المغرب يتمسك بالحياد الإيجابي لإنقاذ ليبيا
عاد المغرب إلى المساهمة في توطيد الحل السياسي كخطوة لتجاوز المعضلة الأمنية بليبيا، حيث أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة على ضرورة التوصل إلى حل بين الليبيين، تحت رعاية الأمم المتحدة، لتحقيق تسوية نهائية للأزمة التي يمر بها هذا البلد المغاربي.
واعتبر المسؤول المغربي، في لقاء مع غسان سلامة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، أن الأمم المتحدة هي الهيئة الوحيدة القادرة على حل هذه المشكلة، لافتا إلى أنه حتى وإن كان التقدم بطيئا في بعض المجالات، إلا أن البعثة تمتلك قواعد صلبة تنطلق منها وتهدف إلى مساعدة الشعب الليبي.
واعتبر رضا الفلاح، أستاذ القانون الدولي، أن زيارة المبعوث الأممي غسان سلامة للرباط ولقاءه بوزير الخارجية المغربي يأتي في إطار محاولة لتقريب وجهات النظر بين فرقاء الأزمة الليبية حول طبيعة المصالح العليا لليبيا والمتمثلة في وقف نزيف الانقسامات وبناء قرار ليبي مستقل عن الأجندات الخارجية.
ويمكن اعتبار أن الثقة التي تضعها الأطراف في الوساطة المغربية نابعة من المشروعية التي مازال يحظى بها اتفاق الصخيرات وكذلك من الحياد الإيجابي الذي تعاطى وفقه المغرب تجاه الوضع السياسي في ليبيا. وأشار ناصر بوريطة إلى أن المغرب يولي اهتماما خاصا لحل هذه المشكلة، مسلّطا الضوء على المساهمة التي ترغب الرباط في تقديمها إلى ليبيا تحت رعاية الأمم المتحدة، وفي إطار اتفاق الصخيرات ومختلف المقترحات المقدمة لإخراج ليبيا من هذا المختنق السياسي.
ويقول هشام معتضد، المحلل والأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، إنه منذ اللقاءات التأسيسية للحوار، أبدى المغرب دعمه للدفع بعملية المباحثات، بين جل الأطراف الليبية، إلى إيجاد خارطة طريق فعالة وفعلية لإنصاف كل المنخرطين والممثلين الشرعيين للمساهمة في بناء ليبيا الغد.
وكان رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح طلب رسميا من المغرب أن يحث الأطراف الليبية، وأيضا مبعوث الأمم المتحدة لليبيا، غسان سلامة، على تسريع الحل المطلوب لتعديل الاتفاق السياسي، حتى تخرج ليبيا من أزمتها.
وشدد رضا الفلاح، على أنه باستطاعة المغرب أن يلعب دورا مهما من أجل إعادة الثقة بين فرقاء الأزمة الليبية، ويتعزز هذا الطرح بالوساطة الدبلوماسية التي تكللت باتفاق الصخيرات وبوقوفه على مسافة واحدة من الأطراف المتصارعة من أجل تسريع تسوية سياسية تصب في مصلحة ليبيا وتمهد لاتفاق مفصلي من أجل التوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية على المدى القصير.
ويتخوف الجميع من استفحال الخطر الإرهابي وتداعياته على أمن واستقرار المنطقة. وأكد غسان سلامة، أنه وقعت في الأشهر الأخيرة، أحداث هامة في ليبيا، بما في ذلك في منطقة الهلال النفطي، كما لوحظت زيادة في النشاط الإرهابي في عدد من المناطق، بما فيها العاصمة طرابلس.
لهذا اعتبر هشام معتضد أن الرهان على دور المغرب في الملف الليبي يدخل في إطار الثقة التي يحظى بها المغرب في المنطقة وعلى المستوى الدولي، خاصة تلك المتعلقة بمساهماته الدولية في إيجاد منصات وقواعد متينة للنقاش السياسي بين مختلف الأطراف السياسية، وذالك من أجل الانتقال لمرحلة البناء وإنشاء الدولة المؤسساتية.
ويندرج انخراط المغرب الكامل في تقديمه كل سبل الدعم لإيجاد تسوية سياسية في ليبيا في إطار حرصه على دوره الأممي تحت رعاية الأمم المتحدة من أجل استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي أفق التوصل إلى تسوية سياسية بليبيا، سبق لرئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي في أبريل الماضي، وأن أكد على وقوف المغرب إلى جانب ليبيا واستعداد مجلس النواب على الخصوص، لدعم مسار المصالحة.
ويرى مراقبون أنه لا بديل أمام الفرقاء الليبيين إلا العودة إلى طاولة محادثات موسعة للتوافق على حل سياسي يقطع مع الفوضى التي تعتمل داخل البلد. وأكد هؤلاء أن الاحتكام إلى التشكيلة القبلية دون الاحتكام إلى عامل المواطنة والوطن المشترك يعيق أي حل سلمي.
ولهذا، فإن الوصول إلى توافق سياسي في ما يخص الشأن الليبي، كما يرى هشام معتضد، رهين الرغبة الفعالة والفعلية بين جميع مكونات الأطراف السياسية والفرقاء الذين يشكلون التركيبة الإثنوقبلية للمجتمع الليبي. وقد أبدى المغرب دعمه للدفع بعملية المباحثات، بين جل الأطراف الليبية، من أجل إيجاد خارطة طريق فعالة وفعلية لبناء ليبيا الغد.