تراشق بين أطراف التحالف الحكومي المغربي ينذر بأزمة
يعرف التحالف الحكومي بالمغرب توترا غير مسبوق وهو ما ينذر بأزمة سياسية بعد مطالبة سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حزب التجمع الوطني للأحرار بالانسحاب من الحكومة.
ودعت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في اجتماع لها، رشيد الطالبي العلمي وزير الشباب والرياضة عن حزب التجمع الوطني للأحرار، إلى مغادرة الحكومة، إذا ما كان يعتبر أن الحزب الذي يقودها يحمل مشروعا لتخريب البلاد.
وجاء موقف العدالة والتنمية بعد تصريحات للطالبي هاجم فيها حزب العدالة والتنمية شريكه في الائتلاف الحكومي واتهمه ضمنيا بالوقوف وراء الهجمة التي تعرض لها حزبه مؤخرا على خلفية حملة المقاطعة الشعبية لمنتجات بعض الشركات وفي مقدمتها شركة غاز أفريقيا التي يملكها الأمين العام لحزب الأحرار عزيز أخنوش.
وعلق عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، على موقف الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الذي يرأس الأغلبية الحكومية، واصفا إياه بـ”غير المقبول”.
وعبّر أخنوش عن اندهاشه ممّا وصفه بالتهافت في ردود الفعل المتضخمة وغير المفهومة التي استهدفت عضوا للمكتب السياسي في حزب “الحمامة”.
وتابع “كنا نتوقع انتقادات أو نقاشا للأفكار حول القضايا الرئيسية التي أثارها التجمع الوطني للأحرار في ما يتعلق بتنمية القطاعات الاجتماعية بالمغرب، وإيجاد الحلول لمشكلة البطالة التي تراكمت خلال السبع سنوات الماضية واتخذت أبعادا تدق ناقوس الخطر”، مضيفا “لكننا مرة أخرى نواجه محاولات للتضييق على هذا النقاش واحتلال المشهد بادعاءات فارغة وعقيمة”.
وردّ مصطفى بايتاس، عضو المكتب السياسي للأحرار على سليمان العمراني قائلا “لا ننتظر منك أو من بعض إخوانك أن يقرروا لنا متى نستمر أو ننسحب من الحكومة، فلا ينبغي أن تغفلوا أن تشكيل الحكومات في بلادنا وفي العالم كله له أعراف دستورية ومساطر سياسية خاصة”.
الأصالة والمعاصرة يعتبر أن هذه التجاذبات والاصطفافات تعكس بوضوح غياب الانسجام في صفوف الأغلبية الحكومية
ووصف مراقبون تصريحات نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بـ”العبث السياسي”. وشدد المحلل السياسي عمر الشرقاوي على أن رئيس الحكومة سعدالدين العثماني هو المخوّل الوحيد لاتخاذ هذا القرار وفقا للفصل 47 من الدستور.
وتفاعل التقدم والاشتراكية مع هذه الأزمة المتفاقمة بين التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية إذ اعتبر أن الوضع المحتقن بالمغرب يستوجب على الحكومة اتخاذ كل ما يلزم من مبادرات إصلاحية وبالمزيد من الحضور السياسي والميداني، بما يسمح بتجاوز حالة الضبابية وانسداد الآفاق والقلق من المستقبل.
وأضاف “لا بد من تغليب روح المسؤولية والجدية عوض التمادي في الممارسات العبثية المتمثلة في إصرار بعض مكونات الأغلبية على مواصلة أسلوب تبادل الاتهامات والخروج بتصريحات مجانية ومجانبة للصواب، تزيد من تعميق أزمة الثقة والنفور من أي عمل سياسي وفعل حزبي مسؤول ومنظم ومنتج”.
وفي انتقاد لتصريحات مصطفى باتياس، قال كريم التاج عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، “إن ما يجمعكم أو يفرقكم مع الأطراف الأخرى المشكلة للحكومة لا يعنينا ولو كان يهم حزب العدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة، لكن، أن تعتبر حزبنا بمثابة الحائط القصير وتستغل تواجده في الحكومة لتمرر مواقف غير مفهومة ولا علاقة لنا بها تعبر عن جحود سياسي وفقر فكري وأنانية غير مبررة”.
ودخل حزب الأصالة والمعاصرة المعارض على خط المواجهة بين حزبي التجمع الوطني للأحرار والعدالة والتنمية، معتبرا أن “هذه التجاذبات والاصطفافات تبين غياب الانسجام في صفوف الأغلبية الحكومية، التي من المفروض أنها تشرف على إدارة الشأن العام وعلى وضع السياسات العمومية، الشيء الذي يعزز ما هو قائم من انعدام تفاعل الحكومة مع انتظارات وانشغالات المواطنين”.
ويرى مراقبون أن هذا التراشق بين الحزبين الرئيسيين في الائتلاف الحاكم مردّه تنافس قديم بينهما ولا يبدو أنه سينتهي قريبا، غير مستبعدين إمكانية اللجوء إلى إجراء انتخابات سابقة لأوانها إذا استمرت الأزمة بين مكونات التحالف الحكومي.
ولمح أخنوش إلى هذه الفرضية قائلا “من الآن فصاعدا، لم يعد من الممكن استهداف التجمع الوطني للأحرار بهذا الشكل غير اللائق، لأن المواطنين لن يستمروا في تقبل الكيفية التي نتلقى بها الكثير من الافتراءات دون رد فعل، إلى درجة أصبحت معها هذه الهجمات عرقلة لأي محاولة للعمل الجاد”.
ويضم الائتلاف حزب العدالة والتنمية (ذا المرجعية الإسلامية) وأحزاب التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.