تهدئة مفاجئة في الخطاب التركي تجاه السعودية بعد فشل التسريبات

يسيطر الارتباك على إدارة المسؤولين الأتراك عن قضية الصحافي السعودي المختفي جمال خاشقجي. وفيما بدا أن السلطات التركية متحمسة لتسريب الصور والفيديوهات، وأنها توزعها وفق خطة مدروسة للضغط على السعودية بشكل تصاعدي، أوحى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بأن بلاده تريد التهدئة مع الرياض من خلال نفيه توفير الملفات الخاصة بالتحقيقات إلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أو لغيره، بالتزامن مع حديث تركي عن محاولة للوقيعة بين السعودية وتركيا.

وقالت أوساط سياسية تركية إن الخطاب الناعم الذي ظهر بشكل مفاجئ في تصريحات جاويش أوغلو يؤكد أن أنقرة تشعر بأنها لم تستفد من التسريبات، أو أنها فشلت في ابتزاز الرياض، فضلا عن إحساس بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد سحبت منها ورقة خاشقجي.

وقال وزير الخارجية التركي الجمعة إن أنقرة لم تقدم تسجيلات صوتية تردد أنها توثق مقتل خاشقجي داخل قنصلية بلده في إسطنبول، نافيا بذلك تقارير أميركية تتحدث عن أن الأتراك قد قدموا بعض تلك التسجيلات لبومبيو خلال زيارته الأربعاء لأنقرة.

وأكد جاويش أوغلو للصحافيين أثناء زيارة لألبانيا أن “تركيا لم تقدم أي تسجيلات صوتية لبومبيو أو لأي مسؤول أميركي آخر”.

وأشارت الأوساط التركية إلى أن تصريحات جاويش أوغلو لم تكن معزولة، مشيرة إلى تغيير في نبرة الخطاب الإعلامي التركي، وهو ما يخفي رغبة لدى أنقرة في طمأنة الرياض، أو تبديد غضبها بشأن ما بدا أن الأميركيين قد حصلوا عليه.

واعترفت وكالة الأناضول للأنباء الرسمية، بأن تركيا تجد نفسها وقد حشرت في الزاوية “فإن هي سارعت في توجيه الاتهام للمملكة (السعودية) حدثت الفتنة وحصل المطلوب. وإن هي تراخت في التحقيق والكشف عن الجناة، فسوف توجه إليها أصابع الاتهام بالضلوع في الجريمة”.

وحثت الوكالة على “ترجيح لغة العقل من كلا الطرفين، من خلال اتصال الملك سلمان بن عبدالعزيز بالرئيس رجب طيب أردوغان، والتأكيد على عمق العلاقات بين المملكة وتركيا، وإرسال الأمير خالد الفيصل برمزيته، وصدور قرار بالعمل المشترك من خلال تشكيل مجموعة عمل مشتركة (للتحقيق)… خطوات مهمة جدا من شأنها تفويت الفرصة على الطامعين بالاصطياد في الماء العكر”.

مولود جاويش أوغلو: تركيا لم تقدم أي تسجيلات صوتية لبومبيو أو لأي مسؤول أميركي آخر
مولود جاويش أوغلو: تركيا لم تقدم أي تسجيلات صوتية لبومبيو أو لأي مسؤول أميركي آخر

ويعتقد مراقبون أتراك أن الخط العام في تركيا، والذي يتبناه الرئيس رجب طيب أردوغان وفريقه الحكومي، هو التصعيد مع السعودية، لكن التهدئة المفاجئة تهدف إلى المناورة، والنأي بالنفس عن التسريبات الموجهة إلى الإعلام الأميركي من “جهات تركية نافذة”، وهي تسريبات كانت تخطط لجر واشنطن والرياض إلى تصعيد ثنائي.

لكن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قاربت الأمر بشكل مخالف للخطة التركية، ما جعل أنقرة تبحث الآن عن خط الرجعة في العلاقة مع السعودية، ومحاولة تبرئة ساحة المسؤولين الأتراك من التسريبات التي لم تنفها تركيا إلا بعد أن حققت رواجا واسعا ومست من سمعة السعودية.

ويبدو أن ترامب لا يرغب في أن ينأى بنفسه كثيرا عن السعوديين، حيث أشار إلى دور الرياض في التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة وصفقات سلاح محتملة بعشرات المليارات من الدولارات.

ويشدد ترامب على أنه يريد معرفة حقيقة ما حدث، مشيرا إلى أن بلاده طلبت من تركيا أي دليل صوتي أو مصور بينما قال بومبيو إنه ينبغي منح الرياض بضعة أيام أخرى لاستكمال تحقيقها.

واستجوبت النيابة التركية الجمعة موظفين أتراكا في القنصلية السعودية في إسطنبول. واستجوب في الإجمال 15 موظفا تركيا وفق قناة “أن.تي.في” التركية الخاصة. وكانت السلطات فتشت خلال الأسبوع مبنى القنصلية ومنزل القنصل السعودي.

ومن بين الأشخاص الذين تم الاستماع إلى إفاداتهم سائق القنصلية وتقنيون ومحاسبون، بحسب ما أوردت وكالة أنباء الأناضول الرسمية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: