المؤسسات الأوروبية المعنية تسارع إلى إنهاء إجراءات المصادقة على اتفاقية الصيد البحري مع المغرب
محمود معروف
تسارع المؤسسات الأوروبية المعنية بالصيد البحري إلى إنهاء إجراءات المصادقة على اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، الموقع في يوليو الماضي، وخروج سفن الصيد الأوروبية من المياه الإقليمية المغربية بعد انتهاء الاتفاق السابق، وهو ما خلق حالة احتجاج لدى الصيادين الأوروبيين المستفيدين من الاتفاق، خاصة الإسبان.
ويعتبر الصيد في المياه الإقليمية المغربية المقابلة للمناطق الصحراوية، النقطة الأساسية التي تخلق نقاشًا في الأوساط الأوروبية بعد قرار محكمة العدل الأوروبية في 2016، والتي اعتبرت الاتفاق السابق الموقع 2014، لا يشمل هذه المياه الإقليمية، بكون المنطقة موضوع نزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو، وتسعى الأمم المتحدة لتسويته.
ويضع الاتفاق السابق المنتهي يوم 14 يوليو الماضي والاتفاق الجديد الذي لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن، المناطق الصحراوية المتنازع عليها، بين قوسين، ويحدد كيفية استفادة هذه الأقاليم من عائدات الاتفاقية والامتيازات التي للمغرب، وأن يكون ذلك بالتشاور مع الصحراويين الممثلين في هيئاتهم المنتخبة ومنظمات المجتمع المدني والحقوقي.
وأمام ضغط أرباب سفن الصيد الأوروبيين، عقد مساء الأربعاء، لقاء في البرلمان الأوروبي بين المفوض الأوروبي المكلف بالشؤون الاقتصادية والمالية والضرائب والجمارك بيير موسكوفيتشي، ولجنة التجارة الخارجية بالبرلمان الأوروبي، حول تجديد الاتفاق الفلاحي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب ، تم خلاله توضيح كيفية استفادة الصحراويين من عائدات الصيد البحري والفلاحة.
وقال موسكوفيتشي إن نص الاتفاق يستجيب لثلاثة أهداف تتعلق بضرورة الملاءمة مع قرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في دجنبر 2016، والطموح بدعم التنمية المحلية من خلال منح تفضيلات جمركية للمنتوجات القادمة من المنطقة، وحتمية عدم التدخل في المسلسل السياسي للتسوية الجاري بالأمم المتحدة.
وقال المفوض الأوروبي إن هذه القضية تندرج في إطار المسؤولية الحصرية للأمم المتحدة، وإن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه إلا أن يدعم هذا المسلسل مع الحرص على عدم التدخل فيه.
وأكد أنه وعلى امتداد مسلسل المشاورات الذي تم بشكل واسع وشامل مع جميع الفاعلين المعنيين بتجديد الاتفاق، «حرصت المفوضية الأوروبية على تجنب أي تفسير قد يوحي بأن هناك تغييرًا في موقف أو رأي الاتحاد الأوروبي اتجاه هذه القضية»، وقال: «اعتمدنا مقاربة محايدة وغير مسيسة»، داعيًا النواب الأوروبيين إلى القيام بالمثل.
وخاطب المفوض الأوروبي المكلف بالشؤون الاقتصادية والمالية والضرائب والجمارك، النواب الأوروبيين أعضاء لجنة التجارة الخارجية بالبرلمان الأوروبي: «لم يطلب منكم الحديث عن الوضع النهائي للصحراء. ما طلب منكم هو وضع أساس قانوني لمنح تفضيلات جمركية للمنتوجات القادمة من الصحراء لفائدة ساكنة الصحراء».
وأوضح أن هذه التفضيلات الجمركية ستسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة ومن ثم في استقرارها، وأن الاتفاق سيستفيد منه اقتصاد المنطقة بشكل ملموس وسينعكس إيجابًا على قطاعات الأنشطة الأساسية والمتمثلة في الفلاحة والصيد والفوسفاط، وقال إن 45 ألف منصب شغل محلي يرتبط بصفة مباشرة أو غير مباشرة بقطاع الصيد البحري و14 ألف منصب مرتبط مباشرة بالإنتاج الفلاحي، وإن هذه الأرقام تعكس الأثر الاقتصادي الإيجابي للتعاون التجاري الأوروبي على المنطقة الذي لا يجب الاستهانة به».
واعتبر بيير موسكوفيتشي أن رفض منح تفضيلات جمركية للمنتوجات القادمة من المنطقة من شأنه تقويض، بشكل ملموس، صادراتها، ما سينعكس سلبًا وبشكل كبير على الساكنة. أكد أن مسلسل تقييم استفادة الساكنة سيتم متابعته بشكل منتظم من خلال آلية نص عليها الاتفاق وأن «الاتحاد الأوروبي سيواصل تتبعه لأثر وفائدة الاتفاقات على الساكنة والتنمية المحلية «.
وتقوم بعثة النواب الأوروبيين للجنة التجارة الخارجية للاتحاد الأوروبي بزيارة إلى المغرب الأسبوع القادم لتشكل «فرصة للوقوف، ميدانيًا على انعكاس واستفادة الساكنة والتنمية المحلية من اتفاقات الاتحاد الأوروبي».
وأكد رئيس مجموعة الصداقة الاتحاد الأوروبي – المغرب، جيل بارنيو، أنه في حال غياب التفضيلات الجمركية، بسبب اتفاق تجاري، فإن صادرات المنطقة نحو أوروبا ستتأثر بشكل كبير، وهو ما سيكون له انعكاس سلبي مباشر على الاقتصاد والساكنة المحليين.
وقال إن التجارة مع الاتحاد الأوروبي تشكل أحد الأسس التي مكنت «من تحقيق تنمية مذهلة في مدن كالعيون والداخلة وبوجدور»، و»يكفي الانتقال إلى المكان عينه للوقوف على المنشآت العديدة والمشاريع الجارية هناك».
من جهته، أكد لويس بلاناس، وزير الفلاحة والصيد البحري والتغذية الإسباني، أن اتفاقية الصيد البحري التي وقعها المغرب مؤخرًا مع الاتحاد الأوربي «حيوية» لبعض قطع الأسطول الإسباني.
وقال لويس بلاناس، أمس الأول الأربعاء، أمام لجنة الفلاحة والصيد البحري والتغذية بمجلس النواب الإسباني (الكورتيس): «إن اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي التي تم التوقيع عليها بالأحرف الأولى بعد مفاوضات مكثفة، لعبت فيها إسبانيا دورًا مهمًا للغاية، هي جد حيوية لبعض قطع الأسطول الإسباني» .
وشدد الوزير الإسباني على أن هذه الاتفاقية هي جد مفيدة للأسطول الإسباني، خاصة وأن إسبانيا تستفيد من 90 من أصل 138 رخصة صيد، أي أكثر من النصف .
وأوضح وزير الفلاحة والصيد البحري والتغذية الإسباني أن هذه الاتفاقية «من شأنها أن تدعم وتعزز استدامة أسطول الصيد البحري الإسباني في جوانبه البيئية والاجتماعية والاقتصادية مع ضمان نشاط هذا الأسطول في المناطق الإسبانية الهشة والضعيفة، إلى جانب إحداث مناصب الشغل وخلق الثروة، بالإضافة إلى السماح بالمراقبة الصارمة لكميات الصيد، فضلًا عن حماية الموارد السمكية في المنطقة».
واستعرض بلاناس في مداخلته الإيجابيات والتحسينات التي تضمنتها الاتفاقية الجديدة، لا سيما تلك المتعلقة بولوج السفن إلى مناطق الصيد، وأكد أن على أطراف هذه الاتفاقية أن تختار التوزيع العادل للمنافع الاجتماعية والاقتصادية المقدمة.
وأشار إلى أن الحكومة الإسبانية ستعتمد- بهدف التخفيف من الوضع الإشكالي للأسطول الإسباني حتى بدء سريان الاتفاقية ودخول بنودها حيز التنفيذ- سلسلة من الإجراءات والتدابير من أجل تعليق هذا النشاط، خاصة وأن الاتفاق السابق قد انتهى يوم 14 يوليو الماضي .
وقال إن الوزارة تدرس حاليًا إمكانية النقل المؤقت لسفن الصيد إلى مناطق أخرى، كما تعمل على المصادقة في أقرب وقت ممكن على قرارين وزاريين يتعلقان بالوقف المؤقت للسفن التي لا تتوفر على مناطق بديلة للصيد .