زعيم حزب يساري مغربي: آن الأوان أن نهتم بشبابنا كي لا يسلكوا اتجاهات محفوفة بالمخاطر
Sep 29, 2018
وجه زعيم حزب يساري مغربي مشارك في الحكومة، انتقادات شديدة للاوضاع العامة في ميادين متعددة في البلاد وانشغال النخبة السياسية في تراشقات في وقت يعاني المغاربة من ازمات خطيرة تدفع بالشباب نحو القاء أنفسهم في البحر حالمين بالوصول إلى الضفة الشمالية للبحر المتوسط.
وقال نبيل بنعبد الله الأمين العام لـ «حزب التقدم والاشتراكية» في أول تصريح لأمين عام حزبي، حول مقتل الشابة حياة بلقاسم برصاص البحرية الملكية وهي على متن زورق سريع للهجرة سرا نحو اسبانيا «إن «حياة» هي رمز لآلاف الشابات والشباب المغاربة الذين لا يفكرون سوى في مغادرة المغرب لأنهم لا يجدون شغلا، ولا يجدون بما يعيشون به هم وأسرهم.
وأضاف بنعبد الله مساء الخميس في افتتاح الجامعة الصيفية للشبيبة الاشتراكية «حياة، شابة تريد الحياة، تريد الكرامة، تريد الشغل، تريد أن تكون مواطنة صالحة في هذا الوطن العزيز، تريد أن تجد فضاء تعيش فيه بكرامة وعزة، وقدر الإمكان شيئا من الرفاهية».
وقال بنعبد الله: «حياة مثلها مثل عشرات الآلاف من شباب اليوم كانت حائرة ولجأت، مثل العدد الكبير من الشباب إلى ما اعتبرته الحل الأخير، وآخر ما كتبته يعبر بأنها كانت تعلم بأنها تغامر، وأنها تريد أن تغادر هذا الوطن من أجل أن تعيش فقط في ظروف حسنة». وقال «عسى أن يكون ما حدث ناقوس خطر بالنسبة لنا جميعا حكومة وسلطات عمومية هيئات سياسية».
واكد الامين العام لحزب التقدم والاشتراكية ان الحادث المأساوي لحياة بلقاسم الذي هز المجتمع المغربي «يتعلق بمسألة خطيرة.. آن الأوان أن نهتم بشبابنا وبأوضاعه وإلا سنذهب في اتجاه محفوف بالمخاطر ستكون له انعكاسات سلبية على شرائح واسعة من شعبنا».
وذهب بنعبد الله إلى القول إن مصرع الشابة حياة يجب أن يكون بمثابة دق ناقوس الخطر، قائلا: «علينا أن نفهم أن عددا كبيرا من شاباتنا وشبابنا وصلوا إلى هذا النوع من المغامرة التي يمكن أن تؤدي إلى مفارقة الحياة، عسى أن ما حدث يكون بمثابة دق ناقوس الخطر وإشعار بالنسبة إلينا جميعا، حكومة وسلطات عمومية وفعاليات سياسية وأحزاب نقابات، فعاليات جمعوية ومجالس منتخبة وكل من له المسؤولية في المسار التنموي» و«آن الأوان لنستيقظ ونهتم بشبابنا وبأوضاعه، وإلا سنذهب في اتجاه محفوف بالمخاطر وبالانعكاسات السيئة بالنسبة إلى وطننا، فما حدث ليس مسألة سهلة بل خطرة، ورمزيته قد تكون لها عواقب من الضروري أن نلتفت إليها الآن».
ووجّه بنعبد الله انتقادات لاذعة إلى حليفيْه في الأغلبية الحكومية، العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار اللذين يتبادلان هجمات بتصريحات شديدة «هناك تراشقات عبثية ونقاش عقيم بين بعض مكونات الأغلبية الحكومية، واش (هل) عندكم شي عقل، وهل هناك وعي بخطورة الأوضاع الاجتماعية السائدة في البلاد» فـ»عندما نرى مآسي الهجرة السياسية وما حدث من تعابير شعبية خلال الشهور الأخيرة، بالحسيمة وجرادة وتنغير وغيرها من الحركات الاجتماعية المتنوعة، بالله عليكم، هل الشباب اليوم ينتظر صراعات هامشية من هذا النوع؟ أم ينتظر حكومة قوية قادرة على الاستجابة لطموحات شعبنا؟»
وقال إنّ على الجميع «أن يعيَ بخطورة الوضع، لكنْ دون تسويد الصورة، فالبلاد ليست على حافة الهاوية، أو أنها مهددة بالسقوط في أي حفرة الآن، بالنظر إلى الأوضاع السياسية العامة المتسمة بالضبابية وانسداد الأفق وتساؤلات عميقة، وتعثرات الحقل الاقتصادي، وما تعرفه الساحة الاجتماعية من مشاكل، سنفهم بسهولة أنه في بعض الأحيان يمكن أن تؤدي الأوضاع من هذا النوع إلى نتائج كارثية».
وكشف الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» أن حزبه سيباشر اتصالات مع «العدالة والتنمية» ومع العديد من مكونات المجتمع ليقرر ما كان سيستمر في الحكومة أم لا «في أفق انعقاد الدورة المقبلة للجنة المركزية ســنباشر اتصالات بدءا من مع العدالة والتنمية، ومع مكونات كثيرة من المجتمع تهدف إلى أن نتأكد هل مشاركتنا في الحكومة سيكون لها تأثير حقيقي على مسار الإصلاح؟» «بمعنى هل هذه الحكومة التي أعطتنا هذه الصورة من التراشق العبثي».
وعرفت علاقات حزب التقدم والاشتراكية توترا مع رئاسة الحكومة بعد حذف حقيبة وزارية كانت تحملها احدى قيادات الحزب دون التشاور معه او حتى ابلاغه وتداول بعد ذلك مقترحات بالانسحاب من الحكومة التي بقي له فيها حقيبتان. ولم يشر بنعبد الله إلى إمكانية خروج حزبه من الحكومة، لكنه ترك الباب مواربا عندما قال بأن الهدف من هذا الاتصال هو معرفة: « واش كاينة (هل هناك) رغبة قوية في الإصلاح فنحن مستعدين نزيد نضحي..»
وحذر بنعبد الله: «اليوم وصلنا إلى وضعية، والأبحاث التي أنجزت، تبين بأن هناك هوة كبيرة بين الشباب وبين الحياة العامة للبلاد.. غالبية الشباب لا يهتمون بالشأن السياسي ولا يثقون بما تقوم أو لا تقوم به الحكومة» و»حتى في الأوساط الاقتصادية ورجال الأعمال هناك انحباس، هناك وضع متأزم، وحيرة بالنسبة للمستثمرين، هناك حركة سلبية لرؤوس الأموال..»
واضاف ان «قنوات الاتصال أصبحت ضعيفة بسبب العديد من الممارسات التي عرفتها بلادنا»، و«إذا استمر الوضع الاجتماعي متأزم، وغياب قنوات للتعبير عن هذا الغضب، فقد تحدث في مجتمعنا وفي وطننا مجموعة من التطورات التي قد تكون لها خطورة كبيرة».