الخلافات تطرق من جديد باب الائتلاف الحاكم في المغرب
الخلافات داخل الائتلاف الحكومي المغربي لا تهدأ، فبعد التوتر الذي عاشه الشهر الماضي بسبب تراشق بين العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، تطل أزمة حكومية جديدة بسبب خلافات بشأن مرشح لرئاسة مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان).
عادت الخلافات لتطرق أبواب الائتلاف الحاكم في المغرب من جديد، بحسب تصريحات للكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إدريس لشكر، بعد أن خالف حزب العدالة والتنمية اتفاقا كان قد جرى بين الأحزاب المشكّلة للحكومة.
وفشلت الحكومة الأربعاء، في عقد اجتماع وزاري بسبب تراجع حزب العدالة والتنمية عن اتفاق كان قد أبرمه مع بقية أحزاب الائتلاف الحاكم، يقضي بعدم تقديم مرشح لانتخابات رئاسة مجلس المستشارين.
وقال إدريس لشكر إن “تأجيل اجتماع الأغلبية جاء نتيجة عدم تنفيذ قرار الأغلبية في ما يتعلق بعدم تقديم أي مرشح من الأحزاب المشكلة للحكومة لانتخابات مجلس المستشارين”.
وأضاف لشكر في تصريحات صحافية محلية “أن الأغلبية كانت قد عقدت اجتماعا بداية الشهر الجاري في منزل رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، خلصت فيه إلى اتفاق مشترك بعدم تقديم مرشح لرئاسة مجلس المستشارين”.
وتابع “على أن يتم إصدار بلاغ يوضح أنه سيكون من الأنسب أن يكون هذا المقعد موضع منافسة بين مكونات المعارضة فقط، لأن الأغلبية لا يمكن أن تسيّر الحكومة والغرفة الأولى ثم الغرفة الثانية”.
وشدّد لشكر على أن “أي تغيير في موقف البيجيدي كان يقتضي أن تجتمع الأغلبية وتتداول فيه لأن الأمر يتعلق باحترام الأغلبية لبعضها البعض، وليس أن نتفاجأ بما وقع”، وأضاف “نحن لا نحرم أي طرف سياسي من تغيير موقفه، ولكن كان من الضروري أن يتم إبلاغنا لأننا ندبّر فرقا برلمانية”.
وأشار لشكر، الذي يشارك حزبه في الحكومة في تصريحات لموقع “هسبريس” المحلي، إلى أن “الجميع في الأغلبية كان مقتنعا بالخلاصات التي تم التوصل إليها بشأن عدم تقديم مرشح للأغلبية، وأننا لا نرى مانعا في أن نترك للمعارضة تدبير المستشارين، وهو ما اعتبره الجميع عين العقل”.
أحزاب الأغلبية ترفض عقد الاجتماع الوزاري الأسبوعي قبل تقديم العدالة والتنمية توضيحات حول أسباب خرق الاتفاق المبرم
وحول وجود اتفاق بين الأغلبية لدعم زعيم حزب الأصالة والمعاصرة (أكبر حزب معارض)، أكد لشكر أن الاتفاق كان يقضي بترك المنصب للمعارضة، قبل أن يقدم الرئيس الحالي للمجلس ترشحه من جديد، حيث أعيد انتخابه من قبل الأغلبية البرلمانية في حين لم يحظ مرشح العدالة والتنمية نبيل الشيخي سوى بأصوات حزبه.
وبعث الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى عبدالحكيم بنشماش، على إثر إعادة انتخابه رئيسا لمجلس المستشارين. وجاء في البرقية “لا شك في أن ما تتوفر عليه من مؤهلات، وما عهدناه فيك من تشبّث مكين بمقدسات الأمة وثوابتها، سيجعلك تضاعف الجهود قصد مواصلة العمل مع كافة أعضاء مجلس المستشارين المحترمين، من أجل تكريس المساهمة البناءة للغرفة الثانية في إطار من التكامل مع مجلس النواب”.
ويعيش حزب العدالة والتنمية خلافات ما انفكت تتصاعد منذ إقالة العاهل المغربي الملك محمد السادس لرئيس الحكومة السابق عبدالإله بن كيران بعد فشله في تشكيل الحكومة عقب الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر 2016، وتعيين سعدالدين العثماني.
وانقسم الحزب منذ ذلك الحين إلى شقين شق يدعم بن كيران وشق آخر يطلق عليه اسم “تيار الاستوزار” يقوده العثماني.
ولا يستبعد مراقبون أن تكون لتراجع العدالة والتنمية عن الاتفاق مع بقية أحزاب الائتلاف الحاكم، علاقات بالخلافات والانقسامات داخله.
وتحدثت تقارير إعلامية عن غضب داخل مكونات الائتلاف الحاكم، وهو ما حال دون عقد اجتماع كان مقررا له الأربعاء. وتصر تلك الأحزاب على ضرورة تقديم العدالة والتنمية توضيحات حول أسباب تراجعه عن الاتفاق.
ويضم الائتلاف الحاكم المغربي حزب العدالة والتنمية (ذو المرجعية الإسلامية) وأحزاب التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وكان الائتلاف الحاكم عاش الشهر الماضي على وقع توتر بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار، قبل أن ينجح العثماني في تطويقه.
واتهم قياديون من حزب الأحرار حزب العدالة والتنمية بالوقوف وراء الهجمة الشرسة التي تعرض لها حزبهم في الأشهر الماضية، ارتباطا بحملة المقاطعة الاستهلاكية التي شهدت تشهيرا بزعيم الحزب عزيز أخنوش الذي يملك إحدى الشركات المشمولة بالمقاطعة.
واعتبر مراقبون ما حدث بين الحزبين معركة انتخابية مبكرة، لا سيما في ظل تنامي شعبية حزب الأحرار الذي بات يقدم نفسه كمنافس أول لحزب العدالة والتنمية منتزعا بذلك مكان حزب الأصالة والمعاصرة. وبلغت الخلافات ذروتها في نهاية الشهر الماضي، ما أثار توقعات بإمكانية انفراط عقد التحالف الحكومي قبل أن يتم تطويقها.
والأسبوع الماضي، ذكرت تقارير إعلامية محلية أن الاجتماع الذي عقدته الأغلبية الحكومية طوى صفحة الخلاف بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار.