة مساء الأربعاء. وكان تصويت مجلس الأمن مقرّرا في الأصل الاثنين، لكن خلافات بين أعضاء المجلس خصوصا بشأن مدة التجديد، أخّرت التصويت حتى يوم انتهاء ولاية المهمة.
وذكر تقرير صادر عن المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، الشهر المنقضي، أنّ الإدارة الأميركية تريد أن تقوّي نفوذ البعثة الأممية، لجعلها قادرة على لعب دور سياسي ضاغط، وربما منافس في إجراءات صناعة وإنتاج الحل النهائي لنزاع الصحراء، بمشاركة أطراف النزاع، لكن ذلك أثار مخاوف مغربية من إلغاء حيادها.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قرّر في فبراير الماضي تخفيض مساهمات بلاده في بعثة المينورسو الموجودة بمدينة العيون، والمشرفة على وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو، إلى النصف.
وتعتبر بعثة المينورسو آلية أممية لحفظ السلام قرر مجلس الأمن إنشاءها في 19 أبريل 1991، مهمتها الأساسية والمحورية كانت هي مراقبة وقف إطلاق النار وتنظيم الاستفتاء.
وفي منتصف أكتوبر دافع السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا ديلاتر عن عودة التجديد لمهمة الصحراء لمدة سنة. وطلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأمر ذاته. وأكدت باريس على ضرورة “البناء” على الاندفاعة التي أحدثها مشروع المباحثات الدولية حول الصحراء.
ومن المقرّر أن تجري الجولة الأولى من هذه المفاوضات التي ينظمها الرئيس الألماني الأسبق هورست كوهلر في 5 و6 ديسمبر في جنيف وتجمع المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا. وباستثناء المغرب لم تعلن بقية الدول مشاركتها من عدمها.
وقال دبلوماسي طلب عدم كشف هويته إنه “مع مهمة الأمم المتحدة في الصحراء، الأمر يُحسم في آخر لحظة دائما”.
ويبدو أن توجّه واشنطن لدفع مجلس الأمن للتجديد كل ستة أشهر لبعض مهام السلام، يسير في خط متواز مع سعيها إلى إنهاء هذه المهام التي تبدو بلا نهاية.
وعلاوة على الصحراء ترغب واشنطن في إنهاء مهمة كوسوفو. وبدأت الإجراء ذاته بتقصير التجديد إلى ستة أشهر مع مهمة حفظ السلام في جزيرة قبرص في يوليو.
وقال دبلوماسي أوروبي “لا يجب ان يصبح التجديد لستة أشهر معمّما على كافة مهام الأمم المتحدة”. وكان نائب مندوبة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة، رودني هنتر، أكد خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي في شتنبر الماضي حول “صون السلام والأمن الدوليين الوساطة وتسوية المنازعات”، أن الولايات المتحدة تمنح الأولوية للضغط من أجل إحراز تقدّم سياسي في نزاعات ظلت مدرجة على جدول أعمال مجلس الأمن لسنوات كقضية الصحراء.
وقال الدبلوماسي الأميركي أن هناك بعثات لحفظ السلام قائمة على أرض الواقع منذ عقود من الزمن، حيث يفترض أنها تدعم الحلول السياسية في الوقت الذي لا تعمل في الواقع إلا على إدامة الوضع الراهن.
وأضاف المسؤول الأميركي في تدخّله، ”تعود الولايات المتحدة إلى بعثات حفظ السلام القديمة هذه وتطرح أسئلة صعبة حول ما نحقق، إننا نجري دفعة متجددة لنرى ما إذا كانت الأطراف تعمل مع الأمم المتحدة لتحقيق تقدّم سياسي”.
ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة تشير من خلال هذه التصريحات إلى أن المبعوثين يبقون دون فائدة ولا يدفعون بالنزاعات إلى الحلول طالما الأطراف لا تبحث عن السلام، غير أن استعمال الضغط والعقوبات كانا كفيلين بفرض الحوار وفتح المفاوضات في عدة دول على غرار جنوب السودان.