المغرب: وزارة التعليم ترد على «هستيريا» وسائل التواصل الاجتماعي وتنفي ورود عبارة «القدس عاصمة إسرائيل» في مقرر رسمي
Sep 11, 2018
أثارت عبارة «القدس عاصمة إسرائيل» موجة غضب على وسائل التواصل الاجتماعي التي زعم نشطاؤها أنها وردت في مقرر تعليمي يلقن للنشء في المغرب، وذلك قبل أن تخرج الوزارة الوصية على قطاع التعليم ببلاغ تنفي فيه جملة وتفصيلًا أن تكون العبارة قد وردت في مقرر مغربي، وقالت إن ما تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص ورود العبارة المذكورة في مقرر لوزارة التربية الوطنية للمستوى الثالث إعدادي لا يمت بصلة للمقررات المغربية. وأوضح البلاغ أن وزارة التربية الوطنية و»تنويرًا للرأي العام الوطني، تنفي نفيًا قاطعًا أن يكون ما تم تداوله له صلة بالمنظومة التربوية المغربية، وتؤكد أن الأمر لا يتعلق بالكتب المدرسية المغربية» .
وقالت الوزارة في البلاغ المنشور على صفحتها الرسمية بخصوص العديد من العبارات وصور منسوبة لمقررات دراسية انتشرت كالنار في الهشيم في مواقع التواصل الاجتماعي، بأن لا علاقة لها بالمناهج التي أشرت عليها الوزارة الوصية على قطاع التعليم، موضحة أنه: «يتم حاليًا بمواقع التواصل الاجتماعي تداول عدد من الصور والتعليقات بشأن الكتب المدرسية الجديدة لسلك التعليم الابتدائي الصادرة هذه السنة. والملاحظ من خلال تفحص ما يتم نشره أن عددًا من هذه الصور والصفحات إما أنها مفبركة ومزورة، أو لا علاقة لها مطلقًا بالكتب المدرسية المغربية الجديدة، بل تعود لكتب مدرسية لدول أخرى، لذا وجب تحري الحقيقة قبل النشر».
وليست هذه المرة الأولى التي تبرئ فيها الوزارة مقررات التعليم المغربية من عبارة «القدس عاصمة إسرائيل»، بل سبق لها في عهد الوزير السابق المعفى، محمد حصاد، أن نفت أن تكون العبارة في مقرر رسمي للتدريس بالمغرب، بعد أن كان الفضاء الأزرق قد عرف حملة غضب مماثلة السنة الماضية تستنكر العبارة وتعتبرها مسًا بمكانة القضية الفلسطينية لدى المغاربة.
وتوالت في الفترة الأخيرة بلاغات وزارة التربية والتعليم المغربية وهي تتفاعل مع النقاش الذي تحبل به وسائل التواصل الاجتماعي هذا الموسم الدراسي حول المقررات المدرسية، وكل مرة تخرج الوزارة لتنفي أمرًا أو توضح آخر بشأن ورود عبارة أو ما أثارته أخرى من جدل، وما زال النقاش على أشده بخصوص إدراج كلمات من العامية في مقررات التدريس، وانتقل من الفضاء الأزرق ليخلق تكتلًا من الأحزاب التي أدانت إقحام كلمات من الدارجة المغربية في كتب مدرسية، تكتلاً جمع اليساري بالإسلامي بـ»المحافظ» و»الحداثي»، وهكذا وجدت كل من الأحزاب: حزب التقدم والاشتراكية وحزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة، أنفسها في موقف واحد يعتبر إدارج الدارجة تشويشًا على الدخول المدرسي وانزياحًا عما نص عليه دستور المغرب لسنة 2011 بخصوص اللغات الرسمية للدولة، وهي العربية والأمازيغية، داعين إلى انعقاد اجتماع عاجل للجنة التعليم بالبرلمان .هذا فيما تعالت أصوات رواد الفضاء الأزرق لتجعل من الموضوع مادة دسمة للسخرية من تدني مستوى التعليم بالمغرب عبر ابتداع مستملحات ورسوم كاريكاتير وأغان هزلية .
وحول تداعيات ما يثيره الفضاء الأزرق من نقاش بخصوص الدخول المدرسي، دعا رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، المواطنين والمواطنات للتأكد من صحة ما يتم نشره والامتناع عن ترويج كل ما يتم تداوله بهذا الخصوص، مشيرًا أن كثيرًا من الصفحات التي يتم ترويجها وتتضمن عبارات أو جملًا بالدراجة هي لسيت من مقررات مغربية، وأغلبها لم يتم طبعه في المغرب، مؤكدًا في تصريح لوكالة أنباء المغرب العربي، أول أمس الأحد، الاستعداد لـ«تصحيح كل الأخطاء لكن بعد التأكد منها»، معتبرًا أن ترويج هذه الأمور يؤدي إلى تغليط الآباء والأمهات والرأي العام، ويخلق حالة من السلبية قائلاً: «هناك جهود نقوم بها لا ينبغي التشويش عليها عبر أمور غير صحيحة».
وفي الوقت الذي صارت فيه وسائل التواصل الاجتماعي بالمغرب منصة مفتوحة تبادر لطرح العديد من القضايا التي تخلق رأيًا عامًا وتفرض نفسها على الساسة والمؤسسات الرسمية وتجبرهم على التفاعل، بل وصارت وسيلة ضغط واحتجاج تزايدت في السنوات الأخيرة وأظهرت نجاعتها بشكل أكبر خلال حملة المقاطعة الأخيرة التي انطلقت من الفضاء الأزرق.. فإن النقاش حول مدى تأثير الترويج لصور مغلوطة ومعلومات غير مدققة تهيج الرأي العام صار مطروحًا وصار يهدد بأن تفقد هذه الوسيلة التي اكتسبها المغاربة كإعلام بديل مصداقيتها ومن ثمة قوة تأثيرها، خاصة بعد ثبوت بعض حالات قضايا مثارة أنها كانت بناء على تداول معلومات أو نصوص أو صور غير مدققة أو في عداد الأخبار الزائفة. وحول هذا الإشكال، يقول عبد الرحيم العلام، المتخصص في العلوم السياسية، أنه «في الوقت الذي كانت فيه الصورة أبلغ من ألف كلمة، اليوم صارت الصورة أسوأ من مليون كلمة حينما نرى مدى التأثير السلبي الذي تخلقه صور زائفة يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي»، موضحاً في تصريحه لـ«القدس العربي» أن «اليوم مثلاً قالت الوزارة إن ما تم تداوله هو كذب وبهتان، لكن كم من شخص رأى صورة «القدس عاصمة إسرائيل» وكم من من هؤلاء سيقرأ بلاغ الوزارة؟ لأن الإشاعة يسهل ترويجها أكثر من الحقيقة»، مضيفًا: «يجب على مؤسسات الدولة التي تقوم بالتعقيبات أن لا تلجأ للبلاغات، لأن الكذب تم إشاعته عبر صور، ومن المفروض أن تلجأ هذه المؤسسة الرسمية، وهي وزارة التعليم، إلى فيديو تنشره على صفحتها الرسمية أو أن يتم استضافة الوزير في وقت الذروة، ويحمل بيده المقرر ليوضح للناس ويتم الحسم في هذه الأخبار»، قائلًا إن «الجهات التي تبتكر هذه الصور ربما تتعمد أن تفقد مواقع التواصل الاجتماعي مصداقيتها، وهذا الأمر كما ينطبق على الجهات المعارضة للحكومة ينطبق أيضًا على الحكومة التي سبق أن أتت بصور لشغب كروي ونسبتها لأحداث الريف»، يردف العلام معتبرًا أن من ضمن وسائل التواصل الاجتماعي أصبح تطبيق «الواتساب» هو «الأكثر شعبوية ونشرًا للنمائم والكذب بدل العلم، لأنه يعتمد على الصور أكثر من الكتابة، في حين تحرص الصفحات المؤثرة في «فيسبوك» و»تويتر» على مصداقيتها بشكل أكبر وإن كان الأمر لا يعفي من الوقوع في الخطأ حتى في هذين الفضائين الأكثر نخوبية من «الواتساب» .