ترامب يصعّد مع الفلسطينيين ويغلق بعثتهم في واشنطن
الثلاثاء 2018/09/11
تكثف الإدارة الأميركية ضغوطها على الفلسطينيين لدفعهم إلى القبول بالعودة إلى طاولة المفاوضات بشروطها، وأيضا وقف ملاحقاتهم لإسرائيل لدى المحكمة الجنائية الدولية، وآخر هذه الضغوط إغلاق مقر منظمة التحرير في واشنطن الذي اعتبره الفلسطينيون صفعة جديدة للسلام.
قررت الولايات المتحدة إغلاق البعثة الفلسطينية في واشنطن، في خطوة تعكس إصرار إدارة الرئيس دونالد ترامب على تبني نهج متشدد حيال الفلسطينيين الذين نددوا بهذا “التصعيد الخطير”.
ويقول محللون إن إغلاق البعثة الذي سبقته خطوات أخرى من قبيل قطع المساعدات على السلطة الفلسطينية ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يصب في سياق محاولة الضغط على الرئيس محمود عباس للقبول بخطة السلام التي تعدها الإدارة الأميركية، ووقف ملاحقة إسرائيل لدى المحكمة الجنائية الدولية.
واعتبرت الحكومة الفلسطينية أن قرار إغلاق البعثة بمثابة “إعلان حرب على جهود إرساء أسس السلام في المنطقة، وإعطاء ضوء أخضر للاحتلال الإسرائيلي في الاستمرار بتنفيذ سياساته الدموية والتهجيرية والاستيطانية ضد الشعب الفلسطيني وأرضه”.
وكان أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات قد أعلن في وقت سابق أن الإدارة الأميركية أبلغت الفلسطينيين “رسميا” بأنها ستغلق بعثتهم الدبلوماسية في واشنطن، معتبرا أنها “صفعة جديدة من إدارة الرئيس ترامب ضد السلام والعدالة”.
وقال إن السبب الذي أعطي لذلك هو مواصلة الفلسطينيين “العمل مع المحكمة الجنائية الدولية” ضد إسرائيل.
وطلبت السلطة الفلسطينية أكثر من مرة من المحكمة الجنائية الدولية ملاحقة إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين خلال السنوات الماضية، ومنها حربها على قطاع غزة وزيادة الاستيطان.
وقال عريقات إن هذه الخطوة “هجمة تصعيدية مدروسة ستكون لها عواقب سياسية وخيمة في تخريب النظام الدولي برمته من أجل حماية منظومة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه”.
ويتم تجديد الإذن لبعثة منظمة التحرير الفلسطينية الموجودة في واشنطن، للبقاء، كل ستة أشهر. وكانت الولايات المتحدة هددت في نوفمبر بإغلاق مكتب البعثة.
ويتزامن القرار مع الذكرى الـ25 لاتفاقات أوسلو التي كان يفترض أن تقود إلى حلّ دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأكد ممثل مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة حسام زملط لصحافيين أن الإدارة الأميركية أبلغته صباح الاثنين بقرار إغلاق مقر البعثة، مضيفا “القرار الأميركي هذا جاء لحماية إسرائيل من جرائم الحرب التي ارتكبتها ضد الإنسانية في الأراضي المحتلة”.
وأضاف “هذه حرب ليست ضد الفلسطينيين فقط، وإنما ضد نظام القانون الدولي”. وأكد زملط أن القيادة الفلسطينية ستسرّع الآن إجراءاتها في التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وساءت العلاقات بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية عقب إعلان ترامب نقل السفارة الأميركية إلى القدس الشرقية أواخر العام الماضي. وأعقبت تنفيذ القرار سلسلة إجراءات اتخذتها الإدارة الأميركية ضد السلطة الفلسطينية كان آخرها وقف مساعدات تبلغ قيمتها حوالي مليوني دولار كانت تدفع للفلسطينيين.
وكانت الولايات المتحدة التي تعد المساهم الأول في ميزانية الأونروا، أعلنت أيضا وقف تمويلها للمنظمة، متهمة إياها بأنها “منحازة بشكل لا يمكن إصلاحه”.
وأثار القرار استياء وغضبا في الشارع الفلسطيني كونه يهدد مشاريع حيوية في التعليم والصحة يستفيد منها الملايين من اللاجئين الفلسطينيين.
وتقدم الأونروا مساعدات للملايين من الفلسطينيين منذ إنشائها قبل سبعين عاما. وأعلن ترامب الخميس أنه لن يمنح الفلسطينيين “أي مساعدات حتى عودتهم إلى مفاوضات السلام”.
وقال عريقات “بإمكان الإدارة الأميركية اتخاذ قرارات متفردة وأحادية خدمة لليمين الإسرائيلي المتطرف، وبإمكانها إغلاق سفارتنا في واشنطن، وقطع الأموال عن الشعب الفلسطيني، ووقف المساعدات بما فيها التعليم والصحة، لكنها لا يمكن أن تبتز إرادة شعبنا”. وحث المدعية العامة للمحكمة الجنائية الإسراع في فتح تحقيق فوري في جرائم الاحتلال، مضيفا “سنتابع هذا المسار تحقيقا للعدالة والإنصاف لضحايا شعبنا”.