غيوم في علاقات الرباط وباريس وراء تأجيل زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى المغرب
Sep 11, 2018
تتلبد سماء العلاقات المغربية الفرنسية بغيوم، وإن كانت خفيفة إلا أنها تؤشر إلى توتر نتيجة تراكمات من الانزعاجات، عبرت عنها الرباط تجاه مواقف وإجراءات فرنسية اعتبرتها الرباط مسًا بسيادتها.
وأدت هذه الغيوم إلى الإعلان عن تأجيل لقاء كان مرتقبًا عقده أمس الإثنين، بين رئيسي دبلوماسية البلدين، لكنه وبما أعلن عنه بشكل غير رسمي وتسريبات صحفية، أعلن عن تأجيله بالطريقة نفسها، عبر وسائل الإعلام غير الرسمية.
وقالت صحف محلية مغربية نقلاً عن مصادر دبلوماسية إنه تم تأجيل اللقاء الذي كان مقررًا يوم أمس الإثنين بالرباط، بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ووزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان.
وقالت المصادر إن هذا التأجيل جاء بعد مكالمة جرت يوم الأحد بين الطرفين، حيت تم الاتفاق على تأجيل الزيارة لـ»أسباب مرتبطة بالأجندة» دون أن تكشف المصادر عن الطرف الذي طلب التأجيل، كما لم يكشف عن موعد جديد للقاء رئيس دبلوماسية البلدين. وتمر العلاقات المغربية الفرنسية بفترة صامتة من التوتر المستمر منذ إعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن تعهده بالتدخل لصالحح معتقل فرنسي بالمغرب على خلفية نشاطات إرهابية وتأكد هذا التوتر إثر استدعاء القضاء الفرنسي عدة شخصيات مغربية، رئيس مجلس النواب وأربعة صحافيين معروفين، من دون المرور عبر القنوات القضائية المتفق عليها منذ 2015، وذلك للمثول أمامه بشبهة التشهير التي وجهها لهم ضابط سابق في الجيش المغربي، إلا أن هذا التوتر الصامت لا ينفي قوة العلاقات وفي مختلف الميادين بين الرباط وباريس.
واستقبل الرئيس إيمانويل ماكرون في 11 غشت الجاري، أم المهندس الفرنسي توماس غالي، المدان في المغرب بالإرهاب، حيث تعهد الرئيس الفرنسي بالتدخل «شخصيًا» في هذه القضية.
وطالبت السيدة الفرنسية، بياتريس غالي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتدخل في قضية ابنها توماس البالغ من العمر 37 سنة والمعتقل في المغرب بتهم تتعلق بالإرهاب، ووعدها ماكرون بالتدخل «شخصيًا» في قضيته.
واعتقل «توماس غالي» في مدينة الصويرة في فبراير 2016 ، ووجهت له تهم دفع أموال ومساعدات لوجستية إلى ملاينين ليسير، وهو أمير خلية جهادية، وأعلن الفرنسي المذكور ولاءه لتنظيم «الدولة الإسلامية»، كما أظهر حاسوبه أنه زار عدة مواقع جهادية.
وحكم على توماس غالي بالسجن النافذ لمدة 6 سنوات بتهمة تقديم الدعم المالي لأشخاص يريدون ارتكاب أفعال إرهابية، وتم تخفيض العقوبة السجنية في حقه في مرحلة الاستئناف إلى 4 سنوات، وسعت باريس من أجل نقله إلى فرنسا لاستكمال عقوبته بالسجن، لكن مساعيها فشلت.
وتوقفت الأوساط المغربية، الأسبوع الماضي، بقلق أمام استدعاء وكيل الجمهورية الفرنسية/ النائب العام وبشكل مباشر، أربعة صحافيين ورئيس مجلس النواب، حبيب المالكي، بصفته مديرًا لجريدة «ليبيراسيون» المغربية الناطقة باسم حزبه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حين نشرت مع مواقع اإكترونية أخرى ضد ضابط مغربي اعتبر ما كتب ضده قذفًا وتشهيرًا.
وكشف الضابط مصطفى أديب في فيديو نشره على حسابه في «فيسبوك»، أن عايدة تراوري، قاضية التحقيق ونائبة رئيس محكمة باريس، أخبرته أمس الإثنين أن وكيل الجمهورية الفرنسية قرر إلغاء الاستدعاءات التي أرسلتها إلى صحفيين ومسؤولين مغاربة في قضية سب وقذف في حق الضابط المغربي السابق بسبب التقادم، ولم يعد لها أساس.
وقال أديب إن السبب الذي برر به القضاء الفرنسي إسقاط الدعوى القضائية ضد المالكي والصحافيين غير مقنع، لأن الإسقاط بالتقادم يكون في فرنسا بعد مرور ثلاثة أشهر، والقضية تعود إلى سنة 2014، ورغم ذلك رفعت الدعوى، متسائلًا عن «ما تغير قبل إسقاط الدعوى وبعدها».
ووجه القضاء الفرنسي لحد الآن استدعاء لكل من مدير نشر صحيفة «شالانج.ما» عادل لحلو، وللصحافي جمال براوي، ولمدير الصحيفة الإلكترونية «كويد.ما» نعيم كمال، وللصحافية نرجس الرغاي، بالإضافة إلى الحبيب المالكي.
وحددت اتفاقية التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا في صيغتها الجديدة أن أي استدعاء قضائي يتم عن طريق وزارتي العدل في البلدين وليس بشكل مباشر.