صندوق استثماري بريطاني يراهن على تطوير الري في المغرب
الخميس 2018/10/04
اتسعت آفاق تنمية القطاع الزراعي في المغرب بعد تسارع وتيرة استخدام الأساليب الحديثة في الري، والتي يقول محللون إنها يمكن أن تضاعف الإنتاج من خلال تقليل خضوعه لتذبذب مواسم الأمطار والجفاف، الأمر الذي بدأ يجذب الاستثمارات الأجنبية التي يمكن أن تحول البلاد إلى سلة غذاء عالمية.
استقطبت التحولات الكبيرة في أساليب الري في المغرب صندوق الاستثمار البريطاني “ديفلوبمنت بارتنرز انترناشونال” المتخصص في الفرص الواعدة في قارة أفريقيا، ليعلن عن استثمار 100 مليون دولار في قطاع الري بالتنقيط عبر شركة محلية.
واستحوذ الصندوق على حصة الأغلبية في الشركة المغربية للري والضخ في أكبر صفقة أسهم خاصة في المغرب هذا العام. وذكر الصندوق أنه يسعى من خلالها لاستغلال الموارد المهملة في قطاع الزراعة المغربي والتوسع في أنحاء أفريقيا.
وقالت رونا علم المديرة التنفيذية للصندوق “إننا ملتزمون بالاستثمار في المغرب، وننظر إلى المنطقة الفرنكوفونية في أفريقيا كمنطقة جغرافية مركزية لنا”.
ويشهد القطاع ثورة واسعة لتحديث خدمات الري في حوض نهر أم الربيع وسط المغرب منذ عام 2010 بدعم من البنك الدولي، الذي موّل عمليات تحديث شبكة الري واستخدام تقنيات ري أكثر فعالية وكفاءة، لا سيما الري بالتنقيط وهو التوجه الذي ترعاه حكومة المغرب من خلال برنامج للحوافز.
وتشير بيانات البنك إلى أن الأراضي الزراعية في المغرب تُمثل أكثر من ثلثي مساحة البلاد، لكن الري يمارس في 16 بالمئة منها فقط، ما يضيع فرص النهوض بالقطاع بسبب غياب الري بالتنقيط على نطاق واسع.
وللري بالتنقيط فوائد كثيرة فهو تقنية تقوم على توزيع المياه بالقرب من الجذور بكميات قليلة وبصفة مركزة ومترددة تمكن من تزويد النباتات بحاجياتها اليومية من المياه.
ويؤكد يوسف موماح المدير الرئيس التنفيذي للشركة المغربية للري والضخ، بأن الشركة حققت نموا قويا في العقدين الماضيين، و”نحن نؤمن بأن هذه الشراكة ستسمح لنا بمواصلة النمو وتوسيع نطاق تواجدنا في أسواق جديدة في أفريقيا”.
وتبلغ استثمارات الصندوق البريطاني في أفريقيا حوالي 1.1 مليار دولار، والصفقة التي أبرمها مؤخرا تعتبر ثاني استثمار له في المغرب بعد استثماره في الجامعة الخاصة بمراكش.
ووضعت وزارة الفلاحة والصيد البحري هدفا وهو الوصول إلى 550 ألف هكتار من الأراضي المسقية بالري بالتنقيط بحلول عام 2020، من خلال عصرنة الشبكات ومنح مساعدات مالية للمزارعين لشراء التجهيزات الضرورية.
ورصدت الرباط طيلة السنوات الماضية دعما كبيرا لتجهيز الأراضي الزراعية بتقنيات الري بالتنقيط ضمن مخطط “المغرب الأخضر”، لتوفير موارد مائية يمكن للمحاصيل أن تستفيد منها مستقبلا، نظرا لتوسع ظاهرة الاحتباس الحراري، التي ظهرت في شكل جفاف في المواسم الأربعة الأخيرة.
كما تسعى الحكومة إلى جانب ذلك، إلى الرفع من مردودية وجودة المنتجات الزراعية من خلال دعم مثل هذا النوع من المشاريع، التي يعتبرها المختصون ذات جهد أقل ولا تكلف أموالا كثيرة.
وأكد خبراء في الزراعة أن استعمال هذه التقنية سيمكن من الحصول على إنتاجية أكبر في الهكتار الواحد، إضافة إلى الحد من تكاليف الإنتاج، لكن ارتفاع أسعار التجهيزات وضعف مهارات المزارعين قد يعرقلان انتشار هذه التقنية على نطاق واسع في معظم مناطق المغرب.
ولنشر نموذج الري الأكثر استدامة، وضعت الحكومة خطة للمساعدة على تعظيم استخدام المياه وزيادة الإنتاجية أطلقت عليها اسم الخطة الوطنية لترشيد مياه الري.
وفي المناطق المروية الواسعة، التي تتولى إدارتها مكاتب التنمية الفلاحية الجهوية، تدعم الخطة تحديث شبكة الري من أجل تحسين خدمات المياه للمزارعين، الذين أبدوا اهتماما كبيرا بالحصول على المياه من مصادر منتظمة، وهو أمر مهم لزيادة الإنتاجية ومن ثم زيادة المداخيل.
وعلى سبيل المثال، يهدف برنامج وزارة الفلاحة المتعلق بالاقتصاد في الماء في جهة مراكش أسفي إلى تغطية مساحة إجمالية تقدر بحوالي 100.9 ألف هكتار بحلول عام 2020 وسيستفيد منه حوالي 90 ألف مزارع.
وبحسب البيانات الرسمية للوزارة، تتوزع هذه المساحة ما بين 57.1 ألف هكتار للاستثمار الجماعي و43.8 للاستثمار الفردي.
ومنذ إطلاق البرنامج في 2008 انتقلت المساحة الإجمالية المجهزة بنظام الري في مراكش من 18.3 ألف هكتار إلى 71.5 ألف هكتار حاليا، أي 121 بالمئة من الهدف المحدد في التحول الفردي بحلول 2020، كما أن نحو 21 ألف هكتار مدرجة في ورش التحديث الجماعي أي ما يعادل 37 بالمئة من المستهدف.
ومن برنامج الإعانة المقدم في إطار مشاريع السقي المنجزة بصفة فردية حفر الآبار وتمويل وتركيب معدات ضخ مياه السقي بما في ﺫلك مستلزمات المعدات وأشغال الهندسة المدنية. وقد حدد سقف المساعدة لكل مشروع بحوالي 36 ألف درهم (نحو 4 آلاف دولار).