شركة أودي بروكسيل : العبودية الحديثة.. واقع خطير يصعب اجتثاثه
الثلاثاء 2018/09/25
أظهر التقرير السنوي لمنظمة “ووك فري” العالمية للبحوث “مؤشر العبودية العالمي لعام 2018”، أن أكثر من 40 مليون شخص في عبودية حديثة، بينهم 136.000 في بلجيكا ونحو 400 ألف في الولايات المتحدة، وحوالي 2.6 مليون شخص في كوريا الشمالية يجبر معظمهم على العمل من أجل الدولة.
وأشار التقرير إلى وجود 136 ألف شخص يعانون العبودية الحديثة في بلجيكا وهو رقم يزيد 10 مرات عن التقديرات الحكومية، ووفقا لدراسة أجرتها 10 مجموعات من قوات الشرطة عن ضحايا العبودية الحديثة، هناك الآلاف من الرجال والنساء والأطفال يقعون ضحايا للاتجار بالبشر في بلجيكا. وأوضحت الدراسة أن انتهاكات حقوق ضحايا ممارسات الاتجار بالبشر تمتد من صالونات التجميل وحتى مواقع البناء، وهي الممارسات التي تتضمن الاسترقاق والاتجار بالبشر لاستغلالهم جنسيا.
اخترقت اخبارنا الجالية اكبر شركة لإنتاج السيارا ببلجيكا ، شركة أودي بروكسيل التي أصبحت تعرف بالعبودية الحديثة التي تستغل اليد العاملة كالآلات ، تنتهي صلاحيتها بعد ثلاث سنوات من العبودية و يطردون بإصابات بالغة ناتجة عن العمل الدوري و نفس الحركة التي يقومون بها ، تستنزف دم العامل و يخرج بعاهات يمكن ان تواكب حياته الباقية ، فالعامل أو روبو أودي بروكسيل يستغل بعقد يجدد كل أسبوع أو شهر يمكن إلغائه في اَي وقت ، و لا يحق له ان يمرض أو يتغيب لأي امر مهما كانت الظروف ، و الا اصبح عرضة للطرد .
يتحدث التقرير عن المسمى ” كيرت” رئيس العمال في الخط الخامس بشركة أودي بروكسيل ، عنصري بطبعه و استغلت الشركة عنصريته لتسخيرها في قمع العمال و إجبارهم على العمل دون توقف .
تستغل شركة أودي بروكسيل توفر اليد العاملة لتغييرها كل شهر ، جل العمال يعانون من إصابات بسبب كثرة الحركة و نفس طريقة العمل ، ناهيك عن العاملين فيها من الفلامانيين الذين يظهرون عنصريتهم داخل هذه الشركة ، و رغم الشكايات لم يقم المسؤولون بأي خطوة إيجابية للحد من هذه التعاملات التي يعاني منها افراد جاليتنا ببلجيكا .
لم ينته زمن نظام العبودية حتى مع تطور الوعي الإنساني وتوسيع شبكة العلاقات بين البشر، بل يمكن القول إن العبودية اتخذت أشكالا أخرى تتماشى مع ما تشهده العقود الأخيرة وتفاقمت مع ما يسمى بالثورة التكنولوجية. وبما أن العبودية استغلال وتسخير وقمع إرادة الآخر والتحكم في سلوكه وحريته وقواه البدنية والعقلية بشكل لا إنساني، فهناك من يشرعن فعله انطلاقا من مبدأ القوة العسكرية أو الاقتصادية أو تحت ذرائع دينية كون تجارة البشر شرعية.
وبالعودة إلى التاريخ يتبين أن عدد الأشخاص عبر العالم الذين وقعوا تحت سلطان العبودية بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر قد وصل إلى حوالي 5.12 مليون.
وتتحمل الدول المتقدمة مسؤولية واضحة وفورية عن الاستجابة لهذا النوع من العبودية داخلها وخارجها، حسب منظمة “ووك فري”، حيث أن جلب المنتجات التي تُنتج بالعمل الذي يتم تحت ظروف العبودية الحديثة يقع وزره على المستورد أيضا، وهنا يؤكد ديتمار رولر، رئيس المكتب الألماني لمنظمة حقوق الإنسان أن “العبودية لم تعد قانونية إلا أنها تشبه الحرباء وتعيش في الخفاء.
وتحدثت زينب عبدالعزيز، أستاذة الحضارة الفرنسية والأدب الفرنسي في جامعة القاهرة، عن أن نظام العبودية الذي استغله الغرب المتعصب أسوأ استغلال، وصمة عار في تاريخه الدامي الذي لم يعرف للتسامح أي معنى، وأن العبودية مثلت أكثر الأشكال المنتشرة لتنظيم العمل والبنية الأساسية للاقتصاد الغربي. ومن أجل تزويد السوق بالعمالة المطلوبة قام التجار بترتيب هجرات واسعة عرفت ذروتها في حوض البحر الأبيض المتوسط، في العصور القديمة، ثم حول ضفاف الأطلسي بعد اكتشاف الأميركيتين وإقامة المزارع الاستعمارية فيهما.
وللعبودية أشكال، منها الاتجار بالبشر الذي يتعرض له الأطفال والنساء والرجال، إضافة إلى أعمال السخرة باستخدام القوة والخطف والخداع لأغراض الدعارة والعمالة والاتجار بالأعضاء، وعبودية الدين كإجبار الناس على العمل بدافع ديني والاستغلال الجنسي وممارسة أعمال مُهينة في ظروف قاسية والسخرة بالمنازل في ظروف غير قانونية وبمقابل هزيل، وهذه تعد انتهاكات جسيمة لحق من حقوق البشر في العيش الكريم والحرية بالرغم من اعتماد الجمعية العامة لاتفاقية الأمم المتحدة لقمع الاتجار بالبشر في الثاني من دجنبر عام 1949.
وداخل الجغرافيا العربية تعد موريتانيا واحدة من أعلى الدول التي فاقت معدلات العبودية فيها للفرد في العالم، ووفقا لتقرير «مؤشر العبودية العالمي» الذي أعدته مؤسسة «ووك فري» فإن الرق في موريتانيا متجذر بعمق في النظام الاجتماعي للبلد وهو متوارث جيلا بعد جيل، إذ رغم أن نواكشوط ذهبت إلى حد تجريم الرق في العام 2007 ما أدى إلى عتق رقاب الكثير من الناس، ولكن لم تتم إدانة سوى عدد قليل من ملاك العبيد بتهمة ممارسة هذه الجريمة.
العبودية تتحقق بمجرد شراء منتجات بها مواد أولية تأتي من مناطق نزاعات تسودها ظروف عمل تشبه العبودية
والأخطر في نظام العبودية الحديثة هو توسيع مجال تجارة الأعضاء من طرف عصابات ومنظمات عابرة للقارات تضم أساتذة جامعات وأطباء وأصحاب مراكز ومختبرات طبية وسماسرة يعملون كتكتل مصلحي لجلب الآلاف من الأشخاص من بعض كل الدول لتبيعها في السوق السوداء، وحسب منظمة الصحة العالمية لعام 2015، فإن أكثر من 10 آلاف عملية بيع وشراء للأعضاء البشرية تحدث سنويا بالسوق السوداء.
وكانت أفريقيا المجال الجغرافي الذي تعرض لأبشع أنواع تجارة العبيد، إذ يشير المؤرخ النيجيرى إينيكورى إلى أن عدد العبيد الذين تم اقتلاعهم من القارة الأفريقية وصل إلى مئة واثنى عشر مليون نسمة وإن كان المؤرخون الغربيون يقللون من ذلك العدد، موضحا أن الاستيلاء على العبيد عادة ما يكون إما عن طريق الحروب الخاطفة والغزوات الفجائية، وإما في أحيان نادرة عن طريق التفاوض والمغريات التي لا يلتزمون بها.
والعبودية تجارة مربحة ولهذا تتم شرعنتها عند العديد من الدول والجماعات الدينية لمصالح دنيوية، فحسب دراسة قام بها سيدهارت كارا، المختص في قضايا العمالة القسرية في كلية الأعمال في جامعة هارفرد الأميركية، فإن العبودية الحديثة جريمة درت أرباحا بما يعادل 3978 دولارا (3390 يورو) سنويا عن كل ضحية مستغلة لعام 2016.
والضحايا من النساء يمكن أن يلتحقن بأعمال الدعارة لأسباب متعددة ويتورطن فيها، إلى جانب أطفال باستغلال وسائل التواصل الاجتماعي، إذ زاد في السنوات الأخيرة، حسب ديتمار رولر، رئيس المكتب الألماني لمنظمة حقوق الإنسان، نوع آخر من الاستغلال الجنسي، وذلك عبر الإنترنت، حيث يوجد زبائن ألمان بإمكانهم استئجار طفل في الفلبين لمدة ساعة يطلبون منه القيام بالحركات التي يرغبون فيها عبر الكاميرا.
وإذا كان الربح المادي محركا كبيرا لرواج العبودية الحديثة فلا أهمية للقيم الأخلاقية ما دامت تجارة تدر الأرباح الكثيرة ومنها الاستغلال الجنسي، ووفقا لسيدهارت كارا، فإن العبودية الجنسية هي الأكثر ربحا للمجرمين، إذ يحصلون على معدل 36000 دولار سنويا من كل ضحية، ومع أن ضحايا هذه العبودية يمثلون فقط 5 بالمئة من نسبة ضحايا العمالة القسرية، إلا أنهم يولّدون أكثر من 50 بالمئة من أرباح هذا المجال عالميا.
وبحسب تقديرات كارا، فإن “المستغلين” في حال أفضل من الناحية المالية اليوم مما كانت عليه أوضاعهم قبل بضع مئات من السنين. في الماضي، كان الاستثمار محفوفا بالمخاطر، إذ أن عملية نقل المستعبدين كانت طويلة ومكلفة، وغالبا ما تؤدي الظروف إلى وفاة عدد من الضحايا. أما اليوم فعملية النقل أصبحت أرخص وأكثر أمانا. وتعزو كارا، ازدهار هذه الممارسات إلى عدم كفاية ردة الفعل الدولية تجاه الموضوع.
وليس بوسع الناس التخلص من ظروف الاستغلال لأن التهديد والعنف والتداخل بين ما يمكن وصفه بالعبودية تبقى مفتوحة،
ويمكن أن يكون السلوك الاستهلاكي مساهما في ترسيخ العبودية، إذ تقول الباحثة في العلوم الاقتصادية، إيفي هارتمان، إن كل ألماني يملك من خلال سلوكه الاستهلاكي نحو 60 من العبيد، نظرية يشرحها ديتمار رولر، رئيس المكتب الألماني لمنظمة حقوق الإنسان، بالقول إن العبودية تتحقق بمجرد شراء منتجات بها مواد أولية تأتي من مناطق نزاعات تسودها ظروف عمل تشبه العبودية في أجزاء أخرى في العالم.