جدال ساخن بين المغرب والبوليساريو في أروقة مقر الأمم المتحدة في جنيف
Sep 13, 2018
كما جرت العادة، كلما فتح ملف النزاع الصحراوي في أورقة الأمم المتحدة، نثرت أوراق هنا وهناك، لتحقيق مكاسب دبلوماسية وإعلامية تشكل ضغطًا أو حافزًا لمجلس الأمن الدولي للذهاب في هذا الاتجاه أو ذاك، دون أن يرجح كفة هذا على كفة ذاك، والكل ينتظر المؤثرين في القرار الدولي للتوافق على آليات تذهب في النزاع نحو تسوية نهائية ترضي أطرافه.
وفي وقت تشهد فيه أروقة المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف مجادلات ساخنة بين المغرب وجبهة البوليساريو حول حقوق الإنسان في الصحراء المغربية وتسعى جبهة البوليساريو إلى انفصالها وإقامة دولة مستقلة عليها، نجحت الولايات المتحدة في فرض قضية النزاع الصحراوي كنقطة للتداول داخل جلسة مجلس الأمن للشهر الجاري، تمهيدًا لاجتماع دوري من المقرر أن يختتم نهاية أكتوبر بقرار جديد للمجلس، للدفع بعملية التسوية التي ترعاها الأمم المتحدة منذ1988 دون أن تحقق أي تقدم باستثناء وقف إطلاق النار 1991 ونشر بعثة تابعة لها في المنطقة (مينورسيو)، وباتت تشكل ميزانيتها السنوية (حوالي 50 مليون دولار) عبئًا على المنظمة الدولية، ما يشكل منطلقًا لنقد مهمتها التي باتت دون أفق.
ونظر المغرب بعدم ارتياح لما قامت به الأمم المتحدة، وزاد بعد أن تقدمت بعثتها بمذكرة إلى المجلس تحث على «ضرورة التقدم السياسي في ملف الصحراء، منتقدة عمل بعثة المينورسو، ومتسائلة حول أدوارها ونتائجها منذ أن بدأت عملها في الصحراء».
وباتت مهمة البعثة، التي تنتشر في الصحراء المغربية المزنرة بحزام أمني أو في المنطقة الواقعة خارج هذا الحزام حيث جبهة البوليساريو، محل خلاف بين أطراف النزاع. ويرى المغرب أن مهمة البعثة هي مراقبة وقف إطلاق النار ومستلزماته، وترى جبهة البوليساريو أن مهمة البعثة هي الإعداد لاستفتاء يقرر من خلاله الصحراويون مصيرهم في دولة مستقلة أو الاندماج للأمم المتحدة، وفق قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
ومن المقرر أن يمدد مجلس الأمن الدولي في نهاية دورة اجتماعاته القادمة ولاية بعثة المينورسو التي تنتهي يوم 31 أكتوبر وفق قرار المجلس 2414 الصادر نهاية أبريل 2018.
وجاء في المذكرة، التي قدمها المنسق السياسي للبعثة الأمريكية بالأمم المتحدة رودني هانتر، أن «الشكل الذي تشتغل به المينورسو في الوقت الحالي يعرقل ويديم الوضع القائم، مسجلة أنها في صدد تقييم عمل المينورسو، بحكم عدم تمكن الأطراف من إحراز أي تقدم لحل النزاع القائم منذ عقود».
وأوضحت المذكرة، التي تطرقت إلى عديد النزاعات القائمة على المستوى الدولي، أنه «بات من اللازم أن تتدخل الأمم المتحدة، لتحريك المياه الراكدة، مبدية استعدادها التام لتمكين جميع الأطراف من آليات مجلس الأمن لتسهيل مسألة العودة إلى طاولة المفاوضات، لتحقيق تقدم على مستوى الملف».
ولم تنجح حتى الآن جهود الرئيس الألماني السابق، هورست كولر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، في إعادة أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات المجمدة منذ 2009، ويسعى للنجاح في ذلك قبل النصف الثاني من شهر أكتوبر القادم. وتقدم هذه المفاوضات، إذا ما نجح بذلك، إنجازًا يضمنه تقريره إلى الأمين العام الذي يشكل أرضية للقرار الجديد الذي يصدره المجلس.
ولكي تجري مناقشات مجلس الأمن بأجواء التوتر، تستعد جبهة البوليساريو لتنظيم اعتصام، اليوم الخميس، ضد الجدار الأمني الذي تسميه بـ «جدار عار» الذي وصفته الأوساط المغربية بـ»استفزاز خطير» تجاه عناصر القوات المسلحة المغربية المتواجدين غرب جهاز الدفاع المغربي. و يعد هذا الاعتصام الذي ينظمه «التجمع ضد جدار العار» يعد «انتهاكًا جديدًا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي يحظر أي تواجد، مدني أو عسكري، على بعد خمسة كيلومترات عن موقع تواجد الدفاع المغربي.
وأضاف أنه من المعتاد ان تلجأ جبهة البوليساريو إلى هذا النوع من الاستفزازات في محاولة للمس بوحدة المغرب. ولكن هذه المغامرة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على الجبهة، لا سيما أن الاعتصام المعلن عنه يلوح إلى إيماءات استفزازية ضد القوات المسلحة المغربية، قد تصل إلى درجة الرمي بالحجارة.
ودعت المصادر نفسها بعثة المينورسو إلى «التدخل ضد هذا الاعتصام المؤطر من لدن جنود جزائريين وعسكريين متنكرين كمدنيين».