وزير الخارجية المغربي: طهران تستخدم البوليساريو من خلال حزب الله لتنفيذ سياستها التوسعية
Sep-20
يسعى المغرب لإبراز «الخطر» الإيراني في القارة الإفريقية، ويقول إنها اتخذت من جبهة البوليساريو مدخلًا لتنفيذ سياسة التوسع التي تنهجها، من خلال حزب الله اللبناني، إحياء لاتهامات وجهتها الرباط لطهران في وقت سابق، ومبررًا لقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، رغم أن مراقبين وأوساطًا سياسية ربطت بين الحملة المغربية على إيران ومحاولة المغرب كسب التأييد الأمريكي لمقاربته لنزاع الصحراء من جهة وتأكيد التقارب مع محور السعودية والإمارات العربية الذي ينفذ سياسة أمريكية في محاصرة إيران ووضعها «العدو الأول» للعرب، هذا في وقت يقترب هذا المحور من علاقات إيجابية وتعاون مع إسرائيل.
إحياء الرباط، الآن، حملته على إيران جاء من واشنطن، إذ اختتم وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أمس الأربعاء، زيارة التقى خلالها عددًا من المسؤولين الأمريكيين استباقًا لمناقشة مجلس الأمن الدولي لتطورات النزاع الصحراوي في جدول أعماله لشهر شتنبر الجاري الذي ترأس فيه الولايات المتحدة مجلس الأمن.
وقالت الأوساط المغربية إن إصرار البعثة الأمريكية على وضع النزاع الصحراوي على جدول أعمال المجلس للشهر الجاري يشكل موقفًا غير ودي تجاه الرباط في سياق السياسة العدائية للمغرب التي يقودها في البيت الأبيض جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، وتذكر هذه الأوساط بمواقف بولتون العدائية للمغرب منذ أن كان مساعدًا لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق جيمس بيكر أثناء تعيينه مبعوثًا شخصيًا للأمين العام للأمم المتحدة 1996- 2006.
وقال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، إن المحادثات التي أجراها مع محاوريه الأمريكيين تمحورت أيضًا حول إيران وعملها وتواطئها الخبيث مع جبهة البوليساريو، الذي يثير اهتمام المسؤولين الأمريكيين بشكل بالغ، وأن ذلك أكده البيان الذي أصدرته الخارجية الأمريكية يوم الإثنين وأبرزت فيه الجهود المشتركة (للمغرب والولايات المتحدة) الرامية إلى ووضع حد لدعم إيران للإرهاب والتصدي لتأثيرها الوخيم في المنطقة.
تواطؤ البوليساريو
وأكد الوزير المغربي أن «الأمر يتعلق، هنا، باعتراف بما طرحه المغرب خلال الأشهر الأخيرة بشأن التواطؤ القائم بين حركة البوليساريو الانفصالية وإيران، من خلال حزب الله».
وشن قبيل وصوله واشنطن حملة ضد إيران وجدد الاتهامات التي وجهها لطهران في وقت سابق من العام الحالي، وقال إن إيران تدعم جبهة البوليساريو من أجل توسيع هيمنتها في منطقة شمال وغرب إفريقيا، لا سيما البلدان الواقعة على الواجهة الأطلسية، وأن الأمر يتعلق هنا بواجهة «للهجوم الذي تشنه طهران في أفريقيا». وأضاف أن المغرب كان راسل الخارجية الإيرانية للاستفسار حول الواقعة، وقوبل بالتجاهل من قبلها، ولم تتفاعل نهائيًا مع الوضع، وهذا ما دفع المغرب إلى اتخاد هذا القرار الحازم في إشارة إلى قطع العلاقات الدبلوماسية.
وأعلن المغرب قطع علاقاته مع طهران وطالب القائم بالأعمال في سفارة إيران بمغادرة البلاد، في مايو الماضي، «بسبب الدعم العسكري من قبل حليفها حزب الله للبوليساريو».
وقطعت الرباط علاقاتها الدبلوماسية مع طهران 2009 دعمًا للبحرين ثم إعادتها خطوة خطوة منذ 2014 قبل أن تقطعها مرة أخرى في مايو 2018 لأنها «تمتلك أدلة دامغة وأسماء ووقائع محددة تؤكد دعم «حزب الله» للبوليساريو لاستهداف الأمن الوطني والمصالح العليا للمملكة.
ونفت إيران في حينه رسميًا الاتهامات المغربية واعتبرتها «ادعاء كاذبًا»، كما نفاها حزب الله وجبهة البوليساريو.
وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إن «إيران ترغب في استخدام دعمها للبوليساريو لتحويل النزاع الإقليمي بين الجزائر والجبهة من جهة، والمغرب من جهة ثانية، إلى وسيلة تمكنها من توسيع هيمنتها في شمال وغرب أفريقيا، وخاصة الدول الواقعة على الساحل الأطلسي»، وأن «جبهة البوليساريو ليست سوى جزء من نهج عدواني لإيران اتجاه شمال أفريقيا وغربها»، فالجبهة تعد «منظمة جاذبة لطهران وحزب الله، لكونها تعرف المنطقة، وهم (عناصر البوليساريو) مهربون (..) وملمون بالطرق». وحذر بوريطة من أن الارتباط القائم بين «حزب الله» اللبناني و«البوليساريو» يكتسي طابعًا «خطيرًا» لشمال أفريقيا. وأشار إلى أنه بالنظر إلى الدور المركزي الذي أضحت تلعبه «البوليساريو» في الجهود التي تبذلها طهران بشمال وغرب إفريقيا، وعلى ضوء دعم إدارة جورج بوش السابقة في 2006 لمخطط الحكم الذاتي، فإنه «من الحيوي لإدارة ترامب اتخاذ خطوات ملموسة لتيسير تطبيق هذا المخطط».
طهران تنفي اتهامات بوريطة
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن تصريحات وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة، تجاه طهران تصب في «سياسة العداء ضد إيران وتقود إلى بث الفرقة والوقيعة في العالم الإسلامي».
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، في معرض تعليقه على تصريحات الوزير المغربي التي تحدث فيها عن ، إن «ما ادعاه» وزير خارجية المغرب عن «جهود إيران لبسط النفوذ في إفريقيا من خلال دعم جبهة البوليساريو، لا يتسم بالصحة فقط وإنما هو تكرار للتهم».
وبعد اختتام زيارته لواشنطن، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، «غنى» الشراكة بين المغرب والولايات المتحدة، كما تعكس ذلك «كثافة» التبادلات الثنائية على مستوى الزيارات الدبلوماسية والقطاعية في مجالات الأمن.
ونقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن الوزير أن زيارته هذه تأتي عشية استحقاقات هامة، خاصة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي ستنطلق أشغالها هذا الأسبوع، وبحث مجلس الأمن لقضية الصحراء في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وأن الزيارة «تأتي أيضًا في سياق يتميز بعدة تحولات في السياسة الأمريكية وبروز تصورات جديدة تجاه إفريقيا والعالم العربي».
وأجرى بوريطة محادثات مع وزير الخارجية مايكل بومبيو، ومستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي جون بولتون، ومع ديفيد هيل وكيل وزارة الخارجية المكلف بالشؤون السياسية، وبراين هوك كبير المستشارين السياسيين بالخارجية الأمريكية والممثل الخاص بإيران.
شراكة استراتيجية
وقال: «خلال هذه المناقشات، أكد محاورونا، بالإجماع، على خصوصية الشراكة الاستراتيجية الثنائية وثرائها وتجددها المستمر، التي تتأكد أهميتها أكثر فأكثر في ضوء الأحداث والتحديات المطروحة»، مؤكدًا أن قرارات مهمة اتخذت خلال هذه الزيارة وتهمّ في المقام الأول «إحياء الحوار السياسي والاستراتيجي الذي أطلق سنة 2012»، وإن الجانبين «اتفقا على أن يتخذ هذا الحوار طابعًا أكثر مرونة، وأن يتم توجيه مضمونه نحو العمل، وأن تركز مبادراته على قضايا موضوعاتية». وذكر رئيس الدبلوماسية المغربي أن إفريقيا ستكون الموضوع الأول الذي ستخصص له الدورة المقبلة، في ضوء الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لدور ومكانة الملك محمد السادس في تعزيز السلم والاستقرار في القارة، وعودة المغرب إلى كنف أسرته المؤسسية، الاتحاد الإفريقي، والمكانة التي يحظى بها المغرب في ما يخص قضايا أساسية، مثل الهجرة وعلى مستوى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، فضلاً عن إصلاح المؤسسة الإفريقية والتحديات العالمية التي تمس إفريقيا، مثل الإرهاب وإعادة انتشار تنظيم داعش.
وأضاف بوريطة أن المحادثات كانت مناسبة لإبداء «تقدير بالغ» للدور الذي يضطلع به المغرب في المجال الأمني، وأن «الولايات المتحدة تعتبر القيمة المضافة للمغرب في مجال التعاون الأمني أساسية، وهو التعاون الذي يشكل مقومًا مهمًا ﻟﻠﻌﻼﻗﺎت اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ وﻟﻠﻤنتظم اﻟﺪولي ﻛﻜﻞ».
وبخصوص قضية الصحراء، قال الوزير إنه استعرض أمام محاوريه الأمريكيين «وجهة النظر المغربية بشأن الوضع الراهن للملف، وشروط جعل المسلسل الأممي ذا جدوى، في أفق التوصل إلى نتيجة تأخذ بعين الاعتبار التجارب السابقة، وذلك بهدف تفادي الإخفاقات والتكرار»، و»لهذا، بات التفكير والتحضير ضروريًا حتى يتحمل كل طرف مسؤولياته، وحتى لا تكون الاجتماعات هدفًا في حد ذاته».