أوروبا تغيّر قواعد التعامل مع المغرب تحت ضغط تدفقات الهجرة السرية

2018/09/19 الاربعاء 

المغرب رهان أوروبا لمنع وصول المهاجرين غير الشرعيين إليها

  تحول المغرب إلى وجهة أساسية لأوروبا، بهدف تمتين سبل التعاون والتنسيق من أجل التصدي لطوابير المهاجرين غير الشرعيين الذين يختارون المغرب نقطة عبور نحو أوروبا عبر إسبانيا. وعقد المغرب وإسبانيا، الجمعة، لقاء على أعلى مستوى في مدينة الصويرة الساحلية لبحث إجراءات التنسيق بين الجانبين، ضمن إطار اللجنة المشتركة التي أنشئت بين البلدين عام 2003.

ويعد هذا الاجتماع الثالث من نوعه خلال عام، ما يدل على الأهمية القصوى التي صارت تحتلها قضية الهجرة في سلم العلاقات المغربيةـ الأوروبية عموما والمغربيةـ الإسبانية بوجه خاص.

المسؤولون الإسبان هذه المرة جاؤوا إلى المغرب بحزمة جديدة من الاقتراحات العملية، خلافا للقاءات السابقة، كان أبرزها تقديم عروض من الاتحاد الأوروبي للمغرب تتضمن مساعدات مالية ولوجستية، انطلاقا من كون المغرب شريكا مهما للاتحاد الأوروبي في سياساته المتعلقة بالهجرة، بحسب تصريحات المسؤولين الأسبان.

وفيما كان المغرب في الماضي يشكو من إحجام الأوروبيين عن تقديم المساعدات وتنفيذ الوعود المعلقة لمواجهة ظاهرة الهجرة، بدا هذه المرة أن أوروبا عازمة على تغيير قواعد التعامل مع الجانب المغربي، تحت ضغط الوقائع الجديدة للهجرة. فخلال العام الحالي وحده تمكّن نحو أربعين ألفا من المهاجرين السريين الأفارقة من دخول التراب الإسباني من المغرب عبر المتوسط، أو عبر الحدود الفاصلة مع المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، وهو رقم يتجاوز بكثير عدد المهاجرين الذين دخلوا التراب الإيطالي من ليبيا في نفس الفترة.

وعادت قضية الهجرة لتطفو على سطح الأحداث الأوروبية في الفترات الأخيرة بشكل غير مسبوق، ليس لحجم الظاهرة التي تزايدت بوتيرة أكبر لكن أساسا للانعكاسات السياسية على العلاقات بين بلدان الاتحاد الأوروبي. فقد وجدت هذه البلدان نفسها تعيش انقساما قويا وتواجه خطابا يمينيا أكثر تطرفا بات يمثل تهديدا لقيم الاتحاد.

وانعكس هذا الوضع بشكل كبير من خلال موقف البرلمان الأوروبي الأخير من المجر واتهامها باقتراف انتهاكات خطيرة تمس قيم الاتحاد الأوروبي المجمع عليها، وذلك ردا على سياسات رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان تجاه الهجرة وتلويحه بما سماه “غزو المسلمين لأوروبا المسيحية”.

وخلافا لمنطقة شرق المتوسط التي تشهد تدفقا للمهاجرين القادمين عبر اليونان، بسبب الظروف السياسية والأمنية، ترى أوروبا أن الخطر الأكبر يأتي من غرب البحر المتوسط لسببين، الأول أن نسبة المهاجرين عالية جدا، والثاني أن هؤلاء المهاجرين يريدون دخول أوروبا لأسباب ترتبط بالأوضاع الاجتماعية، وبالتالي لا تنطبق عليهم شروط اللجوء.

وكشفت المنظمة الدولية للهجرة أن منطقة غرب المتوسط من أكثر المعابر التي يفضلها الأفارقة للعبور نحو أوروبا، خصوصا من المغرب في اتجاه إسبانيا. وذكرت السلطات المغربية أنها تمكنت خلال العام الحالي فقط من إحباط 54 ألف محاولة للهجرة في اتجاه الاتحاد الأوروبي، وتفكيك ما يزيد على سبعين شبكة إجرامية تعمل على نقل المهاجرين الراغبين في دخول أوروبا مقابل مبالغ مالية، كما تم إيقاف ما يقرب من ألفي زورق في عرض البحر كانت محملة بالمهاجرين. وتظهر هذه الأرقام حجم الهجرة التي كان يمكن أن تتدفق على أوروبا، إذا أضيفت إلى العدد الفعلي من المهاجرين الذين نجحوا في الوصول إلى إسبانيا خلال الفترة المشار إليها.غير أن هذه الإجراءات التي يتخذها المغرب للحد من تدفق المهاجرين لا تمر من دون انتقادات توجه إليه من منظمات حقوقية دولية، تتهمه بسوء المعاملة مع المهاجرين وترحيلهم بطريقة غير إنسانية وخارج القانون.

وخلال الأسبوع الماضي أصدرت منظمة العفو الدولية بيانا وجه اتهامات إلى المغرب بالتعامل مع المهاجرين الأفارقة بطريقة “قاسية”، كما اتهم الحكومة الإسبانية بالتواطؤ مع الرباط في الإجهاز على حقوق المهاجرين، وهو ما ردت عليه الحكومة المغربية بالقول إن ترحيل المهاجرين الأفارقة تم بالتنسيق مع المنظمة الدولية للهجرة وفي إطار القانون.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: