المغرب: لن نكون دركيًا لحماية حدود أوروبا وكل طرف يجب أن يتحمل جزءًا من المسؤولية
Sep 08, 2018
صعّد المغرب لهجته اتجاه أوروبا في تدبير الهجرة غير الشرعية، وأكد أنه لن يكون دركيًا لحماية حدود أوروبا باعتبار الهجرة غير الشرعية مسؤولية مشتركة تقتضي تحمل كل طرف جزءًا من هذه المسؤولية، خاصة وأن المغرب تبنى استراتيجية تخفف الضغط على أوروبا من خلال تسوية وضعية المهاجرين القادمين إلى ترابه حاملين حلم الوصول للأراضي الاوروبية.
وقال بلاغ لرئاسة الحكومة المغربية إنها بعد استماعها، الخميس، إلى عرض لوزير الداخلية حول الهجرة ومحاربة الهجرة السرية، وإفادة لوزير الخارجية في الموضوع، فإن المغرب لن يقبل أن يتحمل العبء وحده، ولن يسمح بأن تصبح أراضيه مرتعًا لأنشطة مهربي البشر، كما أنه لن يقبل بلعب دور الدركي بالمنطقة. وأنه تم التأكيد على أنه وبتعليمات ملكية، تبنى المغرب منذ سنة 2013، استراتيجية وطنية جديدة للهجرة واللجوء ذات أبعاد إنسانية وتضامنية. وبفضل هذه الاستراتيجية، أصبح المغرب نموذجًا يحتذى به على المستوى القاري والجهوي في مسألة تدبير ملف الهجرة واللجوء.
وأوضح بلاغ رئاسة الحكومة أنه تم إجراء عمليتين لتسوية الوضعية القانونية والإدارية للمهاجرين غير الشرعيين خلال سنتي 2014 و2017، أسفرتا عن تسوية ما يناهز 50 ألف مواطن أجنبي، من ضمنهم 90 في المائة ينحدرون من دول إفريقية. بالإضافة إلى الشقين القانوني والإداري لعمليات التسوية هاته، ووفر المغرب مجموعة من الخدمات الاجتماعية الأساسية للمهاجرين، منها السكن، والصحة، والتعليم، والتكوين المهني…، وذلك بهدف تيسير اندماجهم بالمجتمع المغربي.
الرجوع الطوعي للمهاجرين
وأضاف أن المغرب قام بتنسيق تام مع التمثيليات الديبلوماسية للبلدان المعنية والمنظمة الدولية للهجرة، على ضمان الرجوع الطوعي للمهاجرين الراغبين في العودة إلى بلدانهم الأصلية في ظروف تصون كرامتهم وحقوقهم. وقد بلغ عدد المستفيدين من برنامج العودة الطوعية، منذ سنة 2004، أزيد من 22 ألف مهاجر، من بينهم أكثر من 1400 شخص برسم سنة 2018.
وقالت الحكومة إنه رغم هذا الانفتاح والتعاطي الإيجابي مع ملف الهجرة، تم تسجيل حالات معدودة لعدم تجاوب مهاجرين غير شرعيين مع كل المبادرات المقترحة في سياق الاستراتيجية الوطنية للهجرة، حيث ظل هاجسها الوحيد هو العبور إلى الدول الأوربية بشتى الوسائل.
وأحبطت الأجهزة الأمنية المغربية، في إطار القوانين الجاري بها العمل، خلال سنة 2018، أكثر من 54 ألف محاولة للهجرة غير القانونية، وتفكيك 74 شبكة إجرامية تنشط في مجال التهريب والاتجار بالبشر، وحجز أزيد من 1900 آلية تستعمل في مجال تهريب البشر (زوارق مطاطية، دراجات مائية، محركات مستعملة في الإبحار) وتم نقل عدد من المهاجرين غير الشرعيين إلى مدن مغربية أخرى، ضمانًا لسلامتهم وإبعادهم عن مخاطر شبكات الاتجار بالبشر التي تنشط في شمال البلاد، التي جرت في احترام تام للضوابط القانونية.
وأكدت الحكومة المغربية أنه وبالرغم من كل المجهودات الجبارة المبذولة في هذا الشأن، فإن المغرب لن يقبل أن يتحمل العبء وحده، ولن يسمح بأن تصبح أراضيه مرتعًا لأنشطة مهربي البشر، كما أنه لن يقبل بلعب دور الدركي بالمنطقة، وقالت إن المغرب ما فتئ يدعو إلى تفعيل مبدأ المسؤولية المشتركة، ونهج مقاربة تضامنية مع مختلف الدول المعنية لمعالجة إشكالية الهجرة غير الشرعية ويدعو كافة الشركاء إلى الارتقاء بمستويات التفاعل والتواصل لتحقيق الأهداف المرجوة.
سياسة إنسانية
وقال وزير الداخلية المغربي، عبد الوافي لفتيت، إن المغرب منذ سنة 2013 انطلق في سياسة إنسانية في قضايا الهجرة وأكد أن بلاده لن تقبل أن تكون مرتعًا لمافيات الهجرة، وترفض أن يكون مركزًا لاستقبال شبكات الهجرة السرية، وفي الوقت نفسه لن يقبل أن يكون دركي المنطقة، وأن المغرب سواء في اجتماعاته مع المسؤولين الأوربيين أو مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي أكد ضرورة تفعيل مبدأ المسؤولية المشتركة في التعامل مع قضايا الهجرة.
وقال مصطفى الخلفي، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، في ندوة بعد المجلس الحكومي، إن مواجهة شبكات الهجرة السرية تقتضي «تفعيل المسؤولية المشتركة»، مشددًا على أن الشركاء كافة معنيون بضرورة ربح المعركة ضد شبكات الهجرة السرية، وأكد أن «ما هو مالي في علاقة المغرب بشركائه الأوروبيين يبقى تفاصيل»، مؤكدًا ضرورة التنسيق المشترك، لأن «المغرب يرفض أن يكون دركيًا في الهجرة، وسيتحمل مسؤوليته في مواجهة شبكات الهجرة السرية».
وأوضح المسؤول المغربي أن «عملية العودة الطوعية تتم في إطار الدول والمنظمة العالمية للهجرة»، نبّه بخصوص «نقل المهاجرين من أماكن استغلالهم من طرف الهجرة إلى أرض الوطن عملية جارية اليوم»، موضحًا أنه تم «حجز 1900 آلية تستعمل في الهجرة غير الشرعية من شبكات الاتجار بالبشر»، وقال: «هذه ليس مشكلة للمغرب وحده، بالرغم من المجهودات التي يقوم بها؛ لكن المملكة ستواصل سياستها الإنسانية في تعاطيها مع المهاجرين»، وأن «عمليات النقل من المناطق التي تنشط فيها شبكات الاتجار بالبشر إلى وسط المغرب هي إجراء يتم القيام به مؤطر بالقانون».
وردًا على وجود خروقات في هذه العملية، قال الخلفي إن «المجلس الوطني لحقوق الإنسان موجود في حال وجود حالات تستدعي التدخل»، وقال إن «المغرب قرر اعتماد المقاربة الإنسانية؛ لأننا نموذج يحتذى به في المنطقة، بتسوية 50 ألف طلب للمهاجرين».
وقال مجلس أوروبا إنه يتعين على إسبانيا التأكد من السماح للاجئين المحتملين القادمين إلى مدينتي سبتة ومليلية، بطلب اللجوء وحذر مبعوث مجلس أوروبا لشؤون الهجرة، توماس بوتشيك، من أنه حتى من «يقفزون على الأسوار الحدودية» بين المغرب ومدينتي سبتة ومليلية اللتين تحتلهما إسبانيا، يجب ألا يتم طردهم تلقائيًا.
وأشاد بوتشيك، في تقرير نشر، أول أمس الخميس، بالمرافق المعدة للاجئين وطالبي اللجوء في البر الرئيسي الإسباني، لكنه حذر من أن نظيراتها في سبتة ومليلية مكتظة. ووفقًا للتقرير، فإن العشرات من الأطفال غير المصحوبين بذويهم في سبتة ومليلية، خرجوا من نظام الحماية، ويعيشون في الشوارع ويحاولون ركوب العبارات المتجهة إلى البر الرئيسي لأوروبا.
وفق منظمة الأمم المتحدة للهجرة الدولية، فإن إسبانيا اسقلبت منذ بداية العام الجاري أكثر من 33 ألف مهاجر، وأكد مصطفى الخلفي أن المغرب لا يعتمد سياسة الترحيل القسري أبدًا ضد المهاجرين غير النظاميين، بل العكس فالحالات التي يتم التأكد من هويتها يتم التنسيق المباشر مع المنظمة العالمية للهجرة من أجل العودة للبلدان الأصلية في إطار قانوني.
جمعيات حقوقية تستنكر
واستنكرت جمعيات حقوقية «قيام السلطات الأمنية المغربية بدور دركي لفائدة الاتحاد الأوروبي»، عقب عمليات الترحيل الواسعة من مدن شمال المملكة نحو مدن الجنوب التي شملت مئات المهاجرين غير النظاميين القادمين من جنوب الصحراء.
وقالت هذه الجمعيات المشتغلة في ميدان الهجرة وتدافع عن حقوق المهاجرين، في بيان لها إن هذه الحملات التي أقدمت عليها السلطات «انتهاك للحقوق الأساسية للمهاجرين وحرياتهم الفردية والجماعية من طرف القوات العمومية المغربية».
ووقع على بيان الترحيل الجمعية الدولية للمهاجرين، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ومجموعة مناهضة للعنصرية والدفاع عن الأجانب والمهاجرين، وصوت المرأة، وتجمع المهاجرين من جنوب الصحراء بالمغرب، وجمعية أطاك المغرب.
وقالت الجمعيات إن «هذه الحملات طالت منازل المهاجرين ومقرات الجمعيات المشتغلة لصالحهم، إضافة إلى تخريب خيامهم من طرف القوات الأمنية، ما أسفر عن توقيفات عشوائية انتهت بترحيل جماعي قسري نحو جنوب البلاد»، وإن هذه الحملات «تضرر منها جميع المهاجرين من دول جنوب الصحراء المتواجدين على التراب الوطني، ومن ضمنهم أولئك الذين يتوفرون على بطائق إقامة؛ كما تضرر العديد من منهم جراء التفريق بين الأطفال وأمهاتهم، إضافة إلى السطو على أوراقهم القانونية وأموالهم».
وعبرت عن إدانتها «أعمال العنف التي كان المهاجرون ضحية لها من قبل قوات الأمن، والتي أسفرت عن وفيات وجرحى، خصوصاً في صفوف الأطفال والنساء» وتندد بـ»الدور الذي يلعبه المغرب كدركي للاتحاد الأوروبي في ما يخص عسكرة حدوده وإبعاد المهاجرين المتواجدين فوق ترابه»، داعيًا الحكومة المغربية إلى «احترام التزاماتها الدولية في ما يخص احترام حقوق الإنسان الأساسية».
وطالبت الجمعيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتحمل مسؤولياته في ما يخص حماية حقوق المهاجرين من جنوب الصحراء وضمان حياة كريمة وآمنة لهم، ومنحهم الحرية الكاملة وحق الاستقرار.
وأفادت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في وقت سابق بأن مواطنين ماليين لقيا مصرعهما أثناء ترحيلهما مع مجموعة من المهاجرين غير النظاميين من مدينة طنجة نحو مناطق أخرى، في حادث وقع على مشارف مدينة القنيطرة، حيث سقط الضحيتان من الحافلة التي كانت تقلهما.
وقال مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة: «نؤكد على اختيار السياسة الإنسانية التضامنية في هذا المجال، وبالرغم أنه لم نسمع تنويها من أي منظمة أو جمعية المجتمع المدني حينما تم منح الوثائق الخاصة بالإقامة لأكثر من50 ألف مهاجر من دول جنوب الصحراء، نعمل على مواصلة حل كل التحديات».
وأوضح أن استمرار حملات الترحيل من طنجة وتطوان وأحياء أخرى بشمال المــغرب، يتم بعد التنسيق الــكامل مع مسؤولين أوروبيين وأفارقة، وتم عقد اجتماع مع السفراء لتحسيسهم بالفئة المتبقية من المهاجرين الأفارقة من دول جـنوب الصحراء التي لا تحترم قوانين البــــــلد، وتــــم بسط أهم المشاكل المرتبطة بالموضوع، بينها مشاكل متعلقة بالــهجمات التي تتم من أجل القيام بالهجرة عبر قوارب الموت انطلاقًا من سواحل الشمال.
وقال الخلفي إن هنالك إشكاليات كبرى في مجال الهجرة بالمغرب، وأوضح «لا يمكن لنا وحدنا أن نتصدى لها، في الاجتماع أكد المغرب أنه لن يلعب دور الدركي في المنطقة، ولن يتوانى في تحمل مسؤوليته في مراقبة حدوده لضمان الأمن في استقرار البلد ومواطنيه، وكان هنالك حث السفراء الأوربيين لدعم مجهودات المغرب في هذا الميدان، وأبلغنا الجميع أيضًا أن المغرب لن ولن يسمح لإقامة مراكز استقبال للــمهاجرين».