بوادر أزمة جديدة في العلاقات المغربية الفرنسية
محمود معروف
رسميًا، لا يظهر في الأفق إلا أزمة في العلاقات المغربية الفرنسية على خلفية استدعاءات مباشرة من القضاء الفرنسي لصحافيين مغاربة للمثول أمامه ووصول هذه الاستدعاءات لرئيس مجلس النواب، في المقابل ثمة أنباء غير رسمية عن إقرار السلطات القضائية الفرنسية بوجود خلل ووعد باحترام الإجراءات القضائية المتفق عليها بين الرباط وباريس.
واستنادًا إلى مصادر قضائية فرنسية، إن وزارة العدل الفرنسية أقرت بوجود «خلل» و«عدم احترام لاتفاقية التعاون القضائي» في قضية استدعاء القضاء الفرنسي لصحافيين مغاربة، إضافة إلى الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب، بوصفه مديرًا سابقًا لصحيفة (ليبراسيون) عقب شكاية من أجل «الإهانة» تقدم بها القبطان السابق مصطفى أديب على خلفية ما كتب إثر قيامه 2014، بدون إذن، بدخول غرفة الجنرال الراحل عزيز بناني المفتش العام للقوات المسلحة المغربية الذي كان يرقد في أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس.
وتضيف نفس المصادر أن وزيرة العدل الفرنسية، نيكول بيلوبي، ونظيرها المغربي، محمد اوجار، أجريا محادثات هاتفية، يوم الثلاثاء، وأن «وزارة العدل الفرنسية أقرت بوجود «خلل» و«عدم احترام لاتفاقية التعاون الجنائي»، وأن «الإجراءات والاتفاقيات بين البلدين لم تطبق ولم تحترم».
أوضحت المصادر أنه على مستوى الإجراءات «كان يتعين على قاضي التحقيق توجيه الاستدعاءات إلى وزارة العدل الفرنسية، التي يتوجب عليها بدورها توجيهها إلى نظيرتها المغربية، ومن ثمة تتكفل هذه الأخيرة بإبلاغ المعنيين عبر النيابة العامة».
وفي هذه القضية، توصل الصحافيون الأربعة: نرجس الرغاي، ونعيم كمال، وجمال براوي، وكمال لحلو، فضلًا عن رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي بصفته مديرًا سابقًا لصحيفة (ليبراسيون) باستدعاءاتهم عبر البريد العادي.
ونقل الموقع عن خبير قانوني فرنسي على اطلاع بمقتضيات التعاون القضائي بين الرباط وباريس قوله: «الآن بعد أن تم الوقوف على هذا الوضع، يتعين معرفة كيفية مآل وتطور هذه القضية في العمق، ذلك أنه من البدهي أن هناك خرقًا واضحًا للاتفاقية القضائية بين البلدين .
واستدعى القضاء الفرنسي مدير نشر صحيفة “شالانج.ما”، عادل لحلو كمال، والصحافي جمال براوي، ومدير الصحيفة الإلكترونية “كويد.ما”، نعيم كمال، والصحافية نرجس الرغاي، ثم أضاف الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب بصفته مديرًا سابقًا لصحيفة ليبراسيون التي أعادت نشر مقال الرغاي، وطلبت مذكرة الاستدعاء الفرنسية منهم المثول أمام محكمة الاستئناف في باريس، يوم 8 أكتوبر المقبل في جلسة أولى بتهمة القذف في حق مصطفى أديب، الضابط المغربي السابق.
وأثارت هذه الاستدعاءات غضب المغرب، واستدعى وزير العدل محمد أوجار، بشكل رسمي، يوم الإثنين، قاضي الاتصال الفرنسي المقيم في المغرب، في خطوة احتجاجية ضد قرار استدعاء القضاء الفرنسي لمواطنين مغاربة بشكل مباشر وأبلغه أن ذلك مخالف لمقتضيات اتفاق التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا.
وتنص الاتفاقية القضائية بين الرباط وباريس على ضرورة أن يتم الاستدعاء عن طريق السلك الدبلوماسي عبر وزارة العدل وفق تعديلات 2016 التي جاءت بعد أزمة قضائية بين فرنسا والمغرب على خلفية متابعة عبد اللطيف الحموشي، مدير المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، (المخابرات الداخلية DST)، إثر شكوى تتهمه بالتعذيب، وهي أزمة أدت إلى وقف التعاون القضائي بين الرباط وباريس، دام لأشهر قبل أن تعود المياه إلى مجاريها بتوقيع اتفاق جديد.
وتنص التعديلات على أن يقتصر تطبيق مقتضيات الاتفاق القضائي بين فرنسا والمغرب على الأفراد الذين يحملون جنسية الطرفين، منبهًا إلى أنه «لن يكون في إمكان أي مواطن يحمل جنسية ثالثة أن يبلغ لقضاء البلدين عن أفعال مجرمة وفق القانون الجنائي»، ويؤكد على تبادل المعلومات بين الأجهزة القضائية للبلدين بشأن الأفعال المبلغ عنها، والتي قد تكون ارتكبت على إقليم الطرف الآخر، وذلك قبل الشروع في تدبير الإجراءات القضائية التي قد تصل إلى حد الاعتقال.
ودعت الاتفاقية الطرفين إلى إشعار بعضهما فورًا بالمساطر (الإجراءات) المتعلقة بالأفعال المعاقب عليها جنائيًا قبل اللجوء إلى أي خطوة، وأن السلطة القضائية المقدم إليها الطلب تقوم بإجراءاتها القضائية في حالة عدم التوصل بجواب أو في حالة عدم اتخاذ الطرف أي إجراء للرد على إشعار الأجهزة القضائية للطرف الآخر.