الجزائر ترتب مستقبل السلطة ما بعد بوتفليقة
تستمر عملية ترتيب البيت في هرم السلطة الجزائرية، بتغييرات جذرية غير مسبوقة في المؤسسة العسكرية، عشية الإعلان عن تغييرات مماثلة في مؤسسات مدنية وهيئات حكومية أخرى، على غرار ولاة الجمهورية (المحافظون)، والحكومة والقضاء والأجهزة شبه العسكرية في مسعى واضح لتحديد ضمانات مرحلة ما بعد بوتفليقة.
وأنهى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، الخميس، مهام ضباط سامين جدد في قطاع الجيش، ويتعلق الأمر بقائد القوات الجوية الجنرال عبدالقادر الوناس، الذي شغل المنصب منذ مطلع الألفية، وقائد أركان الدفاع الجوي عن الإقليم، واستخلفهما بالعميدين بوزوين ومعمري.
وبحسب ما أعلنت مؤسسة الرئاسة الجمعة الماضي، جاء الإعلان الذي بثته قناة فضائية مقربة من السلطة أياما قليلة بعد عودة بوتفليقة من رحلة علاجية قصيرة قادته إلى جنيف السويسرية لإجراء فحوصات دورية.
ويكون بذلك حلقة جديدة من مسلسل تغييرات عميقة غير مسبوقة في مسار المؤسسة العسكرية منذ استقلال البلاد، ففضلا عن الإقالة أو الإحالة على التقاعد التي مست ضباطا سامين في المؤسسة، تجري عملية تغيير واسعة في الحلقات الصغرى لسلك الضباط، وتكون مديرية أمن الجيش (الاستعلامات العسكرية)، على رأس المديريات التي عرفت تغييرات واسعة داخل مصالح وهيئات المديرية.
ولا تزال القراءات متضاربة بشأن الخلفيات والدلالات التي تحملها هذه العملية التي باشرها الرئيس بوتفليقة منذ شهرين، حيث أسقط أكثر من عشرة جنرالات في ظرف وجيز جدا، وكان هؤلاء يوصفون بـ”أعمدة المؤسسة”، على غرار قائدي الناحيتين العسكريتين الأولى والثانية (البليدة ووهران)، وهما الجنرالان الحبيب شنتوف وسعيد باي، إلى جانب قائد القوات البرية الجنرال حسن طافر، وقائد الناحية العسكرية الخامسة الجنرال عبدالرزاق شريف.
وباتت فرضية ترتيب السلطة لبيتها الداخلي هي الأقرب، في ظل حملة تغييرات مماثلة منتظرة في الأجهزة الإدارية والقضائية والحكومة، في إطار صفقة تكون قد تمت بين عميدي أركان السلطة، (الرئيس بوتفليقة وقائد أركان الجيش الجنرال أحمد قايد صالح)، لدخول الاستحقاق الرئاسي المقبل، وحتى تسوية مسألة مستقبل السلطة بعد بوتفليقة.
وذكر مصدر مهتم بتطورات شؤون السلطة أن التغيير الحكومي المنتظر قريبا سيكون خاتمة العملية، لأنه سيكشف عن نوايا السلطة ويؤشر لأجندتها في المرحلة المقبلة، حيث سيضع قائد أركان الجيش في موقع جديد، أقرب إلى مركز القرار، ويكفل استمرار بوتفليقة في السلطة، على أن تعود الأخيرة إلى أيدي الجيش في حالة أي طارئ.
وأضاف المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أن “الأحزاب والمنظمات المحسوبة على السلطة، ستعرف هي الأخرى تغييرات في القمة بإيعاز من بوتفليقة، كما هو الشأن بالنسبة لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، إذ يتم الحديث عن استخلاف جمال ولد عباس، بالقيادي المخضرم وسفير الجزائر في تونس عبدالقادر حجار، وذلك في إطار عملية تجديد داخلي للسلطة”.
ولفت المصدر إلى أن نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين والمنظمة الوطنية للفلاحين، اللتين يقودهما عبدالمجيد سيدي سعيد ومحمد عليوي، قد تُضخّ دماء جديدة في صفوفهما، قياسا بما تمثلانه من ثقل في الجبهة الاجتماعية والشعبية، وبقاء المسؤولين على رأسيهما لوقت طويل ما أثر على تأثيرهما في الساحة الداخلية.