المسرح يفتح أبواب التوظيف أمام اللاجئين في فرنسا

يخوض عدد من اللاجئين في فرنسا تجربة مسرحية بهدف إتقان وصفة سحرية تمكنهم من إجراء مقابلات توظيف ناجحة رغم عدم إتقانهم للغة الفرنسية، ويوفر هذا التحدي فرصة للمشاركين لاكتشاف سبل الدمج المهني واكتساب مهارات في التعبير عن المشاعر والنوايا إلى جانب الوضوح في الخطابة وتعلّم اللغة الفرنسية.

حصص مسرح كمدخل للتوظيف”.. هذا هو التحدي الغريب الذي أُطلق في مدينة أورليان بوسط فرنسا، حيث بدأ 12 شخصا غالبيتهم من اللاجئين تجربة مسرحية رغم عدم إتقانهم للفرنسية لامتلاك مفاتيح مقابلات التوظيف الناجحة.

ويعرّف المشاركون أنفسهم وهم تحت أضواء مسرح جيرار فيليب ويضعون قلما في الفم لتحسين النطق. ويتحدر هؤلاء من مناطق عدة تشهد اضطرابات خصوصا في سوريا وأفغانستان والشيشان، وتجمعهم الرغبة في الاندماج بعد مسيرة هجرة شاقة. ويملك الكثير منهم أوراق لجوء. لكن يصعب تقييم قدراتهم في الرسم أو الطبخ في هذا البلد الذي يتعلمون لغته.

ويقول محمد، وهو صومالي ببنيته الضخمة ويرغب في العمل كقصّاب، “أصعب ما في الأمر هو التحدث مع أحدهم من دون أن يفهم عليك جيدا”. ويضيف “أتكلم العربية كثيرا مع أصدقائي السودانيين. لكن ليس لدي أصدقاء كثر يتحدثون الفرنسية”.

ولهؤلاء، أطلقت جمعية “آ.سي.أم فورماسيون” ومجموعة “تياتر شاربون” المسرحية تدريبا مدته 90 ساعة لتحضيرهم لخوض سوق العمل. ويتوزع البرنامج على ثلاثة أقسام متساوية “أولها محترفات مسرحية وثانيها حصص تعليم لغوية وثالثها اكتشاف لسبل الدمج المهني” في منطقة أورليان وفق أوفيلي باربييري التي تدرّس الفرنسية لغير الناطقين بهذه اللغة.

أما عن سبب تعليم مادة المسرح، فيوضح المخرج المسرحي تييري فالفيزانيه، أن “الإلقاء والوضوح في الخطابة والقدرة على التعبير عن المشاعر والنوايا.. كلها تحل الإشكاليات التي تعترض الشخص الراغب في الحصول على وظيفة”.

ويعمل فالفيزانيه منذ ثلاث سنوات مع هذه الفئة من الأجانب التي “قد تكون علاقتها مع اللغة معقدة للغاية”. ويمثل تعزيز الثقة بالنفس عنصرا أساسيا في هذا المسار التعلّمي. وتبدأ كل حصة بتمارين تقليدية كالركض بعينين مغمضتين ووقوع الشخص إلى الخلف مع الاعتماد على الآخرين لكي يمسكوه قبل الصعود على خشبة المسرح. ويجري الممثلون محاكاة على خشبة المسرح لمقابلة توظيف مع الأسئلة التقليدية التي تطرح في هذه اللقاءات.

ويتسم اللقاء أحيانا بالتوتر مع البعض من الأسئلة المتكررة، غير أن الممثلين ينجحون في السيطرة على الوضع. ويتعين عليهم حسن اختيار العبارات التي تعلموها خلال حصص التعليم، لكن أيضا الالتزام بقواعد هذا التمرين المثقل بالشروط من بينها قرع الباب قبل الدخول وعدم الجلوس قبل تلقي دعوة لذلك والرد على كل الأسئلة.

ويقول تييري فالفيزانيه للشاب السوري عبدالسلام “أداؤك أفضل بكثير من الأسبوع الماضي، لكن بدا عليك الانزعاج في لحظة ما. ويكرر إرشاداته بضرورة “النظر في العين عند المغادرة وليس أرضا أو في الهواء. يجب إبقاء الصلة قائمة”.

وتقول  باربييري “في العام الماضي نظمنا عمليات محاكاة لمقابلات العمل مع مستشارات في شركات للدمج المهني. وتم توظيف أربعة متدربين لاحقا”، مضيفة “السير الذاتية موجودة لدى شركات التوظيف، هم باتوا مؤهلين لغويا”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: