قضية أديب تعكر صفو العلاقات المغربية الفرنسية

الأربعاء 2018/09/12

علاقات متينة

 يهدد استدعاء القضاء الفرنسي 4 صحافيين ورئيس مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى بالبرلمان)، الحبيب المالكي، للتحقيق معهم، يوم 8 أكتوبر المقبل، في قضية “سب وقذف” بحق مصطفى أديب الضابط المغربي السابق، العلاقات القوية بين البلدين.

واستدعت وزارة العدل المغربية، في 3 شتنبر الجاري، قاضي الاتصال الفرنسي المقيم في الرباط؛ احتجاجا على استدعاء القضاء الفرنسي الصحافيين المغاربة الأربعة “بشكل مباشر” في القضية نفسها.

ويتولى قاضي الاتصال الفرنسي مهمة تحسين معالجة ملفات التعاون الجنائي أو المدني بين فرنسا والمغرب.

وأعادت هذه الواقعة إلى الأذهان أزمة دبلوماسية بين البلدين عام 2014 إثر محاولة الشرطة الفرنسية، في فبراير من ذلك العام، استدعاء عبداللطيف الحموشي، المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني (المخابرات المغربية الداخلية)، خلال زيارته لباريس.

وشهد ذلك العام مجموعة خلافات بين الرباط وباريس، وصلت إلى استدعاء السفير الفرنسي بالمغرب أكثر من مرة، وتعليق وزارة العدل المغربية جميع اتفاقيات التعاون القضائي بين البلدين. فيما تعرض وزير الخارجية المغربي آنذاك، صلاح الدين مزوار، لتفتيش دقيق من جانب الأمن الفرنسي بمطار باريس، في مارس 2014. الاستدعاء الأخير للصحافيين الأربعة ولرئيس مجلس النواب جاء استنادا إلى شكوى تقدم بها، العام الماضي، مصطفى أديب، وهو ضابط مغربي سابق مقيم في فرنسا.

واستندت الشكوى إلى مقالات نشرت في الصحافة المغربية عام 2014، تنتقد سلوكيات قام بها أديب في أحد المستشفيات الفرنسية، ضد الجنرال المغربي الراحل عبدالعزيز بناني.

ووفق تقارير إعلامية مغربية، نشر الصحافيون الأربعة معلومات عن اقتحام أديب للمستشفى؛ حيث كان يعالج الجنرال بناني في حالة صحية حرجة.

إذ ادعى الضابط، الذي فر لاحقا إلى فرنسا، حسب كتابات الصحافيين، أنه زائر، وحمل وردا متعفنا، وانهال على بناني بالسب أمام حراس المستشفى.

وقال مسؤول في مجلس النواب المغربي إن المالكي “استُدعي بصفته مدير نشر سابقا لصحيفة ليبيراسيون”. و”ليبيراسيون” هي جريدة باللغة الفرنسية تابعة لحزب “الاتحاد الاشتراكي”، وهو حزب يساري مشارك في الائتلاف الحكومي بالمغرب.

وحذر خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة وجدة المغربية (شمال شرق) من “أزمة دبلوماسية بين البلدين في حالة تطور هذا الملف”.

وأضاف أن “الاستدعاء المباشر لمغاربة من طرف القضاء الفرنسي يخالف مقتضيات اتفاق التعاون القضائي بين البلدين”.

وينص الاتفاق بين الرباط وباريس على أن يتم الاستدعاء عن طريق السلك الدبلوماسي عبر وزارة العدل. وانتقد استدعاء رئيس مجلس النواب المغربي باعتباره “ضمن المسؤولين الكبار” (ثالث شخصية في هرم الدولة).واعتبر أن “الحكمة والدبلوماسية تقتضيان التعامل من خلال الجانب السياسي؛ فمثل هذه الأمور تمس سيادة الدولة”.

وتابع أن “الرباط وباريس لا يمكنهما التضحية بعلاقتهما القوية، خصوصا في ظل التقلبات الدولية والمتغيرات على الساحة الدولية”. بينما رأى محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة عبدالمالك السعدي (حكومية) بمدينة تطوان (شمال)، أن “الاستدعاء حُمَّل أكثر مما يحتمل”.

وأضاف بوخبزة “لا يمكن مقارنة هذا الاستدعاء بما حدث خلال 2014، من خلال استدعاء مسؤول مغربي كبير للقضاء الفرنسي عبر السفارة المغربية في باريس”.

وتابع “هناك قراءة للحدث من خلال جانبين؛ الأول أن الحادث مجرد خطأ وقع فيه القضاء الفرنسي، ويمكن إصلاحه”.

والجانب الثاني، وفق الأكاديمي المغربي، هو أن “قاضي التحقيق الفرنسي فعل (متعمدا) أمر متابعة مغاربة عبر توجيه استدعاءات مباشرة لهم، وهو أمر قد يحدث إشكالا يمكن أن يصل إلى حدوث مشاكل دبلوماسية”.

واتهم بوخبزة بعض الجهات (لم يسمها) بـ”محاولة التأثير على العلاقة القوية بين البلدين”. ولفت إلى أن فرنسا أكبر المدافعين عن قضية الصحراء في الأمم المتحدة، في حين يعتبر المغرب حليفا استراتيجيا لفرنسا.

ولفت إلى أن فرنسا أكبر المدافعين عن قضية الصحراء في الأمم المتحدة، في حين يعتبر المغرب حليفا استراتيجيا لفرنسا في ملفات عديدة.

وإقليم الصحراء موضع نزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر.

وبحسب تقارير إعلامية مغربية وفرنسية، أقرت وزارة العدل الفرنسية بوجود خلل وعدم احترام لاتفاقية التعاون القضائي بين البلدين في قضية استدعاء الصحافيين الأربعة ورئيس مجلس النواب المغربي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: