البرلمان المغربي يبحث في دورته المقبلة مشروع قانون حول الخدمة العسكرية الإلزامية
ينتظر أن يبدأ البرلمان المغربي في دورته الخريفية التي تفتتح يوم الجمعة الثانية من أكتوبر القادم، مشروع القانون الذي أعدته الحكومة وصادق عليه مجلس وزاري برئاسة الملك نهاية الشهر الماضي، حول الخدمة العسكرية الإلزامية التي لاقت الكثير من النقاش بعد أن ألغيت 2006، وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات حادة للمشروع.
ويستعد عدد من الشباب الرافضين للمشروع الذي يحمل رقم 44.18، لنقل احتجاجاتهم من العالم الافتراضي إلى الواقع، وأعلن «التجمع المغربي ضد الخدمة العسكرية الإجبارية»، وهو مجموعة تضم حوالي 22 ألف شخص على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، عن أول اجتماع له، يعقد الأحد المقبل بمقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمدينة الدار البيضاء.
وقال إن الهدف من هذا الاجتماع هو الخروج بنواة لهذا التجمع المعارض لمشروع الخدمة العسكرية، وتسطير برنامج عمل للترافع ضد المشروع، ونقل النقاش من العالم الرقمي إلى الواقع. وقال عبد الله عيد، أحد الشباب المؤسسين للتجمع ، إن أمام هؤلاء الشباب حاليا مجموعة من الخيارات، منها العمل على الجانب التحسيسي والتوعوي عن طريق تنظيم ندوات ولقاءات، أو الترافع مع الأحزاب الممثلة في البرلمان لإسقاط المشروع أو تعديله، أو خيار النزول للشارع من أجل الاحتجاج.
ويرى عيد حسب موقع اليوم 24، أن النزول إلى الشارع لا يجب أن يتم إلا عند استنفاذ جميع وسائل الترافع ضد هذا المشروع، الذي تخلت عنه الدولة منذ سنة 2006 لتعود إليه اليوم بشكل مفاجئ.
وتتجاهل الأحزاب الممثلة في البرلمان حتى الآن الحديث عن المشروع، باستثناء حزب الاستقلال، أعرق الأحزاب المغربية، الذي دعا في بلاغ تلا اجتماع لجنته التنفيذية إلى تعميق النقاش، لكنه لم يعبر في الوقت نفسه عن رأي ضد المشروع، ودعا إلى «جعل محطة دراسة مشروع قانون الخدمة العسكرية والمصادقة عليه مناسبة للإنصات المتبادل والتفاعل مع النقاش العمومي والشبابي، والانفتاح على الاقتراحات البناءة والوجيهة الكفيلة بإغناء مقتضياته وتطوير راهنيته واستيعاب تطلعات الشباب ورهانات المرحلة، من خلال إدراج الخدمات الاجتماعية وذات النفع العام والبيئية والتنمية المستدامة، سواء أكانت إلزامية أو تطوعية». وثمّن عيد موقف حزب الاستقلال، ودعا باقي الأحزاب إلى الخروج عن صمتها بخصوص هذا الموضوع، مسجلا في المقابل أن المشروع يقتضي، خلال فترة مناقشته داخل البرلمان، أن يُرافق بانفتاح على المعنيين بالأمر، أي فئة الشباب، في برامج الإعلام العمومي.
ويشمل التجنيد الإجباري، حسب المشروع، عشرة آلاف شاب سنويا مقابل تعويض شهري بقيمة 2000 درهم (220 دولارا). وتتراوح سن الفئات المستهدفة بين 19 و25 سنة، على أن يخضع شاب واحد من كل أسرة لهذا البرنامج، فيما سيتم استثناء النساء المتزوجات، وإعفاء من يعانون مشاكل صحية، وكذلك من يتابعون دراستهم، على أن يخضعوا للخدمة بعد نهاية الدراسة. للإشارة، خلق المشروع الكثير من الجدل فور الإعلان عنه؛ فهناك من اعتبره سياسة جيدة لإدماج الشباب العاطل وخفض نسب الجريمة والانحراف، وهناك من اعتبر أنه يستهدف الشباب الذين يحملون صوتا لإفراغ الحركات الاحتجاجية التي قد تحدث مستقبلا من طرف هذه الفئة العمرية المهمة.
ويرفض التجمع المغربي، الذي هو ضد الخدمة العسكرية الاجبارية، قانون الخدمة العسكرية نظرا إلى «السرعة التشريعية التي تم التعامل بها مع مشروع القانون بخلاف قوانين أخرى أكثر أهمية ما زالت في الرفوف، فالخدمة العسكرية الإجبارية لم تكن في أي برنامج انتخابي ولا في البرنامج الحكومي الذي صوت لصالحه البرلمان»، وأن «الدستور أكد في فصله الأول على الديمقراطية التشاركية كقوام للنظام السياسي، وهو ما يقتضي فتح باب النقاش قبل اتخاذ أي قرار، عوض اعتماد سياسة الأمر الواقع ومبدأ الإخضاع».
وقال التجمع في بياته الأول إن «الأولوية التي تهم الشباب هي الولوج إلى التعليم والصحة والثقافة والشغل، مثلما نص على ذلك الدستور، وأن «مشاكل الشباب والشابات التربوية سببها استقالة المدرسة العمومية من دورها بسبب غياب إرادة حقيقية لتحسين وضع التعليم؛ وتأكد ذلك بعدما صادق المجلس الوزاري على إلغاء مجانيته تدريجيا».
وأضاف أن «مشاكل الشباب والشابات الأخلاقية تتعلق بتهميش الثقافة في البلاد، وغياب المسارح ودور الشباب وقاعات السينما، والإغلاق المنهجي للساحات العمومية. وكلها مجالات كان فيها الشباب والشابات يفرغون طاقاتهم خلال العقود الخالية».
من جهة أخرى، كشفت مصادر من السفارة المغربية بفرنسا، لموقع Sud Ouest، أن المغاربة المقيمين في الخارج وأولئك الحاملين جنسية أخرى إلى جانب الجنسية المغربية، لن يشملهم قانون الخدمة العسكرية الإجبارية.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها قولها إن هذا القانون سيهم المواطنين المغاربة المقيمين داخل المغرب، ومن ثم لن يكون أفراد الجالية المغربية المقيمون في الخارج وأولئك الذين يحملون جنسية مزدوجة معنيين بهذا القانون المرتقب.
المصدر الفرنسي نقل عن السفارة المغربية في باريس قولها إنها لا تستطيع تقديم أجوبة جازمة، لأن النص النهائي لهذا القانون يتطلب تصويت البرلمان عليه. لكن المصدر الدبلوماسي المغربي، أضاف موضحا، يبين أن الخدمة العسكرية لا يفترض فيها أن تشمل سوى الشبان المغاربة المقيمين في المغرب، وذلك قياسا على ما كان معمولا به قبل إلغاء هذه الخدمة قبل 12 عاما.