المغرب في ريادة صناعة السيارات على المستوى الافريقي
Oct-08
تمكن المغرب في ظرف سنوات وجيزة من أن يصير مركزا رائدا لصناعة السيارات في افريقيا. وهو ما أدلت به مؤخرا اليومية الأمريكية «وول ستريت لو جورنال» المختصة في الاقتصاد والمال، التي اعتبرت أن المغرب تفوق على جنوب افريقيا كمركز لصناعة السيارات في القارة الافريقية وأن من المتوقع أن يتجاوز إنتاجه للسيارات ايطاليا قريبا. تجاوز المغرب لجنوب افريقيا أكدت عليه كذلك جريدة «Business Day» الجنوب افريقية، حيث عبرت عن مخاوفها من كون جنوب افريقيا على شفا أن تفقد مركزها الريادي في هذه الصناعة معتبرة أنها في طريق التخلي عن موقعها كمركز افريقي في مجال صناعة السيارات لصالح المغرب، البلد الحديث العهد بالاستثمارات في هذا القطاع الاستراتيجي.
وأشارت «وول ستريت لو جورنال» إلى أن المغرب في طريقه لأن يصبح موردا رئيسيا لمصانع السيارات في أوروبا متحدثة عن استئثار شركة صناعة السيارات الفرنسية «رينو» بحصة تفوق 40 في المئة من سوق المنطقة وعن رهان «بيجو» على مصنع كبير في المغرب من المنتظر أن يشرع في الإنتاج نهاية هذه السنة وكذلك شركات صناعة السيارات العالمية التي ترى إمكانيات نجاحها في شمال افريقيا حيث استثمر ت كل من «فولكسفاغن» و»رينو» و»بيجو» و»هيونداي» و»تويتا» مليارات من الدولارات في افريقيا في السنوات الأخيرة وتتجه لخوض غمار منافسة الشركتين الأخريين وإحداث مصانع لها حسب مختصين.
النجاح الذي حققه المغرب في هذا المجال والذي جعله في غضون سنوات قليلة يصبح منافسا حقيقيا لجنوب افريقيا هو بفضل استراتيجية تستهدف بلوغ إنتاج مليون سيارة في أفق سنة 2025 وتحقيق 200 مليار درهم من رقم معاملات التصدير وفق ما أعلن عنه وزير الصناعة، مولاي حفظ العلمي حيث قال: «سنتجاوز إلى حد كبير الـ 100 مليار درهم من رقم معاملات التصدير المتوقع في أفق 2020 لكنني أريد أن أتخذ رهانا جديدا وأرفع العتبة إلى 200 مليار درهم في التصدير مع إنتاج مليون عربة في 2025» مبرزا في كلمة له في افتتاح الدورة الخامسة لمعرض المناولة بقطاع السيارات في طنجة أن المغرب يتطلع لأن يجعل قطاع السيارات محركا حقيقيا للتنمية مبرزا أن قطاع السيارات استأثر بـ70 في المئة من رقم المعاملات في مجال التصدير سنة 2017 وأنه يساهم في إحداث 29 في المئة من مناصب الشغل في المجال الصناعي وهو معدل يقول أنه سيرتفع مع نشاط PSA «بيجو ستروين» الشركة المصنعة للسيارات بالمركب الصناعي بالقنيطرة المحاذية للعاصمة الرباط.
وكان تقرير للمنظمة الدولية لمصنعي السيارات سنة 2016 قد صنف المغرب في الرتبة الأولى عربيا والثانية افريقيا والثامنة والعشرين عالميا من حيث إنتاج السيارات. وأعلنت شركة «رينو» التي تملك مصنعان في المغرب في كل من طنجة والدار البيضاء عن قفزة في الإنتاج هذه السنة وأن مبيعات الشركة ازدادت سبعة في المئة وهو ما قال عنه العلمي، أن «الحصيلة المرحلية للمنظومة الصناعية لرينو في المغرب فاقت كل التوقعات» موضحا أن الشركة صدرت ما يوازي مليار يورو من قطع غيار السيارات المصنعة في المغرب، ورفعت نسبة إدماج الأجزاء مغربية الصنع في سيارة «داسيا» إلى خمسين في المئة، وأنها تمضي قدما لبلوغ الأهداف المحددة لها في أفق 2023 حيث تطمح الشركة إلى تصنيع 450 ألف سيارة سنويا خلال الخمس سنوات المقبلة.
«رينو» التي استثمرت منشآتها الصناعية في طنجة 815 مليون يورو، استفادت من دعم قدمته الدولة المغربية وربح المغرب النسيج الصناعي الذي جلبته رينو، يقول كريم التازي، رجل أعمال ومحلل اقتصادي أن «الدولة المغربية نجحت في إقناع رينو عبر منحها امتيازات، وحينها هناك من انتقد قرار الدولة في حجم الدعم الذي قدمته، ولكن حين ننظر للنتيجة فقد كانت نجاحا نفخر به في القارة الافريقية» مضيفا في تصريحه أن «النجاح الذي حققه المغرب هو نجاح نموذجي على صعيد القارة الافريقية لأنه لأول مرة الدولة المغربية كانت لها رؤية استراتيجية مندمجة وعرفت كيف تجسدها عمليا لأنه في الغالب ما يكون المشكل هو غياب الرؤية الاستراتيجية» معتبرا أن الفضل الأول في خلق صناعة السيارات يعود لإدريس جطو (رئيس حكومة سابق والرئيس الحالي للمجلس الأعلى للحسابات ومستثمر اقتصادي) وفكرة جطو، دخلت إطارا أكبر يقول التازي، وهو «رؤية الملك محمد السادس الذي كان يرغب في إنشاء ميناء كبير ويخلق فيه نسيجا صناعيا ببنية مندمجة وهو قطاع السيارات». مؤكدا أن المغرب نجح في رهانه على رينو، ثم تم إنجاز معملPSA بيجو سيتروين، في القنيطرة بالدعم نفسه يقول التازي، غير أنه يضيف أن «المغرب منح الامتيازات نفسها لبيجو، لكنه ألزمها على الأقل أن يكون 60 في المئة من المحرك مصنوعا في المغرب وهذا أمر سيكون نموذجيا لأن رينو تستورد المحرك من أوروبا».
ويبلغ الاستثمار الذي وقعه المغرب وPSA بيجو سيتروين، لإحداث المركب الصناعي في القنيطرة ما قدره 6 مليارات درهم حسب أرقام وزارة الصناعة وسيبدأ في إنتاج السيارات ابتداء من سنة 2019 بطاقة إنتاجية تصل 200000 سيارة و200000 ألف محرك على المدى البعيد وسيسمح المشروع، حسب أرقام الوزارة دائما، بإحداث 4500 فرصة عمل مباشرة و 20000 غير مباشرة.
ويرى خبراء أن المغرب ماض في ريادة صناعة السيارات على المستوى الافريقي مستفيدا من قربه الجغرافي من أوروبا ومن ميناء طنجة المتوسط وأن نجاحه في هذا القطاع جعل الكثير من الشركات الكبرى توجه استثمارها نحوه، فقد تم إبرام اتفاق السنة الماضية كذلك مع مجموعة «بي.واي.دي أوتو» الصينية لصناعة السيارات من أجل صناعة السيارات الكهربائية قرب مدينة طنجة.