اغتصاب جماعي وتعذيب لفتاة قاصر يهزان المغرب
الخميس 2018/08/30
أخذت قضية القاصر خديجة ذات الـ17 ربيعا، التي اغتصبت من قِبل 10 أشخاص بمنطقة ولاد عياد ضواحي الفقيه بنصالح، بجهة تادلة ازيلال، وسط المغرب، أبعادا تضامنية واسعة من هيئات حقوقية وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين ناشدوا الجميع بتقديم يد العون للضحية ومواكبتها نفسيا وجسديا ومطالبتهم بإنزال أشد العقوبات على هؤلاء الذين وصفوهم بـ”الوحوش البشرية”.
وكانت الضحية خديجة قد وقعت بين مخالب عشرة أشخاص اقتادوها إلى منزل مهجور ومارسوا عليها جميع أنواع التعذيب والاغتصاب لمدة شهرين، قبل أن يلقوا بها في أحد الأماكن وتمكّن شخصان من العثور عليها بإحدى الجنان، بعدما تكاثفت جهود السلطات الأمنية لإيجادها.
وسم #كلنا_خديجة، كان شعار الحملة التضامنية التي طالب من خلالها نشطاء المصالح المختصة بالتدخل لإنقاذ الفتاة المتدهورة نفسيا، والبحث في القضية لمعاقبة الجناة، خصوصا أن أولئك الأشخاص عرّضوا الضحية بعد احتجازها للكي باستخدام السجائر والضرب وتناوبوا على اغتصابها والوشم في عدّة مناطق من جسمها. وتمكنت عناصر الدرك الملكي، السبت، من توقيف 3 أشخاص يشتبه في تورطهم في قضية اغتصاب خديجة، بعدما أوقفت 8 من المشتبهين فيهم، وأحالتهم على الوكيل العام للملك في محكمة الاستئناف بمدينة بني ملال، في انتظار انطلاق أولى جلسات محاكمتهم، في 6 من شهر سبتمبر المقبل.
وفي هذا الإطار يعتقد سعيد بنيس أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح له ، أن القوانين تردع المذنب لكنها لا يمكن أن تساهم بشكل كبير في الوقاية، وأظن أن الدور هنا هو دور محاضن التنشئة (المدرسة، العائلة، النقابات، الأحزاب، الجمعيات…)، والجيل المستهدف هو الجيل القادم عبر نهج تنشئة مستدامة.
خديجة وقعت بين مخالب عشرة أشخاص اقتادوها إلى منزل مهجور ومارسوا عليها جميع أنواع التعذيب والاغتصاب
ورغم تعالي الأصوات بضرورة تشريع قوانين رادعة للمعتدين إلا أن الباحث المغربي سعيد بنيس، يرفض فرض عقوبات زجرية على المغتصبين، من قبيل الإعدام والإخصاء، مؤكدا أن المقاربة الأمنية وحدها غير كافية للحد من الظاهرة، بقدر ما نحتاج إلى مقاربة ثقافية وفكرية، لأن الردع وحده ليس علاجا. وقال الأب محمد أقرو أن ما تعرضت له ابنته من اغتصاب ووشم وكيّ بتلك الطريقة الهمجية من الممكن أن تتعرض له أي فتاة أو امرأة، وأنه لن يسامح في حقها لتأخذ العدالة مجراها مع هؤلاء الذين ينتمون إلى نفس الجماعة.
وطالب ناشطون جميع الأطباء المتخصصين من أجل إزالة الوشوم التي تركها المغتصبون من على أعضاء جسد الضحية، ونظرا إلى أن تلك الوشوم لازالت في مرحلتها الأولى فعمليا كما أكد أطباء مختصون فإنه بالإمكان مسحها ومعالجة أثارها بشكل سريع وسهل.
ونظرا إلى الحالة المادية الضعيفة لعائلة خديجة التي لا تؤهلها لمتابعة حالتها لدى مختصين لمحو آثار الوشم وأيضا معالجة الآثار النفسية التي خلفتها تلك المدة من الممارسات السادية ضد ابنته، فقد أكد والد خديجة، أنه تلقى اتصالات من أطباء من مختلف المدن المغربية ودول أخرى يقدمون يد المساعدة.
وفي هذا الصدد أعلن فواز زهمول المتخصص في فنون الوشم، من تونس، عن تمكنه من التواصل مع والد القاصر مؤكدا أن والد الطفلة أخبره عن وضعها الصحي والنفسي وبأنها “تعاني من الألم الجسدي والصدمة”، فأعلن فواز عن استعداده لإزالة الوشوم وبأن فريق عمل يحاول إيجاد وسيلة لنقل خديجة إلى تونس، لأن العائلة فقيرة جداً وتعيش في منطقة نائية في المغرب.
ورغم نفي بعض عائلات المتهمين قيام أبنائهم بتلك الأفعال المنسوبة إليهم وإلقاء المسؤولية على الفتاة، فقد علق رواد التواصل الاجتماعي على ضرورة تربية الأبناء ومواكبتهم ومن يقترف الذنب يستحق العقوبة، ومهما فعلت فهي إنسانة وليس هناك مبرر للاعتداء.
ونظرا إلى أن الشاب المغتصِب لا يرى في فعل الاغتصاب فعلا سلبيا يشجبه المجتمع بل يمثّل الرجولة والقوة والكمال الاجتماعي، فقد طالب الباحث سعيد بنيس، بوضع آليات لتتبع الجناة والإنصات للشباب وفهم تفكيرهم الذي يدفعهم إلى التحرش، موردا أن الحلول الأمنية تكون مواكبة وليست عبارة عن ردود فعل عبر القيام بحملات أمنية مشددة.