أي أحاسيس يبثها اللباس القصير في المرأة

الثلاثاء 2018/09/04
حرية شخصية

“بما أنك امرأة هل لي بسؤال يخص بنات جنسك؟ بماذا تشعر الفتاة بالضبط حين تجول في شوارع مجتمعاتنا العربية شبه عارية؟”.

سؤال طرح عليّ في معرض حديث جانبي لا علاقة له باللباس، أخذت عنوة وحشرت في الزاوية صار عليّ حَبْك إجابة تقنع مخاطبي وترفع اللبس عن ذهنه، لكنني عجزت وتلعثمت وصغت جملا مبعثرة لا روابط بينها.. حاولت لملمتها بيد أنني أنا نفسي مع حبي الشديد للباس القصير لم أجرب خوض مغامرة الخروج به خارج أسوار منزلنا وحتى وإن فعلت يوما ما فقد كان ذلك لصيقا بعهد الطفولة. كيف لمحجبة أن تجيب عن سؤال لا تراه يعنيها، فهي أحيانا تستحي حين تشاهد إحدى الفتيات متبرجة على نواصي الطرقات بلباس غير لائق؟

هل اللباس بطاقة هوية حتى تنصّب بقية الشعوب أنفسها قضاة وتضع بلادي في خانة الخارجين عن القانون وأعراف العرب؟ ولأن بحثي عن الإجابة قادني إلى حقائق صادمة، فالحقيقة ليست خفية غير أنني ما ظننتها بهذه البشاعة، إذ للأسف بعض الدول الشقيقة ترى في حرية المغربيات انحلالا يقدم لها ذريعة نعتهن بنعوت لا تليق بهن.

قد أكون لا أملك إجابة عما يبعث اللباس القصير في المرأة من أحاسيس لكنني لا أنصب نفسي قاضيا ولا محللا نفسيا ولا أتصورها تفعل ذلك لتنال الرضا والاستحسان من عيون متلصصة تتربص بها، بل أرى من منبري الصغير هذا أنها حرية شخصية ونفسي متشبعة حتى النخاع بمقولة “تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية غيرك”. كما أنني على ثقة بأن اللباس لا يعكس في حالات كثيرة أحوال صاحباته الأخلاقية فكثيرا ما تنطوي سرائر بعض المحجبات على دهاء ومكر قد لا تحمله مواطناتها السافرات والعكس.

لماذا تحاول المجتمعات الذكورية تقييد المرأة بالمثل المغربي القائل “كُلْ على كيفك (هواك) والبس على كيف الناس”، هل نلبس للناس أم من أجل أنفسنا؟ هل اللباس مرتبط بعدد أمتار القماش المخاط به؟ لا أتصور ذلك فمهما طال أو قصر الثوب ستكون المرأة، ولأنها تملك جسدا مختلفا عن الرجل، عرضة للتحرش والمعاكسة.

لا المغربيات ولا غيرهن من النساء العربية سلع معلبة تعرض بالمجان على نواصي الطرقات، فبدل الإمعان في تفاصيل أجسادهن وقراءة مبهمة للحرية في مقاس فساتينهن، وجب التبصر في عقولهن وحجم مشاركتهن في الحياة بكل مجالاتها، وجب التمعن في حجم تضحياتهن من أجل أسرهن وأوطانهن وسهرهن على راحة أطفالهن.

لم نعد مجرد أجساد صغيرة تحتل مكانا بالخارطة بمنأى عن العالم، بل أصبحنا نطل من نوافذ التطور التكنولوجي على بعضنا البعض ونتزود بعادات وتقاليد كل ما هو مختلف وبعيد عنا، ولا بد أن أغلبنا علم أن هناك عند نظرائنا من الغرب طقوس غريبة يمارسونها في كنف الحرية تسمى سلوكات “العراة”، إذ أن هناك شواطئ للعراة، ومسابقات، ومقاهي، وتظاهرات، وغيرها الكثير دون أن يفكر الرجل الغربي في النظر إلى المرأة من مرآة نظيره الشرقي بالتساؤل عن سر تجرد المرأة من ثيابها؟ ولو كان الطقس عربيا لـ”طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة”، عذرا لكان لحم المرأة وليمة على موائد الذئاب البشرية

شيماء-ر

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: