محمد السادس يكلف عزيز أخنوش ببلورة تصور استراتيجي شامل وطموح لتنمية قطاع الفلاحة والصيد البحري
حظي عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري المغربي والرجل المثير للجدل في المشهد السياسي المغربي، باستقبال خصه به العاهل المغربي محمد السادس في القصر الملكي في مراكش، وحسب ما جاء في بيان صادر عن الديوان الملكي،
فقد جدد الملك خلال هذا الاستقبال «التعبير عن آماله وطموحاته في عالم قروي متميز يخلق أنشطة جديدة مدرة لفرص الشغل والدخل، لا سيما لفائدة الشباب»، وكلف الملك عزيز أخنوش ببلورة تصور استراتجي شامل وطموح من أجل تنمية القطاع ورفع هذا التصور إلى «النظر المولوي السامي».
وشدد الملك على ضرورة «توسيع مجال الاستثمار الفلاحي في وجه جميع الفئات، مع تشجيع انبثاق طبقة وسطى فلاحية، وزيادة تسهيل الولوج للعقار الفلاحي لفائدة الاستثمار المنتج، وذلك عبر الوضع التدريجي لمليون هكتار إضافي من الأراضي الجماعية رهن إشارة ذوي الحقوق، كما تم التأكيد على ذلك في خطاب البرلمان». وأضاف البيان أن الملك جدد التأكيد على «أهمية إدماج قضايا الشغل وتقليص الفوارق ومحاربة الفقر والهجرة القروية في صلب أولويات استراتيجية التنمية الفلاحية» .
ويأتي هذا الاستقبال بعد أن أكد الملك في خطابه أمام البرلمان في افتتاح دورته الخريفية يوم الجمعة 12 أكتوبر الجاري، على ضرورة تنمية فرص الشغل بالعالم القروي بهدف خلق طبقة وسطى فلاحية وجعلها «عامل توازن ورافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على غرار الدور الهام للطبقة الوسطى في المدن»، حيث دعا الحكومة إلى بلورة «آليات مبتكرة لمواصلة تحفيز الفلاحين على مزيد من الانخراط في تجمعات وتعاونيات فلاحية منتجة ومتابعة التكوين في المجال الفلاحي»، وركز أيضًا على إيجاد سبل لإنصاف الفلاحين الصغار، خاصة فيما يتعلق بتسويق منتوجاتهم والتصدي الصارم للمضاربات وتعدد الوسطاء .
وأحيا الاستقبال الملكي لأخنوش والمهام التي أنيطت له النقاش من جديد حول «مخطط المغرب الأخضر» ومآلاته، واعتبرت بعض الآراء أن المبادرة هي من أجل تصحيح التوجهات التي تم اختيارها في إطار هذا المخطط قبل عشر سنوات، حيث أشارت تحليلات استندت إلى إحصائيات وتقرير برلماني صادر سنة 2016، إلى محدودية المخطط الأخضر وفشله في خلق مناصب الشغل، بل الأكثر من ذلك أنه تم فقدان مناصب شغل بدل خلقها، ما يجعل الأهداف التي سطرها المخطط سنة 2008 والمعدل الذي وعد به من مناصب الشغل في أفق 2020 وهي 5,7 مليون منصب شغل، باتت بعيدة المنال بحكم المؤشرات الحالية التي أوضحت فقدانًا لمناصب سالفة في القطاع بدل خلق أخرى جديدة.
«مخطط المغرب الأخضر» وتقييمه ليس سوى جزء مما طفا على السطح بعد الاستقبال الملكي لأخنوش، فما سجلته وسائل الإعلام والمتابعون للمشهد السياسي المغربي هو عودة نجم وزير الفلاحة من خلال عدة محطات أهمها الاستقبال الملكي الأخير، وذلك بعد فترة كمون وتراجع ذهبت خلالها بعض التحليلات بأفول نجم الملياردير النافذ سياسيًا الذي توجهت له أصابع كثيرة بدوره الكبير في عرقلة أو ما أصبح يعرف بـ«البلوكاج» الذي أجهض حكومة عبد الإله بينكران الثانية وفرض تحالفًا حكوميًا هجينًا يضعف الحزب الحائز على المرتبة الأولى في انتخابات السابع من أكتوبر 2016 وهو حزب العدالة والتنمية.
الحديث عن بداية أفول نجم أخنوش، الذي لم يعد خافيًا ولا هو نفسه يخفي رغبته في رئاسة حكومة 2021، جاء بعد حملة المقاطعة الشعبية التي استهدفت شركته للغاز إلى جانب شركة مغربية للماء المعدني وأخرى فرنسية للحليب، وهي الحملة التي وضعت اسمه في عاصفة نقد شديدة في منابر إعلامية وطنية ودولية لجمعه بين المال والسلطة ودوره في الأغلبية الحكومية رغم حصول حزبه (التجمع الوطني للأحرار) الذي يرأسه على عدد ضعيف من أصوات المنتخبين، وهي الفترة التي فرضت على أخنوش أن توارى عن الأضواء ولم يدخل في أي تفاعل مع حملة المقاطعة باستثناء في بدايتها، حينما استخف بقدرة وسائل التواصل الاجتماعي على إلحاق الضرر بشركته، وهو ضرر أكدته أرقام صادرة عن البورصة، لكنها لم تدفع شركته لاتخاذ أي إجراء على عكس شركة الحليب الفرنسية. ويتضح أن حملة المقاطعة التي انطلقت في منتصف أبريل الماضي فرضت على أخنوش أن يحني ظهره للعاصفة إلى أن مرت، حيث بدأت إرهاصات خفوتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ليعود من جديد بخطاب ليس مختلفًا عما كان خلال فترة البلوكاج وما تلاها، وليعود دوره بقوة في المشهد السياسي بعدما نعاه بعض المحللين واعتبروا أن المقاطعة وضعت نهاية مشروعه السياسي الراغب في إضعاف «البيجيدي» أو إزاحته.