امرأة بمواصفات رجل أم أنثى في موقع ذكر!
من منا لا يرغب في العمل في مكان مثالي يسود فيه الوئام والانسجام بين الجميع، لكن لولا الاختلاف في الرأي لما كان هنالك نقد بناء يدفعنا إلى الخروج بأفكار خلاقة تساعدنا على تحسين أدائنا، فالاختلاف في الرأي محبذ دائما لأنه يجعلنا ندرك الأخطاء ونصححها ونمضي في سبيل التطور والإبداع، لكن أحيانا يتلبس النقد بالضغينة فيتحول إلى فتنة بغيضة تهدم ولا تبني، وتقوض طموحات مهنية كانت كبيرة.
يمكننا أن نرى هذه المشكلة بوضوح عندما تتولى المرأة منصبا قياديا، فهي تواجه أكثر حالات التقييم الظالمة، والتي تبدأ من رأسها ولا تنتهي عند أخمص قدميها.
وقد أظهر بحث أجري من قبل مركز المواهب والابتكار في نيويورك، أن الركائز الثلاث للوجود التنفيذي، ومن بينها الوقار والتواصل والمظهر، هي من الصفات أو السلوكيات التي يعتقد أنها تعزز من وجود المرأة التنفيذي، ويمكن أن تنقص منه أيضا.
الناس في الغالب، يجدون تبريرا لخروج الرجل عن ضوابط الملابس التي يفترض أن يلتزم بها عندما يكون قائدا، لكنهم يصبحون أقل تسامحا حينما يتعلق الأمر بالزي الذي يجب على المرأة القائدة أن ترتديه.
وقد شهدنا كيف يسمح للنواب في عدة بلدان بالحديث في البرلمانات دون ربطات عنق ولا يطالهم في معظم الأحيان أي انتقاد أو لوم، حتى وإن كسروا القواعد المعروفة للملابس الرسمية، لكن حين ظهرت على سبيل المثال النائبة التونسية نادية زنقر برداء قطني خفيف عليه نجوم زرقاء، وصندل أثناء جولة تفقدية مع وزير التربية والتعليم فى إحدى المدارس بمحافظة نابل، طالتها مطحنة السخرية والاستهزاء من القاصي والداني، واتهمت بالمبالغة والمغالاة في ملابسها، ونقلت ملابسها انطباعات خاطئة عنها.
الملابس الرسمية قد تعني بالنسبة للرجل القائد بدلة وربطة عنق اختيارية، لكن مثل هذا الأمر لا ينطبق على الملابس الرسمية للمرأة القائدة، ولنا أن نتخيل القلق الذي يعتري النساء القائدات بشأن اختيار الملابس التي يفترض أن ترضي ميول الآخرين حتى وإن كانت لا تتناسب وأذواقهن أو لا يشعرن فيها بالراحة، وهنا تكمن واحدة من المشكلات العديدة التي تعاني منها المرأة القائدة.
ليس من السهل على المرأة التي وصلت إلى منصب قيادي التحكم في مسارها المهني مهما بلغت من قوة الإرادة والموهبة، أو حققت من الإنجازات، فهناك دائما وجهات نظر معادية للأنثى
الصورة النمطية للقائد تجعل الناس أيضا يتقبلون أن يكون الرجل القيادي قاسيا، بل إن أسلوبه الصارم قد يضفي عليه الحكمة والعقلانية، فينال الثناء والدعم من الآخرين، ومثل هذه الآليات التحفيزية ستزيد من ثقته في نفسه وتجعله يتبوأ أعلى المراكز، في المقابل يقلل الناس من شأن المرأة الحازمة وينظرون إليها على أنها عدائية وقد ينعتونها بالذكر، وإن تعاملت بود فسيقولون إنها متساهلة ويلقون بمسؤولية الإخفاق عليها.
ما دامت الصورة النمطية للقائد مترسخة في الأذهان على شكل رجل، فستجد النساء أنفسهن دائما في مواجهة توقعات مستحيلة منهن، وقد يدفعهن ميلهن إلى الأنوثة أو الذكورية إلى إنكار ذواتهن الحقيقية، وقد لا يعرفن أبدا الطريقة الصحيحة التي يجب أن يكن عليها.
تقول ميشيل ريان أستاذة علم النفس في جامعة إكستر البريطانية “نحن لا نتحدث قط عن رجال يثقون في أنفسهم أكثر من اللازم، بل دائما ما نتحدث عن نساء قليلات الثقة في أنفسهن. كما أننا لا نتحدث على الإطلاق عن رجال يحظون بامتيازات ما، أو يجدون الطريق (المهني) أمامهم مُيسرا، بل نتحدث على الدوام عن نساء يجدن الأمور صعبة”.
أعتقد أنه ليس من السهل على المرأة التي وصلت إلى منصب قيادي التحكم في مسارها المهني مهما بلغت من قوة الإرادة والموهبة، أو حققت من الإنجازات، فهناك دائما وجهات نظر معادية للأنثى، تضعها في معادلة غير عادلة مع الرجل القيادي أو مقارنة مجحفة قد تغير نظرة الآخرين إليها، وتلقي بظلال سلبية عليها.