برلمان برأسين: الجزائر تحث الخطى للوقوع في أزمة سياسية غير مسبوقة
أفاد مصدر مسؤول في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، بأن المشاورات الداخلية في الحزب ومع الكتل النيابية التابعة لأحزاب الموالاة، اتفقت على ترشيح النائب عن محافظة سطيف بشرق البلاد معاذ بوشارب، ليكون رئيسا للغرفة البرلمانية الأولى، خلفا للرئيس المخلوع سعيد بوحجة، في الجلسة العلنية للهيئة المنتظرة نهار اليوم.
وتحوز جبهة التحرير الوطني على 161 مقعدا من مجموع 462 مقعدا المكونة للهيئة البرلمانية، وهي الأغلبية التي تحتاج إلى دعم الأحزاب الحليفة في مختلف الاستحقاقات الداخلية.
ووجه قادة أحزاب السلطة تعليماتهم الصارمة لنوابهم من أجل تزكية المرشح معاذ بوشارب، حيث التقى في وقت سابق جمال ولد عباس، وعمار غول، وعمارة بن يونس، ومستقلون، مع أحمد أويحيى، في قصر الحكومة، لبحث مسألة خليفة بوحجة، وتمرير قانون الموازنة العامة للعام 2019.
وكانت كتل نيابية معارضة أعلنت مقاطعتها لجلسة انتخاب الرئيس الجديد، احتجاجا على ما وصفته بـ“الانحراف واغتصاب الشرعية”، وانضم إلى حزب العمال اليساري كل من التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة القوى الاشتراكية، فضلا عن تحالف النهضة والعدالة والبناء الإسلامي.
وذكر القيادي في حزب العمال ورئيس كتلته النيابية جلول جودي، أن “حزبه غير معني بما يجري اليوم، ويعتبره أزمة داخلية للحزب الحاكم ولأركان السلطة، وأنه لن يكون حاضرا في الأشغال، التي ستكرس أزمة غير مسبوقة في البلاد، ويرى أنه لا مخرج لها إلا بالذهاب لانتخاب مجلس تأسيسي، يضطلع بوضع دستور توافقي للبلاد، ومؤسسات شرعية منبثقة من إرادة الشعب”.
كتل معارضة تعلن مقاطعتها جلسة انتخاب خليفة لبوحجة احتجاجا على ما وصفته بـ”الانحراف واغتصاب الشرعية”
وصرح الرئيس المخلوع سعيد بوحجة، الثلاثاء في تصريح صحفي أن “الجلسة العلنية غير شرعية وغير قانونية، لأنها تستمد أوامرها من هيئات انقلابية خارقة للتشريعات والنصوص، وأنه يبقى الرئيس الشرعي للبرلمان، ولن يتنازل عن منصبه تحت الضغط”.
وأمام هذه المؤشرات تسير أزمة البرلمان الجزائري، إلى مأزق حقيقي مفتوح على جميع الخيارات، بما فيها التدخل الفوقي لفض الصراع، وتجنيب البلاد وضعا استثنائيا خطيرا على المستويين الداخلي والخارجي، حسب ما ألمحت إليه رئيسة حزب العمال لويزة حنون، في تصريحها الأخير أمام كوادر الحزب بالعاصمة.
وقال سعيد بوحجة “هذه سابقة خطيرة يرفضها الرأي العام الوطني كما يرفضها الرأي العام الدولي، أين هي مصداقية الجزائر عند انتخاب هذا الرئيس غير الشرعي وبطريقة غير مشروعة، وسنجد أنفسنا حينها أمام رئيسين، رئيس رسمي للمجلس الشعبي الوطني، ورئيس غير شرعي يمثل سلطة الأمر الواقع التي تحدث عنها أحمد أويحيى”.
ولفت إلى أن “الهبة الشعبية وآراء العقلاء من القانونيين ورجال الفكر أثبتتا أن الخطوات التي اتخذتها الأحزاب مرفوضة وغير قانونية وغير دستورية. الشعب غاضب لأنهم أمام سابقة خطيرة تستهدف التماسك الشعبي وقوانين الجمهورية، وتستهدف شخص الرئيس لأننا لسنا معارضين، نحن من نفس التحالف”.
وتعتبر الكتل النيابية الموالية للسلطة، نفسها صاحبة التمثيل الشعبي والأغلبية المطلقة في المجالس المنتخبة وطنيا ومحليا، وتملك صلاحية سحب الثقة من رئيس البرلمان لأنه لا يمثلها، وتستدل في ذلك بعريضة سحب الثقة التي وقع عليها 351 نائبا. لكن بوحجة قال “هذه الأحزاب هي التي أثبتت عجزها عن ترجمة الواقع الشعبي، وهي مهمة بسيطة مقارنة بمهمة تسيير شؤون البلاد وأبسط مواطن حكم عليها بالعجز”.
وأضاف “الآن ظهرت نواياها الخبيثة، وغير الإيجابية لأنها تدوس على قوانين الجمهورية، وتذهب في تيار مخالف لما سطره رئيس الجمهورية من ترسانة كبيرة من التشريعات التي أعطت الحماية للمؤسسات، وكرست استقرارها، وأعطت مصداقية للبلاد أمام الرأي العام الدولي”. وتابع “أعتبر نفسي الرئيس الرسمي للمجلس الشعبي الوطني، وأحاول التعامل بمرونة مع هذه الحماقة التي يقوم بها هؤلاء الفاشلون الذين لا يستطيعون فك معضلة بسيطة كالقضايا الاقتصادية، وتربية الشباب الجزائري، والتنمية الاجتماعية”.
وشدد على أنه “صامد إيمانا مني بالجزائر وبالمصلحة العليا للبلاد وصونا لأمانة الشهداء”.
وتوحي مفردات سعيد بوحجة بأنه ما زال يأمل في موقف حاسم من طرف الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، لفض الصراع، وفي رد على رسالته الرسمية التي وجهها له في
وقت سابق للتدخل في الأزمة، رغم أنه يجزم بأن محيط الرئيس يحجب عنه حقيقة الوضع.