Oct-05

تواصل القوات البحرية المغربية والإسبانية البحث عن عشرات المهاجرين السريين الذين ينطلقون سرًا من المغرب على متن زوارق نحو الضفة الشمالية للبحر المتوسط، في وقت تتكثف الجهود والاجتماعات بين مدريد والرباط لتطويق هذه الظاهرة التي ارتفعت وتيرتها خلال الأسابيع الماضية متخذة أشكالًا وأسالبيب متعددة.
وقالت القيادة العامة للقوات المسلحة المغربية إن البحرية الملكية قدمت، الأربعاء، بعرض ساحل طنجة، المساعدة لمركب كان يواجه صعوبات وأنقذت خلال هذه العملية 37 مغربيًا من الذكور مرشحين للهجرة السرية، وأوضحت أن «وحدة من خفر السواحل تابعة للبحرية الملكية، تعمل في المياه الإقليمية الوطنية، قدمت المساعدة لمركب مطاطي كان يواجه صعوبات بسبب الأحوال الجوية السيئة، وأنقذت بذلك حياة 37 رجلًا مغربيًا مرشحين للهجرة السرية»، وأضافت أن جميع الأشخاص الذين كانوا على متن المركب قد نقلوا سالمين إلى ميناء طنجة المدينة، وأن المركب الذي كان يوجد في حالة جد متهالكة غرق مباشرة بعد عملية الإنقاذ.
وقالت مصادر إسبانية أن شبكة لتهريب المهاجرين من المغرب إلى مدينة مليلية المغربية التي تحتلها إسبانيا، تمكنت منذ بداية 2017 من تهريب أكثر من 200 مهاجر من جنوب الصحراء إلى المدينة باستعمال صناديق السيارات لتهريب المهاجرين في ظروف لا إنسانية، مقابل حصولهم على مبالغ تقدر بحوالي 800 ألف أورو.
ووفق تحقيقات الحرس المدني الإسباني، فقد تم تهريب 44 من المهاجرين في الأشهر الثلاثة الأخيرة، وتم تفكيك شبكة لتهريب المهاجرين الأسبوع الماضي وخلال الأسبوع الماضي، تم اعتقال ثلاثة مغاربة متهمين بتهريب مهاجرين من جنوب الصحراء داخل صنادق السيارات مقابل 500 4 أورو لكل مهاجر، وتتكون شبكة تهريب المهاجرين داخل صناديق السيارات من 52 شخصًا- جميعهم من أصل مغربي – تم القبض على تسعة منهم في الأشهر الأخيرة.
وقال خالد زروالي، مدير الهجرة ومراقبة الحدود في وزارة الداخلية المغربية، إن بلاده تنشر على طول الساحل الشمالي قوات برية يزيد عددها على 13 ألف عنصر، من أجل مراقبة الحدود تكلفها سنويًا ما لا يقل عن 200 مليون أورو.
وأفاد المسؤول المغربي أنه منذ مطلع العام «سجلنا تفكيك أكثر من 60 شبكة خلال الشهرين الماضيين وإحباط 64 ألف محاولة للهجرة السرية في 2017 ، ووفق التقديرات الحكومية، ستستمر محاولات الهجرة السرية خلال المتبقية من 2018».
وكشف الزروالي أن المغرب يقوم بترحيل، وبشكل طوعي، بين 2000 و3000 شخص سنويًا من المهاجرين من جنوب الصحراء إلى بلدانهم.
وقالت الوزيرة الإسبانية لشؤون الهجرة، كونسيولو رومي، إن «المغرب بحاجة إلى الدعم والمساعدة المالية من الاتحاد الأوروبي لمواجهة الهجرة غير الشرعية»، وقالت إن المغرب وإسبانيا اللذين يتعاونان ويعملان في حدود إمكاناتهما لمراقبة حدودهما «في حاجة إلى دعم الدول الأوروبية».
وأكدت رومي أن «إسبانيا ستسمع صوت المغرب داخل أوروبا للمطالبة بالمزيد من الدعم والمساعدات المالية» لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الهجرة وشبكات الاتجار بالبشر، وأن بلادها ملتزمة بإطلاع شركائها الأوروبيين على «احتياجات المغرب والتزامه» في هذا المجال.
ودعت المسؤولة الإسبانية، التي سجلت أن الهجرة غير الشرعية «لا يمكن أبدًا أن تكون حلًا لضمان حياة أفضل»، الشركاء الأوروبيين إلى التحلي بروح «المسؤولية والتضامن» مع الدول المعنية بشكل مباشر بظاهرة الهجرة لوقف النزيف والتصدي لشبكات الهجرة غير الشرعية، وسجلت أن المغرب الذي عانى من آثار ظاهرة الهجرة باعتباره بلد مصدر وعبور مرشحين للهجرة غير الشرعية، أصبح في السنوات الأخيرة «بلد استقبال» للهجرة غير الشرعية، ويبذل جهودًا جبارة لمواجهة هذا الوضع، ونحتاج إلى اعتماد نهج «مشترك وشامل» للحد من هذه الآفة.
وذكرت رومي، في ختام زيارتها «الإيجابية للغاية» للمغرب، أن المغرب أطلق، على غرار إسبانيا، عملية لتسوية أوضاع المهاجرين المقيمين بشكل غير قانوني على أراضيه، مضيفة أن هذا الإجراء الإرادي قد مكن من تحقيق «اندماج جيد» للمستفيدين. وأكدت وزيرة الهجرة الإسبانية «أن المهاجرين الذين يصلون إلى إسبانيا من دون وثائق، سيتم ترحيلهم إلى المغرب استنادًا إلى الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، ولن يكون هناك مسلسل جديد لتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين»، وقالت إن بلادها تلقت، خلال الأسبوع الماضي، أعدادًا متزايدة من طلبات اللجوء التي يتقدم بها مغاربة خلال الأسابيع الماضية، «تلقينا طلبات لجوء سياسي تقدم بها مغاربة، وهذا يقلقنا كثيرًا لأن المغرب لا يصنف من بين الدول التي يسمح لمواطنيها باللجوء السياسي. نعرف أن أغلبية المتقدمين بهذه الطلبات يأملون أن تتوقف إجراءات ترحيلهم، ولكن سنعالج هذه القضية مع كل الضمانات»، قالت.
وقالت رومي إن عدد المهاجرين السريين المغاربة إلى إسبانيا وصل إلى 6400 شخص، وأن ارتفاع نسب المهاجرين السريين، القادمين من المغرب، راجع إلى توقف مسارات هجرة أخرى من إفريقيا نحو أوروبا، استبدلها الحالمون بها بمسار الهجرة عن طريق المغرب، وأن البلد يواجه موجة هجرة كبيرة، ويحتاج إلى تعاون وتنسيق ودعم مادي. من جهة أخرى، طالبت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان (مستقلة)، السلطات المغربية بـ»الكشف عن ملابسات وخلفيات الحادث المأساوي، واللجوء إلى استعمال الذخيرة الحية في انتهاك للحق في الحياة والسلامة البدنية للمتواجدين على متن الزورق المطاطي»، في إشارة إلى إطلاق النار على زورق «الفونتوم» من طرف البحرية الملكية الذي أدى إلى وفاة الشابة حياة.
وطالبت العصبة بضرورة «تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات وجبر الضرر الذي لحق بأسرة الفقيدة وباقي المصابين جراء ذلك، كما تطالب المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتحمل مسؤوليته الكاملة تجاه ما يحدث»، واستنكرت «تجاهل السلطات الإسبانية للقانون الدولي بطرد المهاجرين غير النظاميين دون النظر في وضعهم، وإعادتهم قسرًا إلى دول قد يتعرضون فيها للتعذيب وسوء المعاملة، وأعمال العنف الأخيرة على الحواجز التي أقيمت في سبتة ومليلية المحتلتين، وتكرار حوادث وفاة وإهانة كرامة المغربيات اللواتي يمتهن حمل البضائع من سبتة المحتلة».
وعبرت العصبة عن استهجانها «الحملة الواسعة التي قامت بها السلطات المغربية لترحيل المهاجرين غير النظاميين من جنوب الصحراء من مدن الشمال نحو الجنوب وما شهدته هذه العملية- حسب ادعاءات المهاجرين- من سوء معاملة واعتقالات عشوائية وإعمال للقوة المفرطة، وتدعوها لاحترام التزاماتها الدولية في توفير الحماية للمهاجرين واللاجئين».