تسلا على خطى أبل: صُمّم في أميركا وصنع في الصين
أبرمت شركة تسلا الأميركية اتفاقا طال انتظاره مع سلطات شنغهاي الصينية، لبناء أول مصانعها خارج الولايات المتحدة، والذي سيضاعف إنتاجها ويساهم في خفض سعر سياراتها في أكبر سوق سيارات في العالم.
وقالت الشركة في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية أمس إنها “وقّعت اتفاقا مع حكومة شنغهاي لتشييد أول مصنع جيجا لها خارج الولايات المتحدة باستثمار ملياري دولار”.
ويعتبر الاتفاق خطوة مهمة للشركة ورئيسها التنفيذي، إيلون ماسك، نحو إخراج الشركة من دوامة الخسائر من خلال التصنيع بتكاليف منخفضة في السوق الصينية السريعة النمو.
ويعزّز التوجه الذي يثير انتقادات الرئيس دونالد ترامب وهو اتجاه الشركات الأميركية للتصنيع في الصين والذي تعد شركة أبل أكبر مثال له، ويمكن أن يعرضها لانتقادات ترامب.
500 ألف سيارة كهربائية، من المتوقع أن ينتجها مصنع تسلا في مدينة شنغهاي الصينية سنويا
وتحذو تسلا بذلك حذو معظم شركات التكنولوجيا التي تصمم منتجاتها في الولايات المتحدة وتصنعها في الصين. وكان آخرها هارلي ديفدسون التي لوح ترامب بفرض رسوم على دراجاتها النارية، في وقت تتسع فيه المخاوف من شمول تلك المنتجات بحرب الرسوم الجمركية بين البلدين.
وقال روبن رين، نائب رئيس تسلا للمبيعات العالمية، في بيان “تدبير هذا الموقع في شنغهاي، حيث سيقام أول مصنع جيجا لتسلا خارج الولايات المتحدة، خطوة مهمة صوب ما سيصبح موقعنا التصنيعي المتقدم والمطور تطويرا مستداما التالي”.
ونقلت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست عن رين قوله في يونيو الماضي، أن “السيارات التي سينتجها مصنع شنغهاي ستكون لا تصدق”.
ولم تذكر تسلا سعر قطعة الأرض، لكن مكتب التخطيط وموارد الأرض في شنغهاي قال إن “قطعة أرض مساحتها نحو 885 ألف متر مربع بيعت في مزاد علني بسعر يقدر بحوالي 973 مليون يوان (140.51 مليون دولار).
وكان الاتفاق، الذي أبرمته تسلا مع حكومة شنغهاي في يوليو الماضي، ينص على افتتاح مصنع في المدينة الصينية بطاقة إنتاج سنوية تبلغ نصف مليون سيارة.
وسيسهم مصنع تسلا الجديد في استكشاف الفرص في سوق سيارات الطاقة الجديدة سريعة النمو في الصين، وهي فئة تضم السيارات التي تعمل بالبطارية والسيارات الهجين، حتى مع تباطؤ سوق السيارات عموما في الصين.
وكان أكبر اتحاد لمصنّعي السيارات الصينيين قد قال الأسبوع الماضي، إن “مبيعات سيارات الطاقة الجديدة زادت 54.8 بالمئة في سبتمبر الماضي، و81.1 بالمئة في الأشهر التسعة الأولى من 2018 إلى 721 ألف سيارة”.
وبدأت تسلا في توظيف عاملين لمصنعها الجديد في شنغهاي في أغسطس الماضي. وقالت الشركة من قبل إنها ستجمع السيولة من أسواق الدين الآسيوية لتمويل تشييد المصنع الذي ستبلغ تكلفته نحو ملياري دولار.
وكان ماسك قد قال في اجتماع للمساهمين في الشركة، قبل الضجة التي أحدثها قبل أسابيع حول طرح أسهم الشركة، إنه يرى مستقبل تسلا يتضمن من 10 إلى 12 مصنعا ضخما. وألمح حينها إلى مصنع جديد للشركة في أوروبا، قائلا، “ربما أوروبا في نهاية العام، علينا فقط أن نعرف أين نضعه”.
ولدى تسلا مصنعان فقط، الأول هو مصنعها الضخم الوحيد بمدينة فريمونت جنوب سان فرانسيسكو، بينما لديها مصنع بطاريات في مدينة رينو بولاية نيفادا.
وقال محللون إن تسوية الاتهامات التي تعرضت لها تسلا بانتهاك شروط الإفصاح، تمثل ضربة خفيفة على يد مؤسسها ماسك وأنها أنقذت الشركة من سيناريوهات كارثية، في وقت تعاني فيه الشركة من تسجيل الخسائر وتأخر برامج الإنتاج.
وقررت السلطات التنظيمية الأميركية تسوية القضية بدفع تسلا 40 مليون دولار وتنحي ماسك عن رئاسة مجلس إدارة الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية.
وسيدفع ماسك وتسلا المبلغ مناصفة بموجب التسوية، التي تضع نهاية لأزمة كبيرة استمرت نحو شهرين، والتي ستسمح للملياردير الشهير بمشاريع التكنولوجيا المستقبلية بالبقاء كرئيس تنفيذي للشركة.
ومن المتوقع أن يكون الاتفاق، الذي أعلنته لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، مبعث ارتياح للمستثمرين الذين كانوا يخشون معركة قضائية طويلة تعمّق متاعب الشركة المثقلة بالخسائر وتأخر برامج الإنتاج.
وكان ماسك قد أعلن الشهر الماضي أنه تم تأمين التمويل اللازم لإلغاء إدراج الشركة في البورصة، لكن عاد وأعلن بعد أسبوعين عن إلغاء الخطط، في إقرار غير مباشر بتراجع المستثمرين الذين كان يعوّل عليهم.
وكشف تراجع ماسك عن فكرة إلغاء إدراج أنه خسر رهانه على إقناع الصندوق السيادي السعودي بالمشاركة في الصفقة في ظل استمرار تسجلها للخسائر وتأخر برنامج إنتاج الجيل الثالث من السيارات الكهربائية.