العثماني يفشل في تطويق الخلافات داخل حزب العدالة والتنمية المغربي
تكررت الاجتماعات التي تجريها قيادات حزب العدالة والتنمية المغربي في إطار الحوار الداخلي، لكنها فشلت إلى حدّ الآن في تطويق الأزمات المتناسلة داخل الحزب منذ عامين، وخاصة الدور الذي تلعبه مجموعة الأمين العام السابق عبدالإله بن كيران.
واعتبر الأمين العام للحزب سعدالدين العثماني أن “بعض أعضاء الحزب يعبرون عن مواقف مخالفة للحزب”، مشددا على أن “مواقف الحزب الرسمية تعبر عنها الهيئات المسؤولة والرسمية المخولة، أو الأمين العام باعتباره ناطقا رسميا”.
وسعى العثماني عند افتتاحه، السبت، أشغال الندوة الوطنية الثالثة للحوار الداخلي للحزب إلى تحميل الأزمة لأطراف خارجية، دون أن يعترف بأن الخلافات قديمة وعميقة وأنها لا يمكن أن تنتهي بالتكتم أو تغليب منطق الأخوة والتماسك التنظيمي.
وقال إن “الحزب بقي موحدا وفاعلا على عكس ما يتمناه الخصوم وما يبشر به المنجمون” مضيفا أن العدالة والتنمية “استعاد عافيته وقواعده تشتغل، وهيئاته بعافيتها التنظيمية”.
وتعود خلفية تدشين الحوار الداخلي إلى الصراع بين قيادات العدالة والتنمية إلى المرحلة التي تزامن فيها إعفاء عبدالإله بن كيران من تشكيل الحكومة مع انتخاب سعدالدين العثماني أمينا عاما جديدا للحزب دون التمديد لبن كيران لولاية ثالثة، وقد راهن العثماني بمعية ما يسمى تيار الوزراء على الحوار لتجاوز الخلافات المطروحة بين أعضاء الحزب الذي يقود الحكومة المغربية.
وقال مراقبون إن العثماني يبحث عن تلميع صورة العدالة والتنمية أمام الرأي العام خاصة في ضوء فشل الحكومة التي يقودها في مواجهة الكثير من الأزمات. كما سعى العثماني إلى إرسال رسائل طمأنة للقواعد وكذلك العمل على خلق نوع من التسويات مع تيار بن كيران، ليكف الأخير عن تقويض سلطة العثماني كأمين عام داخل الحزب.
ولفت العثماني في كلمته، السبت، إلى أن الحوار يسهم بشكل مقدَّر في الاستعادة التدريجية للعافية التنظيمية للحزب كما أنه علامة على هذه العافية.
ورغم أن الحوار الذي تم تدشينه في أبريل الماضي في أول اجتماع للجنة الحوار داخل الحزب بهدف تجاوز تبعات تصدع الصف الداخلي، فما زالت التشنجات قوية بين قيادات الصف الأول والتي تؤثر سلبا على تماسك العدالة والتنمية.
وبشأن نجاح العدالة والتنمية في كسب رهان الحوار الداخلي، أكد محمد الغزالي أستاذ بكلية علوم التربية بالرباط، أنه من المبكر الحديث عن نجاح الحزب في الحوار لأننا يجب أن ننتظر المخرجات، لأنه من المفروض أن يعطينا الحوار الداخلي أدبيات وأفكارا جديدة أو على الأقل قراءة موحدة للشأن السياسي المحلي، لذلك لا يزال من المبكر الحديث عن نجاح الحوار الداخلي.
وعادت إلى واجهة النقاش الطريقة التي تم بها انتخاب رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي)، حيث قال العثماني، إن “ما رافق انتخابات مجلس المستشارين من نقاش لن يضر العمل الحكومي الذي لا يعرف أي مشكلة على مستوى تماسك الأغلبية”، معتبرا أن الخلافات داخل حكومته مثلها “مثل ما يوجد في جميع حكومات العالم”.
واستغرب العثماني ممّا اعتبره ردّ فعل بعض مكونات الأغلبية؛ مشددا على أن اللقاء الذي اجتمع فيه الحلفاء لم يخرج بقرار نهائي رغم أن البعض منهم طالب بالاكتفاء بمرشح المعارضة.
وأوضح أنه رفض مصادرة حق الأمانة العامة لحزبه في اتخاذ ما تراه مناسبا، كاشفا عن “أنني أخبرتهم (أحزاب الائتلاف الحكومي) بأننا لا نطلب منهم التصويت لمرشح حزبنا لأن هذا قرار يخصنا”.
وقال مراقبون إن موافقة العثماني على ترشيح نبيل شيخي، رئيس فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، لرئاسة المجلس، جاءت تلبية لضغوط من داخل حزبه وحتى لا يصطدم معهم داخل الحوار وخصوصا من طرف التيار المعارض ومنهم القيادي حامي الدين.
واعتبر المستشار حامي الدين أن ترشيح نبيل شيخي ينسجم مع روح التنافس السياسي ويؤكد على استقلالية القرار الحزبي.
وقد فاز حكيم بن شماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، بمنصبه كرئيس لمجلس المستشارين، بعد هزم منافسه عن حزب العدالة والتنمية نبيل شيخي في 15 أكتوبر الجاري.
ولم تستوعب بعض أحزاب الائتلاف الحكومي تقديم العدالة والتنمية مرشحا منتقدة هذا السلوك.