نافذة افتراضية للتشجيع على التعدد تلقى صدى لدى نساء المغرب
يحاول عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصا فيسبوك، التشجيع على تعدد الزوجات واستقطاب المتحمسات لهذا الموضوع، مبررين ذلك بارتفاع نسبة العوانس في المغرب. إلا أن ارتباط المرأة برجل متزوج لا يمثل حلا جذريا كما يروج له البعض، بقدر ما هو سبب لمشكلة أكبر منه، قد تنتهي بالابتزاز أو التحرش الافتراضي أو تقود إلى زواج فاشل ينتهي باكتساب المرأة لقب مطلقة بدلا من عانس
على الرغم من أن القانون في المغرب لا يمنع تعدد الزوجات بل يقيده بشروط أهمها حضور الزوجة الأولى أمام القاضي للتأكيد على موافقتها، فإن عددا من المغاربة نقل هذه القضية والجدل الذي يدور حولها من أرض الواقع إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعددت تسميات “الغروبات” التي تم إنشاؤها للغرض ما بين #معا من أجل تعدد الزوجات في المغرب، #تعدد_الزوجات_نعمة_مغبون_فيها_كثير من_الناس، #عددوا_واعدلوا_تسعدوا، و#نعم_للتعدد_لا_للتردد. اختلفت التسميات لكن الهدف كان واحدا؛ الدعوة إلى التعدد بوصفه حلا لمجموعة من المشاكل التي تؤرق أصحابها، ومنها، حسب رأيهم، تأخر سن الزواج عند الفتيات.
وبحسب مصادر إخبارية، فإن إحدى الصفحات نجحت في استقطاب حوالي 33 ألف معجب، وتعرض قصصا ناجحة لرجال ونساء اختاروا التعدد، ويعيشون استقرارا أسريا، ويؤكد القائمون عليها أن هدفهم “مقاومة تأخر سن الزواج والفساد”.
وللتأكد من صحة هذا الكلام قامت احدى الجرائد بإجراء بحث بسيط على موقع فيسبوك نتج عنه العثور على عدد من الصفحات التي تم إنشاؤها قصد تشجيع التعدد وأن نسبة كبيرة من النساء تدعمها، وتعود أسباب هذا الانتقال من أرض الواقع إلى العالم الافتراضي بالأساس إلى سرعة وسهولة إيجاد نساء يقبلن الزواج من رجل متزوج، كما ييسر على الرجال استغلال الثغرات الموجودة في القانون للزواج من امرأة ثانية.
كما يعود سبب إقبال المغربيات على مثل هذه المجموعات الافتراضية إلى أن أحدث دراسة قدمتها مؤسسة “فاميلي أوبتيميز″ عن العنوسة في العالم العربي، أبريل الماضي، أكدت أن 60 بالمئة من النساء المغربيات عوانس؛ أي حوالي ثمانية ملايين مغربية، بالإضافة إلى أن إحصائيات ومعطيات رسمية كشفت أن النسب بين الذكور والإناث في معظم الدول العربية متقاربة، غير أن هناك دولا عربية يزيد فيها عدد الإناث على الذكور، ومن بين هذه الدول المغرب.
ولعل هذا ما دفع النساء إلى القبول بخيار التعدد كحل لإنهاء عزوبيتهن ورغبة في الإنجاب وتكوين أسرة، وما شجع على ذلك أن الرجال لا يمانعون أيضا الزواج بأكثر من امرأة حتى وإن كانت ظروفهم المادية لا تسمح في غالب الأحيان.
وسبق أن ذكر المحامي حسن حلحول في تصريح صحافي أن ”المشرع المغربي حاول التقليل من حالات التعدد إلا أن هناك فراغا قانونيا يمكن للمواطن استغلاله للاستمرار في طلب التعدد”، مضيفا ”بعض الرجال خاصة ممن يتشبعون بالمرجعية الإسلامية يتشبثون بالنص القرآني الذي حث على التعدد بل حتى الفقراء منهم يعددون بالرغم من الظروف الاقتصادية المزرية”.
وقال أحد النشطاء في “غروب” “معا من أجل تعدد الزوجات في المغرب” إن الهدف من وجود مثل هذه المجموعات الافتراضية “تبادل الأفكار حول موضوع التعدد ومشاركة آخر المستجدات في الموضوع مع الاستفادة من تجارب الآخرين خصوصا المعددين والمعددات في جو من الاحترام المتبادل بعيدا عن التصرفات الصبيانية ولِمَ لا قد نجد عروسا أو عريسا مع توخي الحذر في التعامل هنا بالعالم الافتراضي”.
وأوضح محمد اهجطان، عضو وناشط في “الغروب” نفسه وتاجر من تطوان في المغرب، “أنشأنا هذه المجموعة من أجل فتح باب النقاش والتعارف على الراغبات في الزواج من رجل متزوج”.
وأضاف اهجطان (40 عاما) “تضم المجموعة عددا من النساء منهن العازبات، غالبا جاوز سنهن الثلاثين، والمطلقات والأرامل، ويحصل الرجال على زوجة ثانية، كل حسب ظروفه فهناك من يبحث عن فتاة في مقتبل العمر ويجدها”، مشيرا إلى أن هناك تواجدا لا بأس به للعنصر النسائي الذي لا يمانع التعرف على العنصر الرجالي قصد الزواج.
تجمع نسائي
وجود مجموعات افتراضية للتعدد يديرها أعضاء رجال وتضم نساء يعد أمرا عاديا لا سيما وأن الرجال يسعون إلى الحصول على زوجة ثانية، لكن وجود مجموعات تديرها نساء من أجل الهدف ذاته يلفت الانتباه إلى إيمان عدد من المغربيات بأن الحل لعنوسة البعض منهن يكمن في التعدد، وهذا هو الأمر المستجد حيث أنشأ عدد من النساء “غروبا” تحت اسم “تجمع النساء المغربيات اللواتي يعشن تجربة التعدد”.
وفي هذه المجموعة تتبادل المغربيات النصح والإرشاد حيث كتبت إحدى المنضمات إلى “الغروب” طلبا للمساعدة والمشورة “السلام عليكم أخواتي أخت مغربية تقدم إليها خاطب مصري متزوج، من تعرف الوثائق المطلوبة، علما أن الزوجة الأولى غير موافقة”، وهذه الرسالة تؤكد أن المغربيات لا يمانعن فكرة التعدد حتى وإن كان العرض من غير رجل مغربي، علما وأن عددا من “الغروبات” المعنية بالتعدد في المغرب يضم جنسيات مختلفة منها التونسية والكردستانية والمصرية والجزائرية.
وهناك من قدمت اقتراح أن يقمن بإنشاء “مجموعة واتساب للتواصل المباشر، المرجو وضع أرقام الهواتف”، ووجد اقتراحها مباركة من عدد من الموجودات في “الغروب” حيث انهالت عليها أرقامهن في خانة التعليقات.
ولا يخلو “الغروب” من نساء عايشن التعدد تطلب منهن بقية المنضمات النصح من قبيل “ممكن لو أن هناك زوجة أولى تخبرنا كيف تقبلت أن زوجها تزوج عليها وكيف تعاملت مع الغيرة خصوصا الأيام الأولى؟”.
ولا تقتصر نساء “الغروب” على تبادل النصائح بل حولن الصفحة إلى منصة تقدم المواعظ والعبر عبر فيديوهات لشيوخ يدعون إلى التعدد وآيات قرآنية وأحاديث نبوية تحث على التعدد وتنهى الزوجة الأولى عن التعنت والرفض وطلب الطلاق، حتى أن إحدى الناشطات اعتبرت أن تقييد التعدد بقانون فرصة لمعرفة معادن الرجال الحقيقية حيث كتبت “التعدد قانونيا صعب المنال ولكن ألا ترين معي أنه فرصة لتمحيص رجولة من يتقدم لك ودرجة تمسكه بك وقدرته فعلا على تحقيق العدل والاحتواء؟ ربما جاءت هذه المدونة في هذا الزمن حتى يتم تمحيص الرجل والتأكد من رجولته”، وطرحت رأيها للنقاش قائلة “ما رأيكن؟”.
حاولنا الوقوف على أسباب إقبال عدد من المغربيات على الغروبات المشجعة على تعدد الزوجات؛ فكانت إجابة البعض من المنتميات لمجموعة “تجمع النساء المغربيات اللواتي يعشن تجربة التعدد” (مفضلات عدم ذكر أسمائهن) كالآتي:
الانتقال بظاهرة التعدد إلى الفضاء الافتراضي لا يعالج لب القضية ولا يحفظ للمرأة حقوقها سواء بالنسبة للزوجة الأولى أو الثانية
– التعدد شرع الله وهو أمر جيد.
– القبول بالزواج من رجل متزوج لا يخرج عن أمرين إما هربا من العنوسة وإما طمعا.
– أغلب النساء اللاتي يقبلن التعدد إما فاتهن القطار (مصطلح متداول يعني من جاوزت سن الزواج) أو مطلقات أو أرامل، وهناك أيضا أسباب مادية.
– التعدد هو الحل لمشكلة الطلاق وإنقاذ النساء من العنوسة والترمل.
– التعدد هو حل لمشكلات اجتماعية، لكنني لا أقبل إلا إذا توفر في الرجل شرطان وهما أن يكون صاحب مال وعلم، علما وأنني أعرف بعض الفتيات اللاتي يقبلن التعدد تحت ضغوط عائلية كبيرة.
– أستغرب من الرجال الذين يكتبون بالغروبات أنا فقير وأريد التعدد. وجاءت الإجابة حول هذا الاستفسار: للأسف الكثير من الآنسات يتخلين عن عدة شروط قصد الزواج، وبرأيي لو أن المطلقات والأرامل يبحثن عن رجل مطلق أو أرمل بدل الدخول على ضرة، فسيقلل من اندفاع الرجل المتزوج وراء شهواته، من المفروض أن تساند المرأة بنت جنسها بدل أن تشاركها زوجها، أما حجة التعدد شرع الله فالعودة للآية والتدبر فيها يكشفان أن التعدد مقيد بشروط.
– ضرة في الحلال خير من أخريات في الحرام.
– التعدد لا يحل مشكلة انسياق الرجال وراء غرائزهم، لا سيما مع وجود النت التي سهلت عليهم تكوين علاقات لا حصر لها ولا تلزمهم عقدا رسميا.
تكريس لحق التواصل
قالت سهام بنمسعود، عضوة في الودادية الحسنية للقضاة وقاضية في المحكمة الابتدائية بمكناس وقاضية تطبيق العقوبات، إن موضوع التعدد يثير جدلا واسعا داخل الوسط الحقوقي ونؤكد أن التعدد تم التنصيص عليه كاستثناء طبقا للمادة 40 من مدونة الأسرة التي جاء فيها “يمنع التعدد إذا خِيف عدم العدل بين الزوجات أو إذا تضمن عقد الزواج شرط الزوجة بعدم الزواج عليها”، كما أن المحكمة لا تأذن بالتعدد وإن توفرت الإمكانيات المادية، إلا إذا توفر الشرط الموضوعي الاستثنائي “كمرض الزوجة وعدم قدرتها على معاشرة الزوج”.
واعتبرت بنمسعود أن فتح مجموعة من المغاربة حسابا على موقع فيسبوك تحت اسم “معا من أجل تعدد الزوجات” يعد تكريسا للحق في التواصل وممارسة لحرية التعبير واختيار فيسبوك كوسيلة يساعد على التواصل والتعبير عن الرأي بكل سهولة وهو بؤرة تكوين الرأي والاتفاق عليه من قبل مجموعة من الأشخاص.
وتعتقد القاضية المغربية في حديثها أن فرضية نجاح التعدد في القضاء على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والنفسية السائدة في المجتمع تكون صحيحة إن كانت مؤسسة الزواج ناجحة، ولكن في ظل الأوضاع الراهنة وتفاقم ظاهرة الطلاق للشقاق من طرف الزوج والزوجة والطلاق الاتفاقي ويمكن القول إن نسبة الزواج توازيها نسبة الطلاق، يثبت أن التعدد ليس حلا ويجب عدم تعليق الانحلال الأسري وفشل الزواج على تكريس المشرع للتعدد كاستثناء وزواج القاصر كاستثناء كذلك، لذلك نؤكد على ضرورة البحث عن الأسباب الحقيقية للمشاكل العائلية التي على رأسها التربية والتعليم والعامل المادي الاقتصادي ومحاولة إعادة تأهيل الأسرة للقيام بالدور المنوط بها.
قد يكون إنشاء “غروبات” على الفيسبوك هدفه تسهيل التواصل وحرية الاختيار، لكنه لا يخلو من لوائح ينضوي تحتها فأغلب هذه المجموعات خاصة وليست مفتوحة للعموم ولا يمكن مشاهدة منشوراتها إلا إذا تم قبول دعوة الصداقة التي يرسلها الراغب في الانضمام إلى المجموعة، علما أن كل مجموعة تروج لصفحة أخرى تحمل الهدف نفسه.
وخيرت مجموعة “مغربيات ومغاربة من أجل تعدد الزوجات وتشجيع الزواج” أن تضع قائمة بشروط الانتساب والتواصل مع بقية الأعضاء؛ “هدف هذه المجموعة هو تقاسم المعلومات والتجارب الخاصة بتعدد الزواج وتشجيع الزواج بين العزاب والمطلقين و الأرامل، المرجو الالتزام بما يلي: يمنع التحرش بالنساء من طرف الرجال أو العكس في التعليقات والمنشورات/ يمنع الكلام الساقط أو الذي يجرح المشاعر ويمنع السب والشتم والجدال… وشكرا لكم جميعا/ مصير المخالفين للقوانين هو الحذف والحظر من المجموعة”.
يحاول أصحاب هذه المجموعات من خلال مثل هذه الترتيبات استقطاب أكبر عدد ممكن من النساء بإيهامهن أن الفضاء الافتراضي آمن وخال من الانحلال الأخلاقي.
وأكدت نادية نواري، إطار بوزارة الصحة وناشطة جمعياتية، في تصريح لها أن النساء بطبعهن يحببن التملك ويكرهن أن يشاركهن أحد خاصة في الزوج وقد تنجم عن زواج الرجل بالثانية عدة حوادث لا حد لها قد تصل إلى حد ارتكاب جرائم، مع أن الدين الإسلامي شرع للرجل التعدد دونا عن المرأة لعدة اعتبارات لعل من بينها المحافظة على توازنات الحياة للرجل والمرأة وبالتالي الحد من ظاهرة الزنا التي أصبحت متفشية بصورة رهيبة بالموازاة مع منع ظاهرة التعدد.
وشددت نواري على أن التعدد إن لم يكن في الحلال سيكون الزنا في الحرام وبالتالي سيرتفع عدد الأمهات العازبات وما يلي ذلك من مشاكل أسرية ونفسية واجتماعية وظهور مشاكل أخرى كاحتراف الدعارة والإدمان، وتنامي تجارة البشر واستغلال النساء بأبشع الصور، إضافة إلى تنامي ظاهرة الأطفال المتخلى عنهم والأطفال الموؤدين أحياء من طرف الأمهات العازبات للتخلص منهم وبالتالي ارتفاع وفيات الأطفال والرضع وارتفاع عدد أطفال الشوارع بكل ما له من انعكاسات وسلبيات وما ينتج عنه من مشاكل اجتماعية المجتمع المغربي في غنى عنها.
وأوضحت أنه بالنسبة للصفحات التي تدعو إلى التعدد تعتقد أن فكرة إنشائها قائمة بالأساس على شرح الظاهرة وتسليط الضوء عليها، نظرا لكونها ستساهم بشكل جزئي في حل بعض الظواهر الإنسانية والاجتماعية والسوسيواقتصادية، وربما تكون منصة للنداء، والترافع من أجل إعطاء حق التعدد للرجل والذي ستستفيد منه أيضا المرأة، كحق لها في الزواج.
وكما يضمن المشرع حقوق المرأة المتزوجة يمكن بهذه الصفحة الترافع لضمان حقوق النساء العازبات في الحصول على زوج وحياة أسرية سليمة وأطفال مع الحفاظ على الحقوق الكاملة للزوجة الأولى وأطفالها، لكن من دون اشتراط إذنها في الزواج بالثانية، وبالتالي تيسير الزواج لمن استطاع إليه سبيلا وضبط حقوق جميع الأطراف.
وأشارت نواري إلى أن هناك العديد من النساء اللاتي يوافقن على زواج الزوج من أخرى بل هناك من تذهب بنفسها لخطبة الزوجة الثانية، وتساعده على اختيارها وليس لديها أدنى مشكلة في ذلك.
في حين استغربت مونية الطراز، باحثة في قضايا المرأة والأسرة، إثارة قضية التعدد في المغرب، “فهذه القضية لا يمكن أن تكون أولوية، فقضايا الأمة كثيرة والمغرب غارق في المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وهو محاط بالمخاطر من كل جهة مما يستدعي الاستنفار ضد الجهل والأمية والفقر وغير ذلك من المشاكل التي نحسبها من أولوياتنا في المغرب”.
ولا ترى الطراز الخوض في موضوع التعدد إلا من قبيل الشغب الذي يستمتع به البعض من الشباب وهم يعلمون أن الموضوع أبعد من أن يكون قضية مجتمع.
وأشارت في تصريح لها إلى أن القرآن يتحدث عن الزواج بخصيصة واضحة تقوم على اقتران فردين من ذكر وأنثى يجتمعان على التآلف والانسجام بما يعنيه ذلك من سكن هو عصب الزواج وأهم مقاصده، ولا يقول عاقل بأن الأوْلى بتحقيق السكينة في الأسرة أن تجتمع الضرتان إلى رجل واحد، فهذا مما لا يعقل وهو مناف للفطرة والأصل، وإذا قبلته أنثى فإنما تفعل ذلك باعتباره واجبا، ولكنها لا تفعل من تلقاء فطرتها ولا تسلم راضية بغير داعي الدين إلا أن يكون تخوفا من ترهيب أو من ضياع أو غير ذلك من العوارض والمضار التي تتقيها بضرر أخف هو التعدد.
وقالت الباحثة المغربية إن الآية الكريمة التي تحدثت عن التعدد تشير إلى الإباحة فعلا ولكنها إباحة أقرب إلى المنع لمن تأمل، وأن ما يثير في المسألة أن بعض الناس جعلوا هذا المباح على ما فيه من تقييد واجبا مقدسا أصبحوا يخوضون من أجله المعارك الوهمية، ويحاولون عقلنة خطابهم فيسندونه بمعطيات اجتماعية واهية كمحاربة العنوسة، بيد أن أمر العنوسة لا يحل بالتعدد، وإنما بتسهيل الزواج وتيسيره، كما أن الكثير من الإناث اللواتي يمكن أن يوصفن بالعوانس هن من اخترن وضعهن لدواع مختلفة والكثير منهن رفضن الزواج.
وختمت الباحثة في قضايا المرأة والأسرة، قائلة إن كانت هذه الدعوى في المغرب تثار بدافع ديني فإن الدين لا يتحدث به تيار واحد وفهمه مشاع لأطياف مختلفة من أهل العلم وخصوصا منهم الذين جمعوا بين معارف الشريعة ومعارف الواقع.
مقاومة الظاهرة
في النهاية لا يعالج هذا الانتقال إلى الفضاء الافتراضي لب القضية ولا يحفظ للمرأة حقوقها وكرامتها سواء بالنسبة للزوجة الأولى أو الثانية، لا سيما وأن بعض العلاقات عن بعد تكرس للتلاعب بالمشاعر وتفتح الباب أمام الرجل للتعدد في علاقاته النسائية قبل تعدد زوجاته، وقد يتم التحرش بالمرأة عبر استغلالها عاطفيا وجرها إلى علاقة محرمة من قبيل فتح الكاميرات بالمسنجر ودفعها إلى التجرد من بعض ملابسها.
ورغم وجود مثل هذه المجموعات الافتراضية التي تضم عدد كبيرا من النساء، فإن هناك وعيا نسويا بضرورة التخلص من ظاهرة التعدد، حيث قالت خديجة الرويسي، وهي ناشطة حقوقية مغربية ورئيسة جمعية “بيت الحكمة”، في تصريح صحافي إن ”من بين القوانين المجحفة التي لا نزال نأمل في إلغائها نهائيا تعدد الزوجات لأنه لا يحترم شعور المرأة وإنسانيتها ولا يحمي الأسرة والأطفال”.
وأضافت “الدين لم يحرم التعدد لكن الله تعالى وضع شروطا صارمة على التعدد تقترب من التحريم باشتراطه العدل وجزمه في الوقت نفسه بصعوبة تحقيق هذا الشرط (ولن تعدلوا)”.
وتتفق ناشطات في مجال حقوق المرأة على أن ”الإشكاليات المطروحة في هذا المجال متعددة“ مسجلات ”إيجابية القانون بالرغم من أنه لا يطبق بالصفة التي وجد من أجلها”.
وأكدت الرويسي أن الإشكاليات مرتبطة ”بتغيير العقليات ومحاربة الرشوة والفقر والجهل والأمية خاصة في أوساط النساء”.