الدعم الأميركي لمقترح الحكم الذاتي للصحراء المغربية ينتظر التفعيل
الأربعاء 2018/09/19
تدعم الولايات المتحدة مقترح المغرب لحل قضية الصحراء، لكن ذلك الدعم لم يخرج منذ سنوات من إطار الدعم الدبلوماسي، وهو ما يقلق المغرب الذي بات يطالب بدعم أميركي ملموس للمقترح.
جددت الولايات المتحدة الثلاثاء دعمها لمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب كحل لقضية الصحراء المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو التي تطالب بالانفصال التام، وهو ما قوبل بدعوات مغربية رسمية إلى دعم المقترح دعما ملموسا.
وأجرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة، مباحثات سياسية مع كاتب الدولة في الخارجية الأميركية مايك بومبيو، تناولا خلالها العلاقات الأميركية المغربية والسبل الكفيلة بترقيتها وتعزيزها على كافة الأصعدة، وركزا على ملفات ذات اهتمام مشترك كالحرب على الإرهاب والوضع بمنطقة الشرق الأوسط.
وكانت قضية الصحراء على مائدة مباحثات مايك بومبيو وناصر بوريطة في ضوء القرار الأممي الأخير رقم 2414، والجهود الأممية لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، إضافة إلى الدور الجزائري في القضية.
وأكد بابلو رودريغيز، المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية، أن مقترح الحكم الذاتي في الصحراء جدي وذو مصداقية وواقعي، مشددا على أن هذا المقترح من شأنه تلبية تطلعات سكان الصحراء لتدبير شؤونهم الخاصة في سلام وكرامة.
وأضاف “المخطط المغربي للحكم الذاتي يمثل مقاربة من شأنها إيجاد تسوية لقضية الصحراء”. وحظي مقترح الحكم الذاتي منذ اقتراحه من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس بدعم الإدارات الأميركية المتعاقبة.
واعتبر ناصر بوريطة أنه من الحيوي بالنسبة لإدارة ترامب اتخاذ خطوات ملموسة لتيسير تطبيق هذا المخطط، موضحا أن هذا النهج سيساعد في استقرار الوضع بشمال أفريقيا ويحد من مناورات إيران وطموحاتها التوسعية في المنطقة.
وأفاد بيان للخارجية المغربية بأن الوزيرين بحثا “فرص توسيع التعاون الأمني القوي بين البلدين بما في ذلك الجهود المشتركة الرامية إلى وضع حد لدعم إيران للإرهاب والتصدي لتأثيرها الضار في المنطقة”. وقطع المغرب في مايو علاقاته الدبلوماسية مع إيران متهما إياها بتسهيل حصول جبهة البوليساريو على أسلحة، ونفت طهران ذلك.
وأشار الوزير المغربي إلى أن الإدارات الأميركية المتعاقبة، بدءا بإدارة بيل كلينتون ثم جورج بوش الابن، وحتى الإدارة الحالية، أكدت بوضوح أن مخطط الحكم الذاتي يشكل حلا يتسم بالمصداقية والجدية والواقعية لقضية الصحراء، مشيرا إلى أنه آن الأوان اليوم للانتقال من التصريحات إلى الفعل.
ترؤس جون بولتون المقرب من البوليساريو لمجلس الأمن القومي الأميركي، سيكون له تأثير سلبي على قضية الصحراء المغربية
ويقول مراقبون إن زيارة ناصر بوريطة تأتي في إطار سعي المغرب إلى تحييد أي تأثير سلبي للولايات المتحدة على قرار مجلس الأمن المتعلق بالصحراء المرتقب نهاية هذا الشهر.
ويرى هؤلاء المراقبون أن تقليص مدة صلاحية بعثة المينورسو كانت تحكمه بصمة جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي المتهم بالتحيز للبوليساريو.
وأجرى بوريطة محادثات الاثنين مع وزير الخارجية مايكل بومبيو، ومستشار الرئيس دونالد ترامب للأمن القومي جون بولتون، ومع ديفيد هيل وكيل وزارة الخارجية المكلف بالشؤون السياسية، وبراين هوك كبير المستشارين السياسيين بالخارجية الأميركية والممثل الخاص بإيران.
وتساءل بوريطة عن السبب الذي يحول دون تحويل الدعم الدبلوماسي إلى دعم ملموس.
وأضاف مخاطبا المسؤولين الأميركيين “إذا كنتم تعتبرون المخطط جادا وذا مصداقية وواقعيا، فماذا بوسعكم القيام به عمليا للمضي قدما نحو الأمام؟”.
وتابع “إدارة ترامب تتوفر على كل ما يلزم للمضي قدما في هذه المسألة ونحن نطلب دعمها في هذا الاتجاه، وأن حل قضية الصحراء سيكون له أثر عميق على السياسة العربية بشكل عام عبر دعم الدول العربية الأكثر اعتدالا”.
ويرى رضا الفلاح، أستاذ القانون الدولي بجامعة ابن زهر بأكادير، أن الإدارة الأميركية الحالية تضم أشخاصا يتبنون مواقف حيال بعض القضايا الدولية ومن ضمنها قضية الصحراء المغربية، خلافا للموقف التقليدي للجمهوريين الأميركيين الذين يساندون الحل السياسي العادل والمقبول من الطرفين، كما يثمنون المبادرة المغربية المتعلقة بالحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية.
وكان المبعوث الأممي هورست كولر قد دعا في أغسطس الماضي خلال جلسة مجلس الأمن المغلقة تحت رئاسة المملكة المتحدة، إلى العمل على الدفع بالعملية التفاوضية بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو قبل نهاية أكتوبر المقبل. وأكد سعيه الدؤوب لتسهيل جولة مفاوضات جديدة وفق الدينامية والروح الجديدة التي دعا لها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.
وسيقدم الأمين العام للأمم المتحدة إحاطة شاملة حول عمل البعثة الأممية “المينورسو” منذ نشأتها والعراقيل التي تواجهها، في جلسة بمجلس الأمن الدولي، بتاريخ الثامن والعشرين من الشهر الجاري، تحت رئاسة الولايات المتحدة.
وانعقاد مجلس الأمن الدولي المرتقب نهاية هذا الشهر جاء بعدما تم تقليص مدة صلاحية بعثة المينورسو بالصحراء المغربية من سنة إلى ستة أشهر.
وقال الفلاح إن وجود جون بولتون على رأس مجلس الأمن القومي الأميركي، سيكون له تأثير سلبي على قضية الصحراء المغربية باعتباره مقربا إلى حد ما من الأطروحة الانفصالية للبوليساريو”.
ويرى مراقبون أن هناك تقديرات متعارضة في ما يتعلق بملف الصحراء المغربية بين المؤسسات الأميركية كالبنتاغون، ووزارة الخارجية، والاستخبارات، ومؤسسة الأمن القومي واللوبيات ومراكز صناعة القرار هناك. واعتبر هؤلاء أن التغيير الذي طال مدة تمديد بعثة المينورسو، حيث انخفضت من سنة إلى ستة شهور ليس في صالح المغرب ولهذا تعمل الدبلوماسية المغربية على تجاوز هذا المتغير.
وأوضح الفلاح أنه ومنذ وصول دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة بالولايات المتحدة تم تسجيل تحول تدريجي في الموقف من قضية الصحراء المغربية، وهو ما تعكسه بعض المواقف خصوصا داخل مجلس الأمن الدولي، متوقعا حدوث خطوات تمس بمسار حل النزاع في اتجاه تصعيدي.
وتابع “التأثير الأهم يظل للولايات المتحدة داخل مجلس الأمن باعتبار أن مسودة مشروع القرار يعدها المبعوث الأميركي، في حين أن الموقف الفرنسي يظل ثابتا، والموقف الروسي يظل متذبذبا ولا يمكن التعويل عليه، في حين أن أغلب الأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن يؤيدون طرح المبادرة المغربية والحل السياسي والعادل”.