حزب يساري مغربي معارض يصف الوضع في بلاده بـ«المتأزم»
وصف حزب يساري مغربي معارض الوضع في بلاده بـ«المتأزم»، وسجل «القلق الجارف الذي يمس مختلف شرائح المجتمع وتذمرها المتنامي من الوضع في البلاد، وأكد أن أي انفراجٍ حقيقي شامل «لا يقف عند إجراءات مسكنة عابرة أو انتقائية، وإنما هو انفراج عميق ذو أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وحقوقية يقطع مع منطق الاستبداد والفساد».
وقال الحزب «الاشتراكي الموحد»، بعد اجتماع لمكتبه السياسي، إنه وقف بإسهاب عند «سمات الوضع المتأزم الذي تمر منه البلاد، في تفاعل مع الأوضاع الدولية والجهوية، وانعكاساتها السلبية ومسلسل محاولة تصفية القضية الفلسطينية وتقدم «الفوضى الهدامة» بعلاقة مع رهانات الطاقة والصراع الاستراتيجي والعولمة.
وفي بلاغ رسمي سجل الحزب «القلق الجارف الذي يمس مختلف شرائح المجتمع وتذمرها المتنامي من الوضع الذي ما فتئ يزداد سوءًا، ما يعمق اليأس لدى المواطنات والمواطنين ويهز ثقتهم في المستقبل بفعل الإصرار على إغلاق جميع نوافذ الأمل في التغيير المنشود الذي يتطلع إليه الشعب المغربي وقواه الحية».
وأوضح المكتب السياسي للحزب أن «التمرير المستمر لقوانين مجحفة، دون أن يسبقها حوار ديمقراطي ودون اعتبار ما يتطلبه الوضع من إصلاحات لإعادة بناء الثقة وضرورة مستعجلة لإحداث التغيير الديمقراطي، حيث بعد تمرير قانون يضمن تقاعدًا، هو أمر غير مستحق للبرلمانيين والوزراء، إذ يتم تمرير القانون الخاص بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي لحرمان فئات واسعة من الحق في التعليم العمومي المجاني، بالموازاة مع مسخ المناهج المدرسية، بعيدًا عن الإصلاح الشامل والشمولي الذي يتطلبه قطاع استراتيجي كقطاع التعليم الذي يعتبر المدخل الأساس لكل تنمية».
وقال البلاغ إن الوضع المغربي يزداد تأزمًا، خاصة بعد ارتدادات «الربيع العربي» والالتفاف على مطالب حركة 20 فبراير، وإطلاق الثورات المضادة ورجوع الاستبداد وتقدم «الفوضى الهدامة» والحروب الاستباقية باسم الاستقرار والأمن ومحاربة الإرهاب، فتراجع مجال الحقوق والحريات، وقوبل الحراك الشعبي بالريف وجرادة وغيرها من الجهات بمواجهة قمعية شرسة، شملت اعتقالات وتعذيبًا وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان استمرت لقمع احتجاجات شعبية عارمة.
وأضاف أنه ورغم إقرار المسؤولين بمشروعية المطالب المرفوعة، أسفرت المحاكمات الماراثونية إلى إصدار أحكام جائرة صادمة، ويبقى المطلب الملح هو إطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية حراك الريف وباقي الحراكات الشعبية، كما نادت به المسيرتان الوطنيتان بالدار البيضاء والرباط، وجبر ضرر الأسر الصامدة والجهات.
وشدد على أن التراجع الذي عرفه المشهد السياسي، المتحكم فيه، وبعد الحصيلة الضعيفة لدستور 2011، وأمام ضعف الحكومة وتصاعد التناقضات داخلها، وتنامي السلطوية، وضبطها للمشهد السياسي بكل الأدوات، يجعل من الإعفاءات التي تمت دون تقديم المعلومة ودون محاسبة حقيقية إجراء للتغطية وليس للمعالجة الحقيقية. وأشار البلاغ إلى «استمرار نفس الاختيارات الخاضعة لتوصيات المؤسسات المالية، التي تركّع الأنظمة تحت ثقل المديونية لتسلبها سيادتها ويستمر الريع والاحتكار والإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية، رغم التقارير الصادمة وترتيب مخجل للمغرب على مستوى مؤشر التنمية البشرية».
وأوضح الحزب الاشتراكي الموحد أن هذه العوامل أدت إلى ارتفاع نسب العطالة والفقر والتهميش وتفشي ظاهرة أطفال الشوارع، والتعاطي لشتى أنواع المخدرات، في حين أسهم النظام «البتريمنيالي» في خلق «أوليكارشيا» سيطرت على جل ثروات البلاد، الشيء الذي أدى إلى «فشل النموذج التنموي» واتساع الفوارق.
وقال البلاغ إن الثورة المعلوماتية، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فتحت نافذة للتعبير وللوصول للعديد من المعلومات، ليستمر تنامي الوعي حتى بعد خفوت حركة 20 فبراير، حيث استمرت روحها في قلب الحراك الشعبي بالريف وجرادة، وكل أشكال الضغط والمقاومة الشعبية وضمنها احتجاجات العطش والمسيرات ضد التوظيف بالعقدة وضد محاولة وأد الوظيفة العمومية وضد عدم الاستفادة من الحق في التعليم والصحة والسكن والشغل والتنقل وغيرها من القضايا، وأن احتداد الأزمة يدفع إلى التشديد على ضرورة اعتماد انفراج سياسي شامل يعيد للوطن بجميع بناته وأبنائه أضواء الأمل في غد تتحقق فيه الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ويسمح بتقوية الدولة المغربية بالديمقراطية لربح رهان الخروج من التخلف والتبعية واستكمال الوحدة الترابية وتحقيق التنمية.
وأكد الحزب، الممثل في البرلمان، أن الانفراج الشامل المطلوب لا يقف عند إجراءات مسكنة عابرة أو انتقائية، وإنما هو انفراج عميق ذو أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وحقوقية، يقطع مع منطق الاستبداد والفساد ويسترجع للقطاعات الاجتماعية موقعها الفاعل بمؤسساتها العمومية وخدماتها المجانية والجيّدة، وبما يمكن المناضلين الشرفاء من استرجاع حريتهم وإطلاق سراحهم وفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف وجرادة، والنهوض بجهاتهم في سياق العدالة المجالية. وإنه لن يدخر جهدًا في الضغط في اتجاه تحقيق إصلاحات فعلية تضمن فصل السلطات، والربط الحقيقي بين المسؤولية والمحاسبة، والتوزيع العادل للثروة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإحقاق الحقوق والحريات وضمانها واحترامها بدون أي تمييز، لكل المواطنات والمواطنين.