الآلاف يتظاهرون في لندن للمطالبة باستفتاء جديد حول بريكست

شارك عشرات الآلاف من البريطانيين المعارضين لبريكست في تظاهرة في وسط لندن السبت، بحسب تقديرات الجهات المنظمة، في محاولة جديدة للحؤول دون خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي.

واتّسمت مسيرة المتظاهرين نحو مقر البرلمان بالاحتفالية والضجيج، وقد جمعت حشدا كبيرا في مسعى لا تبدو حظوظه كبيرة لإقناع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بتنظيم استفتاء ثان. واصطحب عدد من المشاركين في المسيرة كلابهم، تلبية لمطالب الجهة المنظمة لـ”مسيرة تصويت الشعب” والتي انطلقت من منطقة هايد بارك إلى قصر وستمنستر في أجواء صافية.

وسعى المشاركون في التظاهرة إلى توجيه رسالة مفادها أن بريكست الذي وعد به مؤيدوه قبل استفتاء يونيو 2016، بعيد كل البعد عما يتم التفاوض حوله حاليا.

ويقول المتظاهرون إنهم كانوا ليصوتوا ضد بريكست لو علموا حينها الأثمان المترتبة عن ذلك. ولفّ المتظاهر بيتر هانكوك، وهو صاحب شركة صغيرة، كلبه بالعلم الأوروبي وقال لوكالة فرانس برس “أعتقد أنه تم تضليل الشعب بطرق مختلفة”. وقالت زوجته جولي من على كرسيها النقال “نريد أن نبقى أوروبيين. لا نرى أي فائدة في الخروج من الاتحاد الأوروبي”.

وبلغ عدد التواقيع على عريضة تطالب بتنظيم استفتاء ملزم حول أي اتفاق يتم إبرامه قبل موعد خروج بريطانيا من التكتل في مارس المقبل 950 ألف توقيع قبيل انطلاق المسيرة.

وكانت رئيسة الوزراء أعلنت بوضوح أنها لا تنوي السماح بإعادة النظر في بريكست. وقالت ماي الأربعاء الماضي في البرلمان “يطالبون الآن باستفتاء ثان والعودة للشعب البريطاني ليقولوا له نحن آسفون للغاية نعتقد أنك أسأت الخيار”.

وأضافت ماي “لن يجري استفتاء ثان. الشعب قال كلمته، وهذه الحكومة ستنفّذ قرار الشعب”، لكن وصول المفاوضات بين لندن وبروكسل إلى حائط مسدود يثير الشكوك حول ماهية الاتفاق الذي يمكن أن تتوصل إليه الحكومة البريطانية، أو ما إذا كان الاتفاق ممكنا.

ومع قرب موعد خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي المقرر في مارس 2019، تواجه الحكومة البريطانية احتمال الخروج من دون التوصل لاتفاق ينظم العلاقة مع الاتحاد الأوروبي بعد بريكست، أو البقاء لسنوات في فترة انتقالية مع تعديلات سيكون أبرزها خسارة بريطانيا قدرتها على التأثير في قرارات الاتحاد الأوروبي.

ولا يحظى أي من هذين الخيارين بتأييد كبير، كما أن تبادل الاتهامات على خلفية ما آلت إليه الأمور في بريطانيا يزيد من عزلة ماي وضعفها. ويطرح قادة أوروبيون، على غرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تساؤلات حول ما إذا كان يمكن لاستفتاء ثان أن يزيل الفوضى القائمة.

هل تنفّذ الحكومة قرار الشعب
هل تنفّذ الحكومة قرار الشعب

وتظهر الاستطلاعات تعادلا بين مؤيدي ومعارضي تنظيم استفتاء ثان، وكذلك الأمر بالنسبة للموقف من بريكست بحد ذاته.

وأيد 52 بالمئة من المشاركين في استفتاء 2016 الخروج من الاتحاد الأوروبي في تصويت بلغت نسبة المشاركة فيه 72 بالمئة.

ويتوقع البعض أن يطالب النواب في ربع الساعة الأخير بإجراء استفتاء ثان لتفادي فوضى عارمة قد تنجم عن اتفاق قد يتم فرضه على بريطانيا ولا قدرة لهم على رفضه.

وتوقع المنظمون أن يتجاوز عدد المشاركين في المسيرة مئة ألف متظاهر كانوا خرجوا لهذه الغاية في يونيو الماضي، وأن ينظموا التظاهرة “الأكبر” التي تضم مناصرين لمختلف الأحزاب الرئيسية.

وقال جيمس مجروري، أحد منظمي المسيرة، إن المواطنين يجب أن يحصلوا على فرصة لتغيير رأيهم لأن القرار سيؤثر في حياتهم. وأضاف “يرى الناس أن مفاوضات الخروج في فوضى عارمة وليست لديهم ثقة في أن الحكومة ستفي بتعهداتها، والسبب إلى حد ما أنها غير قابلة للتنفيذ”.

أما فيونا غودفري التي تمثل مجموعة من المهاجرين البريطانيين في لوكسمبورغ، فقد أتت إلى لندن لأن بريكست سيضع عقبات كبيرة أمام عودتها إلى بلادها مع زوجها الألماني.

وقالت غودفري “سيتعين علينا التقيّد بقواعد حد أدنى للمدخول، علما أنني أعمل لحسابي الخاص”، مضيفة “أنا أخسر حق التصويت، وحق كسب المعيشة، وحرية التنقل في لوكسمبورغ التي يمكن عبورها خلال 15 دقيقة”.

وتضم لائحة المتحدثين المتوقع مشاركتهم السبت في وسط لندن، رئيس بلدية العاصمة صادق خان الذي ينتمي لحزب العمال، فضلا عن أعضاء من حزب المحافظين وحزب العمال وحزب الديمقراطيين الأحرار وحزب الخضر والحزب الوطني الاسكتلندي.

واعتبرت كارمن سميث، من مؤيدي حركة “من أجل مستقبلنا” في بيان، أن “المسائل الأكثر أهمية لم يتم التفاوض عليها بعد. وأن الوقت بدأ ينفد، وهذه مسألة ملحة. نخبة بريكست أظهرت أنها غير قادرة على حل المشكلة، ولكن بإمكانكم فعل ذلك، بطلبكم التصويت من الشعب”.

واكتسبت فكرة الاستفتاء الجديد شعبية في الأشهر الأخيرة في المملكة المتحدة، وتدعمها شخصيات سياسية من جميع الاتجاهات، مثل رئيس الوزراء السابق توني بلير، لكن ذلك يحتاج إلى اتفاق غالبية أعضاء البرلمان البريطاني كما أن حكومة ماي تعارضه في حين يرفض حزب العمال استبعاد مثل هذا السيناريو.

وتأتي مسيرة السبت في وقت تتزايد فيه الضغوط على رئيسة الوزراء تيريزا ماي بسبب إستراتيجية التفاوض مع الاتحاد قبل نحو خمسة أشهر فقط على موعد خروج بريطانيا. ولا يوجد حتى الآن اتفاق للخروج، وقد هدد بعض أعضاء حزب المحافظين الذي تنتمي إليه ماي بإسقاط الاتفاق من خلال التصويت إذا تم إبرام اتفاق.

وتتعثر مفاوضات الطلاق بين الاتحاد والمملكة بشأن الحدود بين جمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي ومقاطعة أيرلندا الشمالية التابعة للمملكة المتحدة وتحديد مفهوم “شبكة الأمن” المطلوبة لضمان ألا تعود مجددا الحدود المادية في الجزيرة، وذلك للحفاظ على اتفاقات السلام للعام 1998.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: