زارعة الامل
كل شخص منا يبحث في ظلمات الحياة ،عن ذلك الضوء الخافت من أجل التشبث به للخوض في دروب الحياة ،التي لا تقبل بالخطأ و تحكم على مرتكبيه بالإعدام. ينفذ في حق الروح تاركا الجسد يواجه نظرات الإحتقارمن طرف وحوش آدمية ،هي من كانت السبب في ارتكاب الفاحشة و الرذيلة.إما عن طريق ترويضها أو إستدراجها لذلك أو عن طريق إغتصابها، كما أصبحنا نسمع في السنوات الأخيرة إغتصابات تلو الأخرى، كما لو أنه لا يوجد قانون رادع يعطي العبرة لمن سولت له نية ارتكاب مثل هذا الجرم المشؤوم.
هن نساء قبل كل شئ ،و أصبحن أمهات في ظروف غامضة بين ليلة و ضحاها بغير إرادتهن ، هن أيضا كانت لهن أحلام ملونة بأبهى الألوان ،التي تزرع فيهن الأمل وتجعلهن يهرولن لتحقيقها ، إلا أن كل تلك الأحلام و الأوهام تبخرت و حولت حياتهن إلى جحيم مؤكد ، وساقتهن إلى سحاب مظلمة محملة بركام من الأحزان و الهموم التي رمت بهم “الأم و الطفل“ في براثين الضياع و التشرد، بسبب الرفض و النكر الذي لقوه من عزيز قريب ، إلا أن كل ذلك بدأ يتلاشى ويندثر بشكل تدريجي ، أي نعم أن تلك النظرة الاحتقارية والدونية لا تزال تفرض وجودها على بعض المخلوقات الأدمية ، لكن ليس بنفس الحدة وكل هذا بفضل زارعة الأمل ، هكذا اسميتها لأنها تمكنت من جعل تلك الأم المكلومة التي تنزع فم رضيعها من ثديها تاركة حليبها يتقاطر في شوارع التيه إلى أم تحضن وتشبع رضيعها حبا وحنانا وعطفا ، في حين كان سيشقى في حياة قاسية مؤلمة تفتح ذراعيها للأسى والألم لا ينتهي لولا “عائشة الشنا “ التي رفعت مشعل التحدي في وجه أولئك الذين اعتبروا عملها هراء وسخروا من هدفها في تقديم يد العون لأمهات ضحايا غدر الزمان ، فكانت لهم ظهرا يستندن عليه ضد كرب مكتوب ، فاحتضنتهن بأحضان ملؤها الحب والأمل في حياة كادت أن تنتهي قبل أن تبدأ وتعرض كل الآمال والأحلام إلى إجهاض محتم .
فقد رسمت وخططت فأحسنت التخطيط بمشاريع أنارت دروب نساء تنفسن الصعداء بفضل مراكز فتحت ذراعيها في وجههن صباح مساء فهذه المراكز كتب لها أن ترى النور بفضل المجهودات رغم كل العراقيل والرفض الذي قوبلت به إلا أنها تمكنت من تحدي كل من حاربها في بداية مسارها وكلل ذلك بنجاح رادع لمن تصدى لها في مشوارها الهادف ، ويرجع ذلك بالأساس إلى عزيمة قوية ومتجذرة تضاهي قوة جبل شامخ.
هذه هي زارعة الأمل في نفوس من لا أمل لهم..
لبنى بوعزة .