حقوقية مغربية تكشف معاناة النساء ضحايا «الرشوة
رغم أن نطاق الحديث عن الابتزاز الجنسي، أو «الرشوة الجنسية»، التي تكون النساء ضحية لها، لا يزال محدودًا في المغرب لاعتبارات ثقافية، فإن المرأة المغربية بدأت تتحرر تدريجيًا من القيود الاجتماعية التي تمنعها من الاقتراب من هذا «التابو».
في ندوة نظمتها «ترانسبارانسي المغرب» حول «الرشوة الجنسية»، ضمن فعاليات لقاء ثقافي نظمه ائتلاف «كاملين» في الرباط، قالت نعيمة بن واكريم، عضو المكتب التنفيذي لـ«ترانسبارانسي المغرب»، إن المنظمة تتوصل بشكايات عديدة من طرف المغربيات ضحايا «الرشوة الجنسية».
و»الرشوة الجنسية»، حسب التعريف الذي قدمته نعيمة بن واكريم، هي سلوك يتميز عن باقي أنواع الإيذاء الجنسي بكونه يتسم باستخدام السلطة لجلب فائدة خاصة ذات طبيعة جنسية، أو بتبادل المصالح عبر مقايضة مصلحةٍ بالاستجابة لطلب ذي طبيعة جنسية. وإذا كانت ضحايا «الرشوة الجنسية» في المغرب بدأن يتملكن الجرأة لكسر جدار الصمت حول هذا الموضوع، فإن ثمّة تحديات تحُول دون إنصافهن من طرف القضاء، تتمثل بالخصوص في اعتبار الضحايا متواطئات، وصعوبة إثبات الإكراه لتفادي تهمة التواطؤ، خاصة أنّ الإكراه يحصُره المشرّع في الإكراه البدني، دون أن يشمل الإكراهَ المعنوي.
ومن الأسباب الأخرى التي تدفع المغربيات إلى عدم تقديم شكايات ودعاوى قضائية ضدَّ «أصحاب الرشوة الجنسية»، حسب نعيمة بن واكريم، الخوف من الفضيحة ووصْم العار، والخوف من تهمة التواطؤ، والجهل بآليات التظلم التي يتيحها القانون، وخوف الضحايا من الانتقام.
وقال علي صدقي، منسق لجنة الدعم القانوني لضحايا الرشوة والفساد بـ»ترانسبارانسي»، إنّ التصورات النمطية والأحكام المسبقة السائدة في المجتمع تجعل المرأة دائمًا متهمَة وتُحمَّل المسؤولية كلما تعلق الأمر بحالة ابتزاز جنسي، مشيرًا إلى أن «ترانسبارانسي المغرب» تتوصل بعدد من شكايات النساء ضحايا «الرشوة الجنسية». واعتبرت نعيمة بن واكريم أنّ المغرب يدفع ثمنًا باهظًا جراء عدم توفير الحماية الكافية للنساء، وعدم الرقي بوضعيتهن، والمساواة بينهن وبين الرجال في الحقوق، ذاهبة إلى القول «إنّ الحكومة لا تفهم أنّ سبب تصنيف المغرب في مراتب متأخرة ضمن مؤشرات التنمية سببه الوضعية غير المريحة للنساء، والتي تجر المغرب إلى الخلف وتجعل البلد متخلفًا». وجوابًا عن سؤال حول ما إنْ كان القانون وحده كافيًا لحماية النساء من «الرشوة الجنسية»، قالت الناشطة الحقوقية إنّ دور القانون مهم جدًا في تغيير العقليات، في ظل سيادة ثقافة تنتقص من قيمة المرأة ومكانتها. وبالرغم من أنّ المغرب سنَّ عددًا من القوانين والتشريعات بهدف حماية النساء، فإنَّ أثر هذه القوانين يظل محدودًا، حسب نعيمة بن واكريم، موضحة أن «هناك سياسات مندمجة، ولكن لا أثر لها على أرض الواقع، وطالما أننا لا نهتم بتفعيل هذه السياسات وقياس أثرها على أرض الواقع، فلا يمكن النهوض بوضعية المرأة».
وعزت المتحدثة سبب عدم تفعيل السياسات المتعلقة بحقوق النساء إلى «وجود نقص في الإرادة السياسية»، لكنها حمّلت المسؤولية أيضًا للمنظمات والجمعيات المدافعة عن حقوق النساء، قائلة إن «هناك خللًا في عمل هذه المنظمات، ذلك أن عملها يقوم على الفضح والتنديد ورفع المذكرات، بينما يلزمها أن تتملّك آليات وأدوات جديدة للترافع وتطوّرها، وأن تشكّل لوبيات للضغط على الحكومة».