مهاجرو شمال أفريقيا يفاقمون الخلافات الأوروبية

الاثنين 2018/09/17

أحلامهم تثقل كاهل أوروبا

 تفجرت الخلافات من جديد بين دول الاتحاد الأوروبي بشأن ملف الهجرة غير الشرعية. وقال رئيس وزراء مالطا، جوزيف موسكات، الأحد إن الجزيرة لن تصبح أبدا “مركزا للمهاجرين” في البحر المتوسط.

وقال موسكات إن إنقاذ من هم في حالة حرجة في البحر سوف يستمر، لكن مالطا لن تعمل كمركز للتعامل مع المهاجرين. جاء ذلك في تصريحات لرئيس الوزراء خلال مقابلة إذاعية على قناة “وان” الإذاعية التابعة لحزبه.

ونشب الخلاف بين مالطا وإيطاليا في ما يتعلق بإنقاذ المهاجرين الذين يأتون من شمال أفريقيا ويحاولون الوصول إلى أوروبا والتعامل معهم.

ورفض موسكات الأحد اتهامات الحكومة الإيطالية بأن مالطا لا تلتزم بالقوانين الدولية، مؤكدا أنه يتم دائما إنقاذ جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأزمة، لكن إذا لم تكن هناك حاجة للمساعدة، فإن سلطات مالطا لا تمد أيديها، ولا يمكنها ببساطة أن تستقبل من لا يريدون الذهاب إلى الجزيرة الواقعة في البحر المتوسط.

وتبنت الحكومة الإيطالية نهجا صارما مناهضا للهجرة، قائلة إنها لن تسمح برسو أي من سفن الإنقاذ بها إلا إذا وافقت دول أخرى في الاتحاد الأوروبي على استقبال من على متن هذه السفن.

وقبل التصادم مع مالطا، تفجر صراع بين إيطاليا وفرنسا نهاية يونيو الماضي بشأن قضية المهاجرين غير الشرعيين. ووصل الصدام بين البلدين إلى قيام إيطاليا باستدعاء السفير الفرنسي لديها بعد هجوم وتنديد من قبل باريس بموقف إيطاليا من رفضها استقبال سفينة “أكواريوس” التابعة لمنظمة إنسانية وتحمل على متنها 626 مهاجرا غير شرعي قادمين من ليبيا.

وهاجم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حينئذ ما وصفه بالموقف “المعيب وغير المسؤول” للحكومة الإيطالية إثر رفضها استقبال السفينة، مشددا على ضرورة معرفة روما للقانون البحري الذي يعتبر أنه في حال وجود استغاثة فإن الشاطئ الأقرب هو الذي يتحمل مسؤولية الاستقبال، مشيدا بالموقف الإسباني الذي قبل باستقبال السفينة.

وفي المقابل، رفضت الحكومة الإيطالية التصريحات الفرنسية حول الأمر، قائلة “نرفض تلقي الدروس ‘المنافقة’ من بلد مثل فرنسا، التي تفضل إشاحة النظر عن مشكلة الهجرة”.

وتحولت قضية الهجرة غير الشرعية إلى ملف خلافي داخل الاتحاد الأوروبي الذي يبذل منذ سنوات جهودا تكثفت في الأشهر الأخيرة، لإنشاء منصات إنزال للمهاجرين في منطقة شمال أفريقيا.

وأعربت كل الدول المغاربية ومصر عن رفضها القاطع للطلب الأوروبي، لكن الزيارة التي ستجريها أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية الإثنين إلى الجزائر أحيت آمال الأوروبيين.

آمال أوروبية معلقة على زيارة ميركل للجزائر
آمال أوروبية معلقة على زيارة ميركل للجزائر

وتبدأ ميركل زيارة رسمية إلى الجزائر الإثنين بدعوة من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، حيث من المنتظر أن تتم مناقشة عدة قضايا وملفات.

وبحسب أجندة الزيارة سيهيمن الجانب الاقتصادي على المحادثات لكون الشركات الألمانية تسعى للاستثمار الحقيقي وخلق فرص عمل، لكن ذلك لا يلغي الجانب السياسي من محطة المستشارة الألمانية، حيث يرتقب أن تفتح عدة ملفات مع السلطات الجزائرية، على رأسها ملف المهاجرين الذي بات يؤرق السلطات الألمانية منذ فترة.

وحسب ما جاء في تقرير لقناة “DW” الألمانیة، فإن میركل التي تتولى أيضا مهمة مفوضة الهجرة بالاتحاد الأوروبي، ستسعى خلال زيارتها المرتقبة إلى الجزائر لبحث خیارات تتعلق بتنفیذ برنامج لنقل المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر المتوسط إلى مواقع في دول شمال أفريقیا لا سیما الجزائر، وهو ما عبّرت سلطات البلاد عن استبعاده مبدئیا، خاصة وأن الجزائر تعاني هي الأخرى من مشكلة الهجرة غیر الشرعیة.

وصنفت برلين، الجزائر رفقة كل من تونس والمغرب كبلدان مغاربية آمنة، وهي الدول المغاربية الثلاث التي تصرّ الحكومة الألمانية على تصنيفها على أنها دول آمنة رغم اعتراضات داخلية.

وعلى هذا الأساس تسعى برلين إلى الحصول على تعهدات من قبل الدول الثلاث لتسهيل عملية ترحيل اللاجئين المرفوضين. واتفاق مع الجزائر بهذا الخصوص من شأنه أن يساعد ميركل على تطبيق خطتها لـ”الترحيل”، التي شددت عليها في أكثر من مناسبة.

ولا يستبعد مراقبون أن تلجأ ميركل إلى ورقة الصحراء المغربية المتنازع عليها بين المغرب والجزائر، لإقناعها بإنشاء منصات لإنزال المهاجرين غير الشرعيين على أراضيها.

وبالإضافة إلى الضغوط الخارجية التي تواجهها ميركل وخاصة من قبل إيطاليا، يهدد ملف الهجرة غير الشرعية وحدة حكومتها التي باتت على شفى التفكك.

ونفى وزير الداخلية الإيطالية ماتيو سالفيني الجمعة توصل بلاده إلى توافق نهائي مع ألمانيا حول عقد اتفاقية تخص اللاجئين داعيا إلى المزيد من التروي والدقة.

ورغم أن الوزير الإيطالي تسلم تأييدا من ألمانيا باستقبال طالب لجوء مقابل كل طالب لجوء يرفض طلبه، إلا أنه يطالب بالمزيد من الدعم والوضوح من جانب ألمانيا في مجالات أخرى.

وأشار سالفيني إلى مراجعة تعليمات دبلن وإلى ضرورة إعادة تنظيم مهمة الاتحاد الأوروبي الموسومة “صوفيا” في البحر المتوسط. وبالنسبة لاتفاقية دبلن، تريد إيطاليا تأكيدا بأن توزيعا أوتوماتيكيا للمهاجرين سيتم على دول الاتحاد الأوروبي.

والجاري حتى الآن هو أن يمضي طالبو اللجوء في عرض قضاياهم فوق أرض أول بلد وطأته أقدامهم في الاتحاد الأوروبي. أما بالنسبة لصوفيا، فتصر إيطاليا على ضرورة عدم جلب كل من تم إنقاذهم من مياه المتوسط إلى أراضيها.

وقال سالفيني إنّ ألمانيا ومنذ شهر يونيو الماضي لم تقبل سوى 200 مهاجر جرى تسجيلهم سابقا في إيطاليا، وما لبث أن أكد أنه سيتم توقيع اتفاقية تضمن إعادة قبول المئتين المشار إليهم حال مغادرة 200 مهاجر آخر أراضي إيطاليا باتجاه ألمانيا.

وكان وزير الداخلية الألمانية هورست زيهوفر قد أعلن الخميس أنه بعد توقيع اتفاقية استعادة اللاجئين مع إسبانيا واليونان، فإنّ من المؤمل عقد اتفاقية مماثلة مع إيطاليا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: