العدالة والتنمية المغربي يناور لرأب الصدع داخل صفوفه
الأحد 2018/09/16
عقد حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي في المغرب، دورة استثنائية لمجلسه الوطني (برلمان الحزب)، السبت، لبحث الوضع السياسي للحزب الإسلامي.
وتأتي هذه الدورة وسط خلافات تضرب الحزب وانتقادات عديدة لطريقة إدارته من جانب قيادته الحالية، قادت إلى انقسام أعضائه إلى فريقين، أحدهما معارض لسياسات سعدالدين العثماني، رئيس الحكومة، والأمين العام للحزب، والآخر مؤيد لها.
وشكل الخلاف بين الحزب وحليفه في الحكومة حزب التقدم والاشتراكية، أهم محاور الدورة الجديدة. والتقدم والاشتراكية هو الحزب الوحيد الذي أعلن تحالفه مع العدالة والتنمية قبل إجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة في 7 أكتوبر 2016، سواء في الأغلبية أو المعارضة.
ويعيش الحزبان حالة تصدع منذ إعفاء الملك محمد السادس، القيادية في “التقدم والاشتراكية”، شرفات أفيلال، كاتبة الدولة المكلفة بالماء لدى وزارة النقل، من مهامها، بناء على اقتراح من رئيس الحكومة، وهو ما قلل عدد وزراء الحزب من ثلاثة إلى اثنتين.
ودخل عبدالإله بن كيران، رئيس الحكومة السابق، على خط الأزمة بين العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية معبرا عن عدم رضاه عن الخلافات الحزبية. وأوضح على هامش مشاركته في برلمان الحزب، السبت، أن الزيارة التي قام بها سعدالدين العثماني إلى قيادة التقدم والاشتراكية، ستسهم في تحقيق التهدئة وعودة الأمور إلى نصابها.
واستحضر بن كيران السنوات الخمس التي كان فيها رئيسا للحكومة، حين حرص مع نبيل بن عبدالله الأمين العام للتقدم والاشتراكية، على الحفاظ على العلاقة المتميزة بين الحزبين، مشيرا إلى أن استمرارها في صالح البلد.
ويرى مراقبون أن تصريحات بن كيران الحليف السابق لنبيل بن عبدالله تكشف أن الخلاف الحالي بين الحزبين كبير ومعقد، وأن دخول بن كيران على خط الأزمة جاء ليكبح الضغط الممارس على العثماني من طرف أنصاره، الذي يجسده قوله “من أراد أن يدعم سعدالدين العثماني فليفعل ومن أبى فليتركه يشتغل”.
سعدالدين العثماني يعمل جاهدا على احتواء الخلاف مع قيادة التقدم والاشتراكية الذي يؤثر على تموقعه داخل الحزب بعدما اتهمه البعض بالمساهمة في إتلاف التحالف الاستراتيجي مع الحزب اليساري
واستبق العدالة والتنمية قرار حزب التقدم والاشتراكية الذي ستتمخض عنه الدورة المقبلة للجنة المركزية للحزب، ويهدف إلى محاولة البحث عن نقط التقاء لتجاوز الخلاف، الذي قد يخرج الحزب اليساري من الحكومة.
وقام أمين عام العدالة والتنمية سعدالدين العثماني مع وفد بزيارة قيادة التقدم والاشتراكية لبحث آفاق علاقة التعاون والشراكة بين الحزبين وفق ما أكده الطرفان.
وأكد إدريس الأزمي الإدريسي رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن “التحالف الذي يجمع بين حزبي العدالة والتنمية والتقدم، لم يكن يوما تقنيا أو تدبيريا، بل كان دائما مبنيا على أرضية مواصلة العمل المشترك وفي إطار الإسهام الفعال في البناء الديمقراطي ودعم الخطط الإصلاحية للبلاد”، لافتا إلى أن “الشراكة الاستراتيجية هي ما يجمع الحزبين، وأن تجاوز الهزات التي قد يتعرض لها التحالف هو مسؤولية مشتركة”.
ويعمل سعدالدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، جاهدا على احتواء الخلاف مع قيادة التقدم والاشتراكية الذي يؤثر على تموقعه داخل الحزب بعدما اتهمه البعض بالمساهمة في إتلاف التحالف الاستراتيجي مع الحزب اليساري.
ودعا الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أعضاء الحزب إلى تقوية مؤسسات الحزب وأن يكون فضاء حقيقيا لحرية التعبير واستيعاب وجهات النظر المختلفة، مؤكد أن “مستقبل الحزب رهين بأن يستمر بوفائه لثوابت الوطن والمنهج الذي سطره”.
ويستبعد متابعون للشأن الحزبي بالمغرب أن تقدم الدورة الاستثنائية حلا قريبا للأزمة الداخلية للحزب، خصوصا مع تعالي أصوات داخل العدالة والتنمية تنادي بمؤتمر استثنائي لإفراز قيادة جديدة.
وحذر العثماني من تأثير الأزمة الداخلية للحزب على مستقبله السياسي ونشاطه الحزبي، وبين أن تحذيراته تهدف إلى “تجنب حزب العدالة والتنمية مصير هيئات سياسية أخرى أنهكها التنازع الداخلي، حتى هجرها أبناؤها وكفاءاتها ووقعت فريسة سهلة للتحريف عن مبادئها”، لكنه في المقابل طمأن أعضاء الحزب بأنه “مهما حاول خصوم الحزب التشويه والتشويش عليه، لن يؤثروا في الحزب ولن ينجحوا في استهدافه”.
ويعتقد مراقبون أن هذه الدورة الاستثنائية سترمم بشكل وقتي بعض الخلافات دون القضاء على الاستقطاب الحاصل بين قيادات الصف الأول والثاني على إثر الخلافات التي عصفت بالحزب بعد إعفاء بن كيران من تشكيل الحكومة وعدم إعادة انتخابه أمينا عاما لحزبه، والذي اعتبره أنصاره مؤامرة ضده.